حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاقات الإخوان بالأمريكان : حلف غرام الأفاعى الذى سقط
نشر في البديل يوم 09 - 10 - 2013

يخطئ من يعتقد أن علاقات الإخوان بالأمريكان بدأت بعد 30/6/2013 حين قامت الموجة الثانية للثورة المصرية ، ثورة 25 يناير ، وأطاحت بحكم الإخوان ، فتقدم أوباما وماكين وجون كيرى وبيرنز وآخرين بالزيارات والضغوط المتتالية على الإدارة المصرية الجديدة ، ولكنها بدأت قبل ذلك بسنوات طوال ، بدأت منذ الأربعينات وازدادت أيام عبد الناصر وقويت فى عهد السادات ومبارك .
* يحدثنا التاريخ أن علاقات الإخوان بالأمريكان لم تبدأ فى 2011 و2012 حين زار مكتب الإرشاد على مدار العامين حوالى 12 من كبار رجال المخابرات والساسة الأمريكان وفى مقدمتهم آن باترسون سفيرة أمريكا فى مصر أو وليم بيرنز مساعد وزير الخارجية (فى زيارته لمقر حزب الحرية والعدالة وكانت فى 10/1/2012) وكان فى استقباله وقتها (الكتاتنى وعصام العريان) لقد كانت العلاقات أقدم وأعقد من ذلك ، وكان ولايزال التنظيم الدولى للإخوان دوراً مهماً فى ترسيخ هذه العلاقات وفى إشعال النار فى مصر مؤخراً وفى تحريك حكام الغرب ضد الجيش والشرطة المصرية ، ورغم ذلك كانت هذه العلاقات مع واشنطن فى محصلتها النهائية ذات نتائج سيئة على الإخوان قبل الأمريكان الذين زادت كراهية الشعب المصرى لهم بعد علمه بتلك العلاقات الغامضة .
* لقد كانت الأحداث الدامية المتتالية بعد 30/6/2013 ، والتى مثلت أكبر صدام تاريخى مسلح بين جماعة الإخوان ومن حالفها من تيارات الإسلام التكفيرى ؛ ضد (الدولة) ممثلة فى جيشها وشرطتها ، و(الشعب) ممثلاً فى أغلب قواه الوطنية وجمهوره الواسع ، مثلت تلك الأحداث لحظة تاريخية فارقة فى قراءة ومتابعة العلاقات السرية بين واشنطن والإخوان ومثلت أعلى نموذج فى الضغوط والتدخل السافر فى شئون مصر ، وكان الدور الأبرز والأخطر فيها هو دور السيناتور جون ماكين رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكى والمعروف بأنه رجل إسرائيل فى واشنطن نتيجة انحيازه الأعمى والتاريخى ضد الفلسطينيين والعرب ، ودفاعه المستميت عن الكيان الصهيونى ، وهو الذى كان يدعو إلى إحراق وهدم الكعبة المشرفة دفاعاً عن إسرائيل (ترى لماذا لم يتذكر الإخوان ذلك؟) ، لقد فضح ماكين وآن باترسون ووليم بيرنز ومن قبلهما هيلارى كلينتون وجون كيرى ، العلاقات الخاصة والقوية التى ربطتهم بإخوان مصر ، وكانت زيارتهم المتكررة للبلاد بعد 30/6/2013 لإنقاذ الإخوان من المصير البائس الذى آلت إليه جماعتهم فى مواجهة الشعب والجيش ، أكبر مثال على عمق وقوة العلاقات بين الإخوان والولايات المتحدة ؛ ومثل الهجوم الرسمى الأمريكى والتهديد بقطع المعونات (وياليتهم فعلوا فتلك المعونات تخدم واشنطن سياسياً واقتصادياً منذ 35 عاماً وحتى اليوم بشهادة الخبراء المتخصصين أكثر مما خدمت مصر !!) والتهديد الذى نفذ بإيقاف مناورات النجم الساطع وهذا لو يعلم الأمريكى ؛ كان فعلاً إيجابياً لصالح الجيش المصرى الذى كانت تتم عملية اختراقه وتوظيفه من خلال المناورات لصالح الاستراتيجية والضغوط الأمريكية فى العدوان على المنطقة (من أفغانستان إلى العراق وسوريا) .
إن هذه التدخلات والضغوط منذ 30 يونيو 2013 كشفت الأسرار وفضحت التاريخ ، ولكن دعونا نتأمل ونتابع ونعيد قراءة التاريخ السرى (والعلنى) لعلاقات الإخوان بالأمريكان .. فماذا عنها ؟ .
***
هل ساعدت واشنطن محمد مرسى ب 50 مليون دولار ؟!
