تسبب تفجير مديرية أمن القاهرة، الذي وقع صباح اليوم الجمعة، في ضياع وتلف مجموعة مهمة من المخطوطات والبرديات النادرة ترجع إلى العصور الأموية والمملوكية والعثمانية، بعد أن حطم الانفجار معظم ديكورات المتحف، والأسقف الداخلية، وهشم النوافذ الزجاجية للمبنى والصناديق الزجاجية للمقتنيات الأثرية، ومن بينها المحراب الخشبى النادر للسيدة رقية الذى تحطم بالكامل. وللتعرف على حجم الخسائر الناتجة عن تفجير اليوم، استطلعت «البديل» آراء الخبراء والأثريين.. قال محمد الشيخة – رئيس قطاع المشروعات بوزارة الآثار، إنه تم تشكيل لجنة لحصر الخسائر الناجمة عن الانفجار بواسطة جميعة الإنقاذ التابعة للوزارة، وتبين أن التفجير تسبب فى تدمير معمارى للمبنى بالكامل من شبابيك وكهرباء وأبواب إلكترونية بالإضافة إلى الأسقف والتأمين الإطفائى والأبواب، وتم تشكيل لجنة هندسية أخرى من كلية الهندسة والمكتب الاستشارى لجامعة القاهرة للاطمئنان على المنشأ نفسه الخاص بالمتحف لمعرفة مدى سلامته المعمارية. وأشار الشيخة إلى أن المتحف تم ترميمه عام 2010 بتكلفة 107 مليون جنيه، ويحتاج حاليا إلى أضعاف هذا الرقم من أجل عودته مرة أخرى، ونعمل الآن على جمع المقتنيات الأثرية داخل المتحف حيث يتم نقلها إلى المخازن التابعة لوزارة الآثار وقد يستغرق ذلك ثلاث أيام. موضحا أن مياه الإطفاء أتلفت الكثير من الأخشاب والبرديات والأنسجة الأثرية، والعديد من المخطوطات. من جانبه، ذكر الدكتور حجاجى إبراهيم – أستاذ الآثار الإسلامية، أن متحف الفن الإسلامى تنقسم أروقته تبعًا للعصور والعناصر الفنية والطرز، بداية من العصر الأموي ومرورًا بالعباسي والأيوبي وصولًا إلى المملوكي والعثماني، ويضم مقتنيات أسرة محمد على من أسلحة وسيوف من الذهب المطعمة بالمجوهرات والأحجار الكريمة، كما أن المتحف فى مجمله يضم 10 أقسام فنية، هي «المعادن، والعملات، والأخشاب، والنسيج، والسجاد، والزجاج، والزخرف، والحلي، والسلاح، والأحجار، والرخام». وأضاف «إبراهيم» أن من بين مقتنيات المتحف خطى إبريق مروان بن محمد عام 132 ه، بالإضافة إلى مخطوطات نادرة تخص كتاب «فوائد الأعشاب» للغافقي، ومصحف نادر من العصر المملوكي، وآخر من العصر الأموي مكتوب على ورق الغزال، بالإضافة إلى مفتاح الكعبة المشرفة من النحاس المطلي بالذهب والفضة باسم السلطان الأشرف شعبان، وأقدم دينار إسلامي تم العثور عليه حتى الآن ويعود إلى عام 77 هجرية. وقالت الدكتورة مونيكا حنا – عالمة الآثار وأحد أعضاء الفريق الذي عاين الأضرار بالمتحف، إن المتحف تأثر بشكل كبير جراء حادث الانفجار، حيث دمّرت أغلب مقتنياته، أما مكتبة المخطوطات التي تعلو المتحف، فقد دمرت فيها 8 مخطوطات وتأثرت مخطوطات أخرى بمياه إطفاء الحريق. ترجع فكرة إنشاء المتحف إلى عهد الخديوي توفيق سنة 1869، حيث جمعت في الإيوان الشرقي من جامع الحاكم، وصدر مرسوم سنة1881 بتشكيل لجنة حفظ الآثار العربية، ولما ضاق هذا الإيوان بالتحف بني لها مكان في صحن هذا الجامع، حتى بني المتحف الحالي في ميدان أحمد ماهر في شارع بورسعيد – شارع الخليج المصري قديمًا – وكان يعرف جزؤه الشرقي بدار الآثار العربية، وجزؤه الغربي باسم دار الكتب السلطانية. افتتح المتحف لأول مرة في 9 شوال من عام 1320 هجرية / 28 ديسمبر 1903 ميلادية، في ميدان "باب الخلق"، أحد أشهر ميادين القاهرة الإسلامية. سُمّي بهذا الاسم منذ عام 1952، لأنه يحتوي على تحف وقطع فنية صنعت في عدد من البلاد الإسلامية، مثل إيران وتركيا والأندلس والجزيرة العربية، وكان قبل ذلك يسمّى ب "دار الآثار العربية"، وللمتحف مدخلان أحدهما في الناحية الشمالية الشرقية، والآخر في الجهة الجنوبية الشرقية وهو المستخدم الآن، وتتميز واجهة المتحف – المطلّة على شارع بورسعيد – بزخارفها الإسلامية المستوحاة من العمارة الإسلامية في مصر في عصورها المختلفة.