يعد الفساد الدافع الرئيسي لثورة 25 يناير والمحرك الأساسي للتغيير الذي تشهده مصر حاليا، ففساد النظام الأسبق كان أشبه بخلايا السرطان، استشرت في كافة أرجاء الوطن، وفاق كل التصورات، وتعدي كل الحدود. ولم تسلم وزارة الآثار من الفساد الذى طال جميع أركان الوطن كالجراد المنتشر الذى يلتهم الأخضر واليابس، حيث تحقق نيابة الأموال العامة الآن فى عدة بلاغات فساد مالى وإدارى وسرقة داخل هندسة المنطقة الأثرية بالهرم. تنفرد "البديل" بنشر تفاصيل تلك البلاغات من خلال المستندات المقدمة للنيابة العامة.. بدأ الإهمال منذ ترميم متحف بورسعيد القومى، والاستغناء عن السور الحديدى الخاص بالمتحف بتاريخ 11/1/2010، حيث أصدرت لجنة المعاينة التابعة لقطاع المشروعات بوزارة الآثار للحديد المشغول، توصياتها بإمكانية إعادة استخدام بكيات الحديد وإعادة تشغيلها بطول لا يقل عن 150 مترًا، وجرى الاتصال بالمهندسة نيفين المغربى، مديرة أعمال هندسة الهرم لإضافة هذا الحديد بمخازن منطقة الهرم الأثرية؛ لاستخدامها فى أغراض تخدم الصالح العام؛ لما تتميز به هذه البكيات من خامات جيدة ذات مواصفات عالية الجودة، فهى مصنوعة من قطاعات لا تقل عن 1.5 * 1.5 وذات شكل جمالى وأبعاد كبيرة؛ مما يوفر على وزارة الدولة للآثار مبالغ مالية لا تقل عن مليون جنيه تقريبًا. وبالفعل تم نقل الحديد المشغول من متحف بورسعيد القومى إلى مخازن هندسة منطقة الهرم الأثرية، وتوضح المستندات أنه عندما خاطب مدير عام منطقة آثار إمبابة بأبو رواش، مدير عام الإدارة الهندسية للآثار المصرية بتاريخ 21/7/2011، باحتياج المنطقة حديد "سور" لإحاطة المنطقة وحمايتها، أصدر توصياته بتوريد حديد متحف بورسعيد القومى "المشغول". وعندما ذهبت لجنة معاينة أعمال الهندسة بمنطقة إمبابة، فوجئت بأن السور الحديدى الذى تم تركيبة، مخالف تماما للمواصفات، ومختلف فى شكل باكيات الحديد الوارد من متحف بورسعيد القومى المذكورة فى محضر الفحص المشار إليه، وتم إثبات هذه الحالة بمعرفة أعضاء من إدارة التفتيش المالى والإدارى وأعضاء فنيين من الورش المركزية ومدير عام وأعضاء من منطقة آثار إمبابة بأبوراش. وتشير المستندات إلى أن مدير الشئون المالية والإدارية بمنطقة آثار إمبابة بأبو رواش، أفادة بأن السور الحديدى الوراد من هندسة منطقة الهرم، لم يتم عمل لجان تسليم وتسلم ولم يتم تكليف أحد من المتخصصين فى أعمال الحديد بورش هندسة الهرم الأثرية لتركيب السور، ولكنها نفذت الأمر بمعرفتها. من جانبه، قال أنور مصطفى، المهندس بقطاع المشروعات فى وزارة الآثار وأحد أعضاء اللجنة المنوطة بالتحقيق والمرور على منطقة آثار الهرم ومقدم البلاغ للنيابة، إنه جرى الموافقة على صرف الحديد دون إجراء معاينة وتحديد أطوال ورسومات وعمل مقايسات فنية وتثمينية ودون اعتماد السلطة المختصة وفقا للوائح والقوانين. كما أشار إلى أن الحديد الذى تم تركيبة بمنطقة آثار إمبابة ليس الوارد من متحف بورسعيد، وتم استبداله بآخر أقل في الجودة والوزن، بالإضافة إلى أن الحديد الوارد من متحف بورسعيد كان مشغولا وبه نقوشات، لكن ما تم تركيبه خالى تماما من تلك النقوشات. وأوضح "مصطفى" أن الإدارة الهندسية بمنطقة آثار الهرم تمتاز بالفساد طيلة الفترة الماضية، واحتوائها على عدد كبير من العمالة المدربة على مستوى فنى عالى تابعة للمجلس الأعلى للاثار، ولكنهم غير راضين عن نهب وسرقة حقوقهم المالية.