يحدثنا التاريخ إنه عقب انتهاء مراسم تنصيب محمد مرسي رئيسا منتخبا لمصر، فجر عضو الكونجرس الأمريكي فرانك وولف قنبلة من العيار الثقيل، حيث تقدم بمذكرة قانونية للكونجرس الأمريكي يطالب فيها بالتحقيق مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في المستندات المنسوبة إليهما من جهات أمنية أمريكية تفيد دعمهما لجماعة الإخوان المسلمين ب50 مليون دولار في الانتخابات الرئاسية المصرية في جولة الإعادة لصالح محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة، وقال وولف الذي يعتبر واحدا من أشهر أعضاء الكونجرس عن ولاية فرجينيا إنه يمتلك الأدلة والمستندات التي تكشف كيف تلاعب أوباما وكلينتون بأموال الشعب الأمريكي لتصعيد مرشح جماعة الإخوان في مصر، وأن البيت الأبيض قرر التضحية بمصالح الشعب الأمريكي مقابل إقامة جسور من العلاقات مع الإخوان وبعض الجماعات الإسلامية في مصر، مؤكدا أن أمريكا وافقت علي مساندة جماعة الإخوان بعد تعهدات شاملة من تلك الجماعة بالحفاظ علي المعاهدات الدولية خاصة اتفاقية كامب ديفيد، ومعاهدة السلام مع إسرائيل ، تزامنت تصريحات فرانك وولف مع العديد من الزيارات التي قام بها أعضاء في حزب الحرية والعدالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك التصريحات التي أدلى بها مجموعة من قيادات الجماعة في حينها، وعلى رأسهم خيرت الشاطر الذي قال ل"الواشنطن تايمز": إن الجماعة ملتزمة تماما بالاتفاقيات الدولية، وإن حماية أمن إسرائيل جزء من تلك الالتزامات، ونشرت الصحيفة الأمريكية تقريرا في صدر صفحتها الأولي قالت فيه إن جماعة الإخوان المسلمين تسعى لتحالف مع الولايات المتحدة، مقابل التزامها الشامل بمعاهدة "كامب يفيد" وحماية أمن إسرائيل، مقابل الدعم الأمريكي، ووصول مرشحهم إلي الحكم.
* وعلى ذات المستوى نقرأ التصريحات الإخوانية التالية :
- صرَّح محمد غانم القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، بأنّه من الخطأ الحديث عن ضرورة أن تُبادِر مصر بقطع علاقتها مع إسرائيل عقب نجاح الثورة.
وأكّد غانم في تصريحات لشبكة "برس تي في" على عدم صِحّة الأصوات المطالبة بإنهاء علاقات مصر مع إسرائيل، مشيرًا إلى أنّ مثل هذه الخطوة ستعود بمصر إلى الوراء كما كان الوضع من قبل.
- ذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية أن إسرائيل وأنصارها فى أمريكا يشعرون بالقلق عقب إعلان وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون عن وجود اتصالات محدودة بين الولايات المتحدة وجماعة الإخوان المسلمين فى مصر ، ويذكر أنه قد تم لقاء سابق في عام 2007 علي مستوي الوفود البرلمانيه بين الاخوان المسلمين والولايات المتحده الامريكيه وقد تم هذا بعلم فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق .
***
شهادة فرنسية على علاقات الإخوان بال C.I.A
ومنذ أيام قليلة ذكر الموقع البحثي الفرنسي "ميديا بارت" في مقال له أنه لا يخفي على أحد أن الإخوان المسلمين الذين وصلوا إلى الحكم في مصر منذ عام، على علاقة وثيقة مع الاستخبارات الأمريكية والسلطات الأمريكية.
وأشار إلى أن العلاقة وصلت لدرجة أن الولايات المتحدة تصف ثورة 30 يونيو التي وقعت خلال الأيام الماضية بانقلاب عسكري، مضيفًا أنه حتى في حرب القوى الغربية على النظام السوري وبشار الأسد، نجد الإخوان المسلمين المصريين في طليعة هذا الهجوم الاستعماري الغربي على سوريا مما يؤكد عمالتهم المباشرة لواشنطن والغرب .
وأوضح نقلًا عن صحيفة "لو بوا" الفرنسية أن الولايات المتحدة منذ ستينات القرن الماضي تمول الإخوان المسلمين، فقد خصصت لهم صناديق بنكية تحت عنوان "اي 4320″ باسم سعيد رمضان- صهر حسن البنا- الذي طرده عبد الناصر من مصر بسبب اكتشاف تجسسه لصالح الأمريكان في عام 1959، ففر إلى سويسرا.
ووفق وثيقة سرية للمخابرات السويسرية بتاريخ 5 يوليو 1967 تشير إلى أن سعيد رمضان كان عميل للإنجليز والأمريكان، كما أنه كان يحظى بالترحيب من قبل الاستخبارات السويسرية.
وأضافت "لو بوا" نقلًا عن كتاب ألفه الصحفي الأمريكي "لان جونسون" أنه خلال الحرب العالمية عملت المانيا على التنسيق مع التيارات الشيوعية في البلدان المسلمة، غير أن الولايات المتحدة عملت بعد ذلك على التعاون مع الإخوان المسلمين للتصدي لهذه التيارات. وفي يوليو 1953 استدعت الولايات المتحدة وفد يضم مسلمين بينهم سعيد رمضان.
كما نشر موقع "أمه" الممثل للجالية الإسلامية في فرنسا في مقال له باسم "دور الحشد الذي لعبه سعيد رمضان" في 28 أكتوبر الماضي، نشر صورة للرئيس الأمريكي ايزنهاور وسعيد رمضان على يمينه.
وأضاف "ميديا بارت" أن الإخوان المسلمين أسسوا في عام 1988 بنك " التقوى " في جزر البهاما المجاورة للولايات المتحدة، وهذا البنك يموله في الأساس الاستخبارات الأمريكية، حسب الموقع حيث كان أهم أعضائه رجل الأعمال المصري الإيطالي يوسف ندا.
ومن جهة أخرى، يوضح "ميديا بارت" أن الاجتماعات السرية والمتكررة لمسئولين من الإخوان المسلمين مع شخصيات أمريكية منذ الثورة المصرية في 2011 خلقت شكوك عديدة لدى الجيش المصري، بل وجعلته يفكر بأن هناك مساومات بين الإخوان والولايات المتحدة الأمريكية لصالح الأمريكان بعد أن أوصلوهم للحكم.
