الأوساط الثقافية المصرية وجدت ما يشغلها هذه الأيام، بمتابعة ثمار الجوائز الأدبية الأكثر إثارة للجدل «نجيب محفوظ، ساويرس، البوكر»؛ لما ترسمه من ملامح المشهد الأدبي والروائي على وجه الخصوص، وبإعلان القائمة الطويلة للبوكر، بعد وقت قصير، من إعلان جوائز سابقتيها، انفتح باب الجدل على مصراعيه. سألت «البديل» عما آلت إليه الكتابة الإبداعية، من خلال تحليل الكُتاب للإصدارات التي تردد اسمها في حفلات توزيع الجوائز وكذلك الترشيحات، بالإضافة إلى متابعة مسيرة الذوق العام للقارئ المصري، وهل يمكن اعتبار الروايات صاحبة الجوائز، مؤشرًا ما للاتجاهات الأدبية أو النقدية، أم أن الأمر لا يسير وفقًا لمعايير واضحة؟ انتقد الكاتب الدكتور أحمد الخميسي، الروايات المصرية المعلنة بالقائمة الطويلة لجائزة الرواية العالمية «البوكر» في نسختها العربية للعام الجاري، قائلا: إن الأعمال المرشحة لا تمثل المشهد الروائى المصرى في الفترة الأخيرة. وأوضح أن مشكلة الجائزة الحقيقية، تكمن فى فشل فحص لجان التحكيم للروايات المطروحة، مؤكدًا أن هذه الترشيحات "تحط من شأن الجائزة"، قائلا: الروائي الشاب أحمد مراد يكتب في المنطقة الشائعة ما بين الأدب والصحافة، نفس الطريق الذى حفره الروائي علاء الأسواني، فلم يحسب له أي تجديد حتى تصل روايته لقائمة البوكر. "لا شك أن إبراهيم عبد المجيد كاتب كبير، لكن روايته «إسكندرية في غيمة» المدرجة ضمن القائمة، صدرت منذ فترة طويلة ضمن ثلاثية إسكندرية، في حين ظهرت روايات عديدة جديرة بالجوائز"، هكذا تابع «الخميسي»، ممتنعًا عن التعليق على وصول «منافي الرب» للروائي أشرف الخمايسي لنفس القائمة. اختلف مع «الخميسي» الشاعر والناقد شعبان يوسف، موضحًا أن الروايات المعلن عنها ليست بالضرورة تمثل المشهد الروائي المصري، لأن الترشيحات ترجع إلى أذواق لجان تحكيم المسابقة؛ منتقدًا احتجاج كثير من الكتاب على ما ترشحه الجوائز من أعمال إبداعية. وقال: «رغم وجود روايات مصرية ضعيفة ضمن المسابقة، إلا أنني لست مستاء، لأن نتائج الجوائز تخضع إلى ذوق النقاد في اللجنة، بل ربما يؤثر ناقد واحد على باقي الأعضاء». برغم اختلافه السياسي مع «أشرف الخمايسي» بسبب توجهه اليميني وانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، إلا أنه سعيد بوصول روايته «منافي الرب» للقائمة الطويلة للبوكر. مؤكدًا على وجود الكثير من الروايات التي تستحق الجوائز، والتي لم يحالفها الحظ حتى الآن، ومنها -حسبما ذكر- «باب الليل» للروائي وحيد الطويلة، «تلج القاهرة» للروائية غادة عبد الرحمن. الكاتب والروائي «صبحي موسى» يرى أن البوكر جائزة مربكة على كل المقاييس، قائلا: إنها دائما ما تفاجيء الوسط الثقافي العربي باختيارات تدور حولها علامات استفهام. موضحًا أن القائمة الطويلة لهذا العام تدعم هذه الحالة المربكة، وتجعلنا نتساءل «هل تسعى هذه الجائزة إلى تغيير الذوق الثقافي العربي إلى اتجاهات غير مهمة؟ وكيف يفكر القائمين عليها؟». واعتقد صاحب «أساطير رجل الثلاثاء» أن القائمين على الجائزة "لا يقرأون جيدًا، بل يكتفون بترشيح الأسماء المشهورة، دون النظر إلى قيمة العمل، والدليل على ذلك وصول رواية «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة» للروائي السوري خالد خليفة، والفائزة بجائزة نجيب محفوظ لهذا العام، إلى القائمة الطويلة للبوكر، وكأنهم وجدوا أنه من غير اللائق أن تفوز هذه الرواية بالجائزة ولا ترشح للقائمة الطويلة). على عكس الجميع، قال القاص والروائي سعيد الكفراوي، إن الخلاف بعد كل جائزة (شيء مشروط ولابد من حدوثه في واقع ثقافي مزدحم وكُتاب ينتظرون أن تسير النتائج برضى الجميع). ورغم انتقاد عدد كبير من المثقفين للقائمة الطويلة لجائزة البوكر، أكد «الكفراوي» أنها تضم عددًا من (أهم الروائيين العرب، ولا يهم أن تمثل الروايات المرشحة لجائزة البوكر الواقع الأدبي في الشارع المصري؛ لأنها من ترشيح دور النشر وليس الكاتب)؛ قائلًا: نشرت في دار الشروق رواية أرى أنها أولى بالتقديم للبوكر، لكن الدار رأت أن رواية إبراهيم عبد المجيد أكثر أهمية، فقدمتها للجائزة. وعن جائزة نجيب محفوظ، التي فاز بها الكاتب السوري خالد خليفة، قال «الكفراوي» إنه كاتب "موهوب ومؤثر، وله العديد من الروايات التي تشهد أنه من الموهوبين الكبار". كما سجل عدم اعتراضه على فوز مبدع واحد لأكثر من مرة على التوالي بجائزة ساويرس الثقافية، حتى لو نالها 10 مرات ما دام هو الأجود.