لكل عيد طقوسه ومستلزماته، وعيد الأضحى المبارك يتميز باختلاط الجانب الروحاني منه بالاحتفالي المبهج، حيث تذبح الأضاحي وتوزع اللحوم على الفقراء في جو من التكافل والرحمة التي نادي بها الإسلام ،وفي نفس الوقت هو عيد مبارك يفتح الكثير من أبواب الرزق لكثير من أصحاب المهن، التي يزداد الإقبال على منتجاتها في العيد، كمحلات بيع أدوات الذبح والشواء وبائعي الرقاق، والفحم، والخبز المحمص للفتة، وهو ما رصدته "البديل" في جولتها لرصد كيفية استعداد أصحاب هذه المهن لعيد الأضحى المبارك. قال الحاج يوسف عليوة- صاحب محل فطائر – "عيد الأضحى ميكملش غير بصواني الرقاق باللحمة المفرومة، ومن ثم يستعد المحل قبل الوقفة بعشرة أيام بتكثيف الكميات المخبوزة من الرقاق، فبدلا من جوال من الدقيق كل يومين، نخبز ثلاثة أجولة ،حتى نستطيع نكفي طلبات الزبائن". وأضاف أن سعر كيلو الرقاق 10 جنيهات، وهو سعر معقول لربة المنزل التي تستطيع تجهيز صينيتين رقاق من الكيلو الواحد، مشيرا إلى أن الإقبال الجماهيري معقول، في ظل الظروف الحالية من عدم الاستقرار الأمني وسوء الأوضاع الاقتصادية، موضحا أن الشعب المصري لديه عزيمة وقوه تجعله يتغلب علي المحن، وانه شعب يحب الأكل والفرحة، وينتظر الأعياد لينسي همومه. بينما تجلس المعلمة – أم محمد – أمام محلها الكبير وتحيطها السكاكين والسواطير من كل جانب لتقول بابتسامة تملأها الحزن "فين أيام زمان والاحتفال بالعيد، ورثت هذا المحل من والدي، ومنذ 30 عاما لم يمر عيد أضحي أسوأ مما نري هذا العام، بنشحت الزبون لكي يشتري شواية أو سكاكين للذبح". أضافت أن السوق يعاني من ركود كبير، مرجحة أسبابه بحالة الخوف المسيطرة على المواطنين، فيسمعون كل يوم انفجار قنبلة في مكان مختلف، فضلا عن أن حكم الإخوان "خرب البلد"، وبدلا من تطبيق الشريعة والدين الإسلامي قتلوا الناس وسرقوهم، ومن ثم الحالة الاقتصادية ساءت بشكل مضاعف عما كانت عليه أيام مبارك، وفقد الكثيرون أعمالهم. أما عن أسعار أدوات الذبح، قالت السواطير يتراوح سعرها حسب الحجم فتبدأ ب15 جنيها إلى 60 جنيها، أما شوايات اللحوم تبدأ من 10 جنيهات للشواية الصغيرة إلى 130، مشيرة إلى أن الإقبال على شوايات الفحم أصبح نادرا جدا بعد ظهور شوايات الكهرباء، لأنها رخيصة وعملية ولا ينتج عنها أدخنة. ويضيف علي عبد الفتاح – عامل بورشة سن السكاكين وصناعة القرمة – "إن الجزارين قبل عيد الأضحى يحضروا عدة شغلهم المكونة من السواطير والسكاكين الكبيرة والصغيرة، التي تختلف في أنواعها ما بين سكين للذبح وأخري لفصل الجلد عن العظم، وأخرى لصناعة البوفتيك". وبما انه لا يوجد أشهى وألذ من اللحمة المشوية، فكان ضروري التعرف على الفحم، وتستطيع أن تصل لمحلات الفحم بمنتهي السهولة حيث السواد يغطي أرضية الشارع وواجهة المحل وملابس البائع، ويقول محمد شيشة – صاحب محل فحم بالسيدة زينب – أن أفضل أنواع فحم الشواء تكون من خشب أشجار الموالح، وفحم الجازورينا والصنط، وأسعار الكيلو تتراوح مابين 3 إلى 5 جنيهات. وأشار إلى أن أجود أنواع الفحم تأتى من الشرقية والمنوفية والقليوبية، وفحم سريع الاشتعال للشوي دون إضافة بنزين أو جاز عليه، فضلا عن استمراره مشتعلا اكبر وقت ممكن . وعندما تكون الفتة هي الطبق المفضل علي مائدة السفرة بعد صلاة العيد وبعد ذبح الأضحية، فمن أهم مكوناتها الخبر المحمص، والذي يفتح بابا لرزق هؤلاء الباعة الفقراء، واستطاعت "البديل" الالتقاء بهذه السيدة المصرية التي تجلس في الشارع وبجوارها أطفالها الصغار تعمل كخلية نحل بخمارها الرمادي وفستانها الفلاحي، تعبئ الشنط وتسلمها لسائقي السيارات الملاكي، وهي في نشاط بالغ، وترد علي مطالب الزبائن الذين يقفوا أمام طاولتها الصغيرة المليئة بالخبز الشهي. إنها أم محمود بائعة الخبز المحمص، قالت أيام العيد الكبير كلها خير ورزق، لا أعود منزلي برغيف واحد، هناك إقبال كبير من الزبائن، خاصة أن طبق الفتة بالخل والثوم لا يكتمل إلا بالخبز المحمص. أضافت أنها تشتري الرغيف الواحد 40 قرش، وتبيعه ب50 قرش، مضيفة أن زوجها أصيب بحادث خلال الأيام الماضية، وهو يعمل بائع خبز من الأساس، ولكنها قررت ألا يمر هذا الموسم وخيره دون بيع، وطلبت منه النزول للعمل بدلا منه. قالت ام محمود أن هناك كثيرون من المصريين الجدعان الذين يمرون عليها أثناء جلوسها ويقدمون لها لحمة العيد، مضيفة أنها تتمني صلاح الأحوال للبلاد وألا تسقط دماء جديدة من المصريين.