ويلفت الموقع إلى أن تكرار الاجتماعات السرية وسماح الإخوان للأمريكيين المدانين أمام المحاكم المصرية بالعودة إلى بلادهم، ووضع الإخوان غزة تحت الحصار عن طريق قيامها بهدم الأنفاق، وإعلان الإخوان احترامهم الديني لمعاهدة كامب ديفيد مع اسرائيل- على الرغم من معارضتهم ذلك أثناء عهد السادات ومبارك (انظر للتناقض الفج والتوظيف الأكثر فجاجة للدين !!) والوقوف إلى جانب المعارضة السورية العميلة للمخابرات الغربية والتي تسلحها قطر وأمريكا، زاد من الشك لدى الجيش بأن هناك اتفاق أمريكي – إخواني لتدمير الجيش والدولة فى مصر لذلك سارعت واشنطن لدعمهم وبقوة بعد 30 يونيو ووصف ما جرى بأنه انقلاب عسكرى !! .
***
اتفاق غزة ودور الإخوان فى خدمة إسرائيل !
تاريخ العلاقات الإخوانية – الأمريكية يقول لنا أيضاً أن الإخوان نجحوا فى أول اختبار لهم من قبل إسرائيل في عدوان غزة الأخير (14/11/2012) ، فبدلا من قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين مصر وإسرائيل، وإيقاف كل أشكل التطبيع على أرض مصر، وإلغاء "كامب ديفيد" واتفاقيات الغاز والكويز ، رأينا الجماعة تقوم بأعمال استعراضية إعلامية، كذهاب رئيس الوزراء المصري إلى غزة أو سحب السفير المصري من "تل أبيب"، وإذا نظرنا إلى التطبيق على الأرض سنرى أن الإخوان استطاعوا بالفعل إخضاع قطاع غزة للإرادة الأمريكية، فقد أوقفوا صواريخ المقاومة، رغم خسارتها الكبيرة في استشهاد القيادي الكبير أحمد الجعبري في وقت قياسي، وخرجوا من لقاءاتهم السرية بعد التفاوض بين غزة وإسرائيل باتفاق هزيل يمثل هزيمة سياسية للمقاومة رغم انتصارها على الأرض وكان ذلك برعاية إخوانية وبعد هذا الاتفاق الهزيمة قام الرئيس الإخوانى بهدم وإغلاق قرابة المائة من أنفاق غزة، والموافقة على نشر كاميرات مراقبة إسرائيلية في سيناء، بحجة مكافحة الإرهاب، وذلك لخنق المقاومة في غزة وترويضها، لقد نجح الإخوان إذن وبشكل باهر في تنفيذ اتفاقيتهم مع الولايات المتحدة والحفاظ على السلام مع إسرائيل، ومحاولة إخضاع الحركات الإسلامية المقاومة للإرادة الامريكية، وقام الإخوان أيضا بدورهم ضمن اتفاقهم مع الولايات المتحدة لاستلام الحكم في البلدان العربية، حيث لعبوا دورا بارزا في نشرا الفتنة داخل سوريا، وجرها لحرب أهلية لتدمير كل مقومات الدولة السورية وأسسوا لمجموعة عملاء قطر والC.I.A من السوريين مقراً لهم فى القاهرة اسمه مقر الائتلاف السورى ، وهو الذى يقف الآن خلف تجنيد الشباب السورى فى اعتصامات الإخوان وضرب مقرات الشرطة ونستغرب كيف لايزال يعمل فى مصر أمام أنظار الجيش والحكام الجدد ، بل وقاموا بإعلان الجهاد فى سوريا بدلاً من فلسطين خدمة لواشنطن وتل أبيب وعملائها من المعارضة السورية ، وقاموا – أى الإخوان إبان حكم مصر – بطرد السفير السورى من مصر بدلاً من طرد السفير الإسرائيلى فهل هذا هو الإسلام والوطنية ؟ .
إن الاتصالات بين الأمريكان والإخوان لم تنقطع منذ فترة طويلة، لكن هذه الاتصالات تكثفت بالتحديد في عام 2004 بعد المقولة الشهيرة لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس "الفوضى الخلاقة"، حيث كان الأمريكان وقتها لديهم تصور بأن الإرهاب الذي حدث، سواء في 11 سبتمبر بالولايات المتحدة أو مدريد أو لندن، منبعه مساندة أمريكا لأنظمة ديكتاتورية تحول دون وصول الإسلاميين للحكم، وفي نفس الوقت كانت هناك أصوات داخل الولايات المتحدة تنادي بوصول الإسلاميين للسلطة بشرط إزالة المناطق الرمادية، ومنها الموقف من المرأة والأخر "الأقباط" والديمقراطية والغرب بصفة عامة، وكانت هذه الرؤية تؤكد أن وصول الإسلاميين للسلطة سيحول الشباب الإسلامي عن التنظيمات العنيفة مثل تنظيم القاعدة إلى هذه التنظيمات الإسلامية المعتدلة، وبعدها لن تكون هناك مشكلة من وصول الإسلاميين للسلطة، وخاصة الإخوان، وهذا يفسر خروج الإخوان بمظاهرات ضد نظام مبارك وصل عددها 50 ألف، وقد شجعهم على ذلك الدعم والمساندة الأمريكية، كما يفسر انضمام الإخوان ل"كفاية" والجمعية المصرية للتغيير ود. محمد البرادعي، والمتابع للشأن السياسي المصري منذ 10 سنوات يعلم أن الإخوان كانوا يعدون أنفسهم للحظة يصبحون فيها الورثة الشرعيين لحكم مبارك، وأمريكا كانت تعلم هذا، وفى الوقت الذي كانت تقوم فيه بمساندة نظام مبارك كانت تقوم أيضا بفتح قنوات اتصال مع الإخوان، حتى تستطيع أن تكسب ود جميع الأطراف، والحقيقة أن هذه الاتصالات ظلت بشكل سري حتى قبل الثورة بفترة قصيرة، حيث عقد اجتماع في اسطنبول حضره مسئول من إخوان مصر وأخر من إخوان تونس، واتفقوا على أنه عندما تبدأ الثورة في مصر لا يظهروا في الصورة في البداية، وعندما تحتاج الثورة لزخم يدخل الإخوان، لذلك كانت مشاركتهم الفعلية يوم 28 يناير، بعد أن سحب الأمريكان دعمهم لنظام مبارك، وبدأت الأمور تسير في هذا الاتجاه، وبعد نجاح الثورة بدأت الاتصالات تتكثف بين الأمريكان والإخوان، ثم تكثفت بشكل أكبر عقب تقدم الإخوان في الانتخابات البرلمانية، وهو ما تطلب زيارة مسئول أمريكي كبير في الكونجرس بحجم جون كيري (وهو الآن وزير الخارجية) لمقر الإخوان ، باعتبار أن هذا حزب سيحكم مصر في المستقبل وهو ما كان وفقاً للتخطيط الأمريكى الدقيق!! والذى ساعد فى إنجاحه سذاجة وضعف القوى الوطنية المصرية الأخرى .
***
هيلارى تؤكد غرام واشنطن والإخوان !
ورغم تسابق قيادات الإخوان لنفي الاتصالات السرية في السابق، إلا أن تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون الخاصة باستئناف الاتصالات مع جماعة الإخوان المسلمين – في حينها – أكدت كذب هؤلاء القادة، خاصة أنها جاءت هذه المرة على لسان أرفع مسئول رسمي في الحكومة الأمريكية. حيث جاء في الخبر الذى طيرته وكالات الأنباء من واشنطن ، وفقاً للمنشور في الأهرام (1/7/2011) في الصفحة الأولى ، ما يلى نصاً : [قالت كلينتون - خلال مؤتمر صحفى فى بودابست - إنه نظرا لتغير المشهد السياسى فى مصر؛ فمن مصلحة الولايات المتحدة التعامل مع كل الأطراف السلمية الملتزمة بنبذ العنف، التى تعتزم التنافس فى انتخابات البرلمان والرئاسة. وأضافت أن بلادها تواصل التأكيد على أهمية المبادئ الديمقراطية ودعمها، خاصة الالتزام بنبذ العنف، واحترام حقوق الأقليات، وإشراك المرأة بشكل كامل فى أى (نظام) ديمقراطي.
وتأتى تصريحات كلينتون بعد أن أعلن مسئول أمريكى رفيع المستوى - رفض الإفصاح عن اسمه فى وقت سابق - أن الولايات المتحدة قررت استئناف الاتصال الرسمى بجماعة الإخوان المسلمين فى مصر، قائلا: إن الخريطة السياسية فى مصر تتغير، وسيكون فى مصلحة الولايات المتحدة التواصل مع كل الأحزاب المتنافسة فى السباق الانتخابي، سواء البرلمانى أو الرئاسي.
وأشار المراقبون إلى أن الإدارة الأمريكية تعتزم هذه المرة أن يكون الحوار مع الجماعة على جميع المستويات حتى الكوادر الصغيرة، وليس القيادات فقط. وأضافوا أن واشنطن كانت تتحاور مع قيادات فى جماعة الإخوان فى السابق، إلا أنهم كانوا أعضاء فى البرلمان، وتعد هذه هى المرة الأولى التى تعلن التحاور مع الجماعة بمختلف مستوياتها.
وفى غضون ذلك، صرح محمد سعد الكتاتنى المتحدث الرسمى (وقتها) باسم جماعة الإخوان المسلمين بأن الجماعة ترحب بأى اتصالات رسمية مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأن هذا من شأنه توضيح رؤيتها ] .
***
إلا أن تصريحات هيلارى كلينتون ، تلك لم تكن البداية ، حيث تكشف العديد من الوثائق أن علاقة الإخوان مع أمريكا ليست وليدة الأيام أو السنوات الأخيرة، ولكنها كما أشرنا آنفاً تعود إلى الأربعينات ولكن إذا ركزنا على السنوات العشرين الأخيرة سنجد الكثير من المفاجآت ، حيث أفادت إحدى الوثائق المسربة من السفارة الأمريكية بالقاهرة، كشفها "موقع ويكيليكس" أن مسئولي السفارة أقاموا أول اتصال رسمي مع جماعة الإخوان المسلمين عام 1986، وكانت قيادة الإخوان وقتها حريصة على إقامة حوار مع السفارة الأمريكية بالقاهرة، وفي 29 يونيو 2011 صدر خطاب من مكتب مدير الاتصال بالجمهور والمساعدات "دانيال بورين" إلى السيدة جينيفر مزراحي مسئولة منظمة المشروع الإسرائيلي، جاء فيه أن الإدارة الأمريكية قررت استئناف الاتصالات مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، التي كانت قد بدأت في عام 2006 وقد نشر هذا الخبر في صحف ومجلات الجماعات اليهودية الأمريكية واللوبي الإسرائيلي في أمريكا، بل ونشر بجواره أن إسرائيل ستحضر اللقاءات الأمريكية المقبلة مع الإخوان عبر مسئولين أمريكيين، ولقد ردت الإدارة الإسرائيلية بسؤال عن موقف الإخوان من حركة حماس، وكانت المفاجأة في الإجابة التي قالها دانيال بورين بأن لنا اتصالات سرية مع الإخوان بدأت في عام 2006، بهدف إزاحة الرئيس مبارك وعائلته، ولا علاقة للأمر بحركة حماس، وبورين كانت تعمل منسقة للعلاقات بين المنظمات اليهودية بأمريكا، كما كلف الرئيس الأمريكي أوباما "جون كارسون" بملف العلاقات مع الإخوان أيضا، وهو صاحب نظرية طحن البيانات، حيث يقوم بجمعها عن طريق المتطوعين، وبدأ يظهر بعد الثورة المصرية علي يمين الرئيس أوباما، وقد اشترطت الإدارة الأمريكية على الإخوان علي حد ما نشرته الصحف الأمريكية أن تعمل الجماعة علي ترويض الشارع المصري والعربي لقبول الدور الأمريكي، ومجابهة الأصوات المعادية لأمريكا وإسرائيل، والتمهيد للمفاوضات العربية/ الإسرائيلية لحل القضية الفلسطينية، ومساندة الاتفاقيات التي تنتج عن التفاوض وحمايتها بشكل استراتيجي دائم، في مقابل تمكين الجماعة من حكم مصر، وتم تحديد السيدة "آن دي بارل نانس" نائب كبير موظفي البيت الأبيض لتكون المسئولة عن ترتيب اللقاءات بين الإدارة الأمريكية والإخوان، وترتيب المواعيد والبروتوكول، ولقد شنت المنظمات اليهودية هجوما علي إسناد ملف العلاقة مع الإخوان إلى جون كارسون، وعلقوا على الأمر بأن أمريكا تريد أمركة الإخوان، وتم ضم جون فافيرو إلى الأسماء السابقة في متابعة ملف العلاقات مع الجماعة، وهو من قام بكتابة جميع خطابات أوباما السياسية خلال الثورة المصرية، كما تم تكليف مكتب البيت الأبيض ل"شراكات الأديان" بالانضمام إلى المجموعة السابقة لتولي ملف العلاقة مع الجماعة، وما يؤكد هذا الأمر أن الجماعة لم تتطرق بعد الثورة إلي مسألة الغاز المصدر إلي إسرائيل أو حقوق الشعب الفلسطيني، كما خرج د.عصام العريان الوجه الإخواني المقبول أمريكيا للتأكيد على أنه لا مساس بقانون الخمور في مصر، ولا مساس بالسياحة، وبالترحيب باستقدام اليهود المصريين إلى مصر ثانية ، وهو بذلك يبعث رسالة غرامية جديدة – كما هى عادتهم – إلي أمريكا والغرب.
***
وثائق الC.I.A
وبعودة للتاريخ تؤكد الوثائق السرية التي أفرجت عنها "سي آي إيه" أن الإدارة الأمريكية كانت تراقب الإخوان ونشاطاتهم منذ عام 1947 حيث تذهب إحدى الوثائق بتاريخ 16 أكتوبر 1947″، لتقول نصاً: إن عنصرا جديدا أضيف بعد الحرب العالمية مع ظهور حزب الإخوان المسلمين، الذي يؤكد على الإسلام وكراهيته للتدخل الأجنبي في العالم العربي وأنه من المهم جداً اختراقه والتعاون معه .
وفي وثيقة أخرى تحت عنوان "عواقب تقسيم فلسطين" بتاريخ 28 نوفمبر 1947 تذكر وكالة الاستخبارات الأمريكية إنه: تم تأسيس حركة الإخوان المسلمين التي تتمركز في مصر من الشبان المسلمين، بغرض توجيه المجتمع العربي بما يتوافق مع الأيديولوجيا الإسلامية، وتم تأسيس فروع لتنظيم الإخوان في سوريا، ولبنان، بالإضافة إلى فلسطين، والذي يعد من أكثر أفرعها نشاطا، وينظر تنظيم الإخوان إلى "التغريب"، باعتباره تهديدا خطيرا للإسلام " ، وطالبت الوثيقة بضرورة بناء علاقات قوية مع هذا التنظيم وهو ما جرى بعد ذلك فى الخمسينيات .
***
لغز (سعيد رمضان) العميل الإخوانى القديم !!
فى فبراير 2011 وفي مقال نشرته "نيويورك ريفيو أوف بوكس" ذهب الصحفي الكندي آيان جونسون إلى وصف العلاقة بين الإخوان وأمريكا بأنها أكثر من حميمية، وكشف صاحب كتاب "مسجد في ميونيخ – 2011″، الذي يعرض بالتفصيل لنشاط الإخوان في أوروبا ودورهم فى تجنيد عناصر تبنت فيما بعد الفكر الجهادى، أن ما بين الإخوان والمخابرات الأمريكية تراضيا حقيقيا، يرجع إلى الخمسينيات من القرن الماضي، وهو "تراض صامت"، تم بمقتضاه الاتفاق على معاداة الشيوعية، وتهدئة أي توترات للمسلمين في أوروبا.
أكد جونسون في مقاله إطلاعه على أحد الكتب للرئيس الأمريكي السابق دوايت ديفيد أيزنهاور يروي فيه تفاصل اجتماع حضره سعيد رمضان مندوب الإخوان المسلمين، وصهر مؤسس ومرشد الجماعة حسن البنا وهو والد طارق رمضان الذي يحمل الجنسية السويسرية، مشيرا إلى أن ال"سي آي إيه" دعمت سعيد رمضان بشكل علني، وكانت تعتبره عميلا للولايات المتحدة، وساعدته بالتالي في الخمسينيات والستينيات في الاستيلاء على أرض مسجد ميونيخ، وطرد المسلمين المقيمين ليبني المسجد عليها، الذي يعد من أهم مراكز الإخوان المسلمين في أوروبا.
كشف جونسون أيضا دور المخابرات البريطانية في مساعدة سعيد رمضان لترتيب انقلاب ضد عبدالناصر سنة 1965، وهي العملية التي انتهت بالقبض على غالب عناصرها، فيما عرف تاريخيا بقضية تنظيم الإخوان، التي أعدم بسببها سيد قطب.
ومعروف أنه بعد الثورة بعام أي في 1953، حظر مجلس قيادة الثورة في مصر جميع الأحزاب السياسية، باستثناء الإخوان المسلمين لدورهم الكبير في نجاح الثورة، ولم يشفع لعبدالناصر تجنبه الصدام مع الإخوان في بادئ الأمر، إلا أن الصدام سرعان ما ظهر للعلن بسبب ابتعاد عبدالناصر عن فكر الإخوان، وسعيه لإقامة دولة مدنية تتعارض مع "الأسلمة"، التي كان يسعى إليها الإخوان، خاصة أنهم كانوا يرون أنهم أصحاب الفضل الأكبر في نجاح الثورة، وبالتالي قيادتها.
***
الإخوان من عبد الناصر إلى السادات
* يؤكد ماثيو هولاند في كتابه "أمريكا ومصر: من روزفلت إلى أيزنهاور- 1996″ ، أن العلاقة بين عبدالناصر والولايات المتحدة لم تكن سيئة في السنوات الأولى من الثورة.
ثم تحول عبدالناصر لاحقا إلى السوفيت والمعسكر الشرقي مما غير حسابات لندن وواشنطن، وأصبح عدو الأمس صديق اليوم، وبدأت علاقة جديدة بين الإخوان وأمريكا، هدفها هذه المرة القضاء على عبدالناصر نفسه، وحاولت الولايات المتحدة وبريطانيا دعم الإخوان عبر تشكيل خلايا سرية تعمل ضد الثورة، وقد أقنعت واشنطن ولندن الإخوان المسلمين بالتعاون معهم ، وتم تشكيل خلية "فدائيي الإسلام"، التي استطاع عبدالناصر كشفها، واعتقل على إثرها عددا من قيادات الإخوان، مع سحب الجنسية المصرية من عدد منهم، من بينهم (سعيد رمضان) نفسه عام 1965.
وعلى الرغم من إثبات الاستخبارات المصرية تورط (سعيد رمضان) في تنفيذ أعمال إرهابية إلا أن الحكومة السويسرية لم تتخذ أي إجراء ضد رمضان المقيم على أرضها، ما يضع علامات استفهام حول حقيقة الدور الأمريكي والبريطاني في مخطط اغتيال جمال عبد الناصر، وبعد وفاة عبدالناصر، وتراجع المد القومي، نشأت علاقة من نوع جديد بين أمريكا والإخوان،بخاصة خلال فترة حكم السادات، وأكد الكاتب الأمريكي روبرت دريفوس فى كتاب بعنوان "لعبة الشيطان.. كيف أطلقت الولايات المتحدة العنان للأصولية الإسلامية منذ 2005″ حيث دعمت واشنطن الجماعات الإسلامية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا جهرا وسرا، مما تسبب فى ميلاد الإرهاب، وأن أمريكا تلاعبت بالجماعات الإسلامية التي دعمتها ومولتها.. دريفوس قال: إن الولايات المتحدة استخدمت الإخوان المسلمين فى الخمسينيات، ضد جمال عبدالناصر والمد القومي، وبعد وفاة ناصر عام 1970 وتراجع القومية العربية نهاية السبعينات ؛ اضطربت العلاقة بين الطرفين، بسبب معارضة الإخوان لاتفاقية "كامب ديفيد"، خاصة أن الرئيس السادات، الذي أصبح من أهم حلفاء واشنطن في المنطقة، كان قبل كامب ديفيد، قد استخدم الإخوان، بمباركة أمريكية، لمناهضة الناصرية والشيوعية.
عرفت العلاقة بين السادات والإخوان "هدنة" استمرت لسنوات، لكن سرعان ما بدأت العلاقة تفتر، لتنتهي لاحقا في 1981 إلى القطيعة باعتقال المئات، وعلى رأسهم المرشد عمر التلمساني.
***
أمريكا تغرس الإخوان داخلها
بالمقابل وفى أمريكا ذاتها ، يذكر ستيفين ميرلي الباحث في معهد هدسون بواشنطن في دراسة مطولة عن الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة (2009) أن الإدارة الأميركية سمحت لهم بمزاولة نشاطاتهم التنظيمية داخل الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، قام الإخوان في أميركا في أوائل الستينات بعمل منظمات تعمل كواجهة خارجية تغطي على هذا التنظيم السري للإخوان في الداخل الأمريكي، ويقول ميرلي إن هذا التنظيم السري حقق نجاحات واسعة في خلق منظمات راعية ودافعة لتحقيق الأهداف السامية لإخوان أمريكا.
ويذكر الكاتب أنه في البدايات كانت مرحلة التجميع والحشد، حيث بدأ تشكيل الحركة بالتزامن مع بدء الفاعليات الإسلامية في أمريكا الشمالية أو قبلها بقليل: بدأ تشكيل المتطوعين لكن بدون أي إطار تنظيمي، فهي إذن مجموعات من المتحمسين أو الناشطين كانوا في بلادهم من الإخوان أو من جماعة أخرى أو ليس لهم أدنى انتماء، فجمعهم النشاط والعمل مع الفريق، وبهذا كانت مرحلة غرس بذرة الإخوان في أمريكا الشمالية، ثم بدأت المرحلة الثانية ذات الطابع التنظيمي، حيث تم عمل مجموعات على مستوى دول أمريكا الشمالية، ولديهم إطار تنظيمي تنسيقي ما يسمى بمجلس التنسيق، والذي أولى اهتمامه بالتنسيق بين جهود المجموعات الدولية، والتحقق من مدى فاعليتها، والاستفادة من تجاربها والخروج بتوصيات، لكنها غير ملزمة للمجموعات، ثم تنامت هذه المجموعات، لتفرز قادة لها، ثم يتم عمل مجموعة تنسق وتجمع بين قادة المجموعات، في غياب أعضاء المجموعة الأقل في السلم القيادي، وعليه تم إلحاق بعض الدول التي ليس لديها مجموعة ممثلة في مجلس التنسيق أن تنضم إلى أقرب مجموعة في الدولة المجاورة لها، كما كان الحال بالنسبة للعراق مع الأردن وليبيا مع مصر.
ويضيف ميرلي لقد اعترف أحد مؤسسي هذا الاتحاد بأن تاريخ تأسيسه يرجع إلى عام 1962، قائلا: بدأ عمل الاتحاد في جامعة اليونس في يوربانا شامباين حيث تجمعنا لأول مرة في 25 ديسمبر من عام1961، وكنا يومها ثمانية طلاب، حيث اتفقنا على أن نلتقي في الأول من الشهر التالي في 1يناير 1962، حيث ضمت ولايات انديانا ووسكونسين ومينوسوتا، وكنا يومها خمس عشرة، ثم اتفقنا على إطار أيديولوجي يمكننا السير عليه والالتزام به،لنحقق أعلى فاعلية في الجامعات الأمريكية،وتنضم إلينا الفرق الطلابية من كل حدب وصوت.
بدأ الاتحاد عمله رسميا في 1963 حتى أصبح من العلامات المميزة في الجامعات والمعاهد الأكاديمية، حتى إنه تمتع بحوالي 250 مكتبا تمثيليا له في مختلف جامعات أمريكا وكندا، كما توجد للاخوان – بحسب ستيفين ميرلي – جمعيات ومؤسسات أخرى تعمل في إطار القانون، وبموافقة من السلطات الأمريكية، وهي: الوقف الإسلامي بأمريكا الشمالية، والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، والمعهد العالمي للفكر الإسلامي، ومجلس العلاقات الإسلامية/ الأمريكية، والجمعية الإسلامية/ الأمريكية والمجمع الفقهي لأمريكا الشمالية.
***
المخابرات البريطانية والأمريكية والإخوان
وبعودة ثانية للتاريخ حتى نفهم الواقع ، نجده يحدثنا عن اتصالات سرية عديدة جرت بين الإخوان والأمريكيين ومن قبلهم الإنجليز لم تنقطع طوال السبعين عاما الماضية، فخلال فترة الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضي جرت اتصالات سرية بين الجماعة والإنجليز، وكان مسئول الاتصال بين الجماعة والمخابرات البريطانية هو رجل المخابرات البريطاني وليام بير، وأول اتصال بين جماعة الإخوان والأمريكيين تم في عام 1953 في عهد الرئيس الأمريكي أيزنهاور، وقد تم هذا الاتصال في جامعة "برنستون" الأمريكية بترتيب خاص من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ال"سي آي إيه"، وكان هدفه محاولة استقطاب الإخوان لصالح الولايات المتحدة، في التصدي لخطر المد الشيوعي في العالم العربي والشرق الأوسط، عقب انتهاء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.
بعد الصدام بين الرئيس جمال عبدالناصر والإخوان المسلمين عقب حادثة المنشية، واعتقال النظام الناصري للآلاف من أعضاء الجماعة، والزج بهم في السجون، نجحت المخابرات الأمريكية في تجنيد بعض قيادات الإخوان التي تمكنت من الهروب من مصر إلى السعودية للعمل على قلب نظام الحكم في مصر، ومحاولة اغتيال الرئيس عبدالناصر، وكان من بين هذه القيادات التي تم تجنيدها سعيد رمضان زوج ابنة حسن البنا مؤسس الجماعة، بل إن بعض الوثائق الغربية تكشف الدور الذي لعبته المخابرات الأمريكية في تأسيس المركز العالمي لجماعة الإخوان المسلمين في ميونيخ بألمانيا الغربية.
***
المخابرات البريطانية والأمريكية والإخوان
هذا ويحدثنا التاريخ أنه طوال الأربعين عاما الماضية استمرت الاتصالات السرية بين جماعة الإخوان والأمريكيين، وفى الوقت الذي حاول فيه الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك استخدام الإخوان المسلمين كفزاعة للغرب بصفة عامة وللولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة، كانت أمريكا تستخدم الجماعة كورقة للضغط على نظام مبارك عند الضرورة، كما أن السفير الأمريكي السابق في القاهرة "فرانسيس ريتشارد دونى" كشف عن إجراء اتصالات ولقاءات منتظمة بين سفارة بلاده والإخوان، بدأت منذ عهد السادات في فترة السبعينيات، بل إنه شخصيا دأب على زيارة مقر الجماعة بمنطقة وسط البلد، منذ أن كان موظفا صغيرا في السفارة الأمريكية، بداية من الثمانينيات وحتى أحداث 11 سبتمبر، وأن هذه اللقاءات كانت تجرى بعلم وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، رغم إعلانها 2005 بالقاهرة عدم الاتصال بالجماعة، خشية تأثر العلاقات مع مصر، وأنهم كانوا يرسلون تقارير كاملة عن هذه الاتصالات لواشنطن، ولعل أبرز دليل على قوة هذه العلاقات أنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وفى نطاق ما سمي "الحرب على الإرهاب" أدرجت الولايات المتحدة الأمريكية العديد من المنظمات الإسلامية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية المحظور التعامل معها، لكن لم تكن من بينها جماعة الإخوان المسلمين، كما قامت إدارة بوش بحظر نشاط العديد من المنظمات والجمعيات الخيرية الإسلامية داخل الولايات المتحدة، وقامت بحظر دخول بعض الشخصيات الإسلامية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكان من بينهم د. طارق سعيد رمضان حفيد مؤسس الجماعة حسن البنا، وفى عهد أوباما واصلت الولايات المتحدة الاتصالات بالجماعة من جديد، وعندما حضر الرئيس الأمريكي إلى القاهرة في 4 يونيو 2009 لإلقاء خطابه الشهير للعالم الإسلامي في جامعة القاهرة، تم توجيه الدعوة رسميا من قبل السفارة الأمريكية في القاهرة لثلاثة من نواب الإخوان في مجلس الشعب لحضور الخطاب، وقبل الخطاب بشهرين، أي في شهر أبريل حدث لقاء بين ممثلين عن الإخوان ومسئولين في الإدارة الأمريكية، وكان للدكتور سعد الدين إبراهيم ، القريب من دوائر الاستخبارات والإدارة الأمريكية منذ السبعينات ، دوراً فى هذه اللقاءات وفقاً لروايته هو شخصياً ، هذا وكشفت وثائق غربية وإسرائيلية أن أوباما قام شخصيا بالتوقيع على قرار بإلغاء الحظر المفروض على د. طارق سعيد رمضان، والسماح له بدخول الولايات المتحدة، كما كشفت الوثائق أيضا عن لقاء تم بين أوباما في البيت الأبيض مع ممثلين عن جماعة الإخوان على مأدبة إفطار في شهر رمضان 2009، وأنه قبل منهم هدية عبارة عن مصحف عليه شعار جماعة الإخوان، وخطاب حسن نوايا من الجماعة، تنبذ فيه العنف كعقيدة تخالف الإسلام، كما تعهدوا بأنهم لا توجد لديهم ضغائن تجاه إسرائيل، وأنهم يؤمنون بمبدأ التفاوض، وأنهم لا يعارضون السلام مع دولة إسرائيل، ولا توجد لديهم مخططات في هذا الموضوع، وبسبب هذا الخطاب حصلوا علي تأييد أوباما الكامل، بل إن أوباما، حتى قبل هذا اللقاء، كان قد فتح قناة حوار سرية، وأن أول دليل علي العلاقة الجديدة جاء في الدعوات التي وجهها أوباما شخصيا لكل من حازم فاروق ويسري تعيلب وكذلك سعد الكتاتني رئيس البرلمان المنحل لحضور الخطاب الشهير الذي ألقاه بالقاهرة أثناء زيارته الأولى لمصر، وكانت الدعوات من الرئيس الأمريكي شخصيا، بالرغم من أنها كانت تبدأ بجملة "يتشرف فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي والدكتور حسام كامل رئيس الجامعة بدعوتكم".
***
بوش يوصى مبارك بعقد صفقة مع الإخوان
إن الواقع يؤكد أن الإخوان لم يقطعوا أبدا صلاتهم مع الإدارة السياسية الأمريكية، وبالمثل فإن الإدارة السياسية الأمريكية حرصت دائما، حتى في أكثر أوقات دعمها لنظام مبارك، على أن تبقي علاقاتها مع الجماعة، بل إن إدارة بوش الجمهورية التي كان يسيطر عليها تيار المحافظين الجدد أوصت مبارك في انتخابات 2005 بأن يعقد صفقة مع الإخوان المسلمين، تعطيهم المركز الثاني والمؤثر في المجلس، ونفذ مبارك هذه النصيحة الأمريكية، لكن عندما جاءت انتخابات 2010 قرر نظام مبارك قلب الموازين تماما، وإخراج الإخوان من المجلس، ظنا منه أن ذلك الأمر لن يغضب إدارة أوباما الديمقراطية، وكان مارك لينش الأكاديمي الأمريكيين المتخصصين في شئون الشرق الأوسط قد قدم في أواخر 2007 عدة نصائح للإخوان نشرت في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تلخصت في ذلك الوقت في أربع نصائح هي: أن تؤكد الجماعة التزامها الواضح بالعملية الديمقراطية، ألا تختلف تصريحات الجماعة التي تصدر بالعربية عن تلك التي تصدر مترجمة بعد ذلك إلي الإنجليزية، أن تعمل الجماعة كقوة إسلام معتدل وضد التطرف وضد الإرهاب، أن تتبني الجماعة الديمقراطية في إجراءاتها الداخلية، وتزامنا معه عقد معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني "ذو الولاء التام الشامل لإسرائيل" مؤتمرا أعلنت فيه الباحثة الأمريكية روبين رايت أن خريطة الشرق الأوسط عام 2016 ستكون أكثر ديمقراطية وأكثر إسلامية، وأن السلام بين مصر وإسرائيل قائم، حتى إذا وصل الإخوان إلي الحكم.
هذه الأمثلة المتلاحقة تكشف أن نغمة الحذر، إلى حد الخوف، في العالم الغربي من صعود التيار الإسلامي وبصفة خاصة الإخوان المسلمين إلى السلطة، لا يمثل الاتجاه العام للتفكير السياسي في الغرب، والناتج بالدرجة الأولى عن استمرار الاتصالات بين الإخوان والغرب الأمريكي والأوروبي، وهو ما يؤكده اطمئنان اللوبي الإسرائيلي القوي في الولايات المتحدة إلى استمرار الأوضاع علي النحو الذي يهم إسرائيل في مصر وفي المنطقة ككل، مع صعود الإخوان إلى السلطة.
***
تفاصيل اتصالات الإخوان بأمريكا وإسرائيل و16 جهاز مخابراتى دولى
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل استغلت الإدارة الأمريكية العلاقة الجديدة مع الإخوان، حتى تؤثر على مواقف حماس، خاصة بعد تصريح محمد غانم أحد قادة الإخوان والسابق الإشارة إليه ، بأن المطالبة بقطع العلاقات مع إسرائيل خطأ، وأنه مجرد شعارات تعيد مصر إلى الوراء.. لقد كشف تقرير أمريكي آخر للبروفيسور ميخائيل جوسودوفسكي مستشار المخابرات الأمريكية للجماعات الإسلامية السياسية، قدمه للإدارة الأمريكية أوائل عام 2010 تحت عنوان "من يساعد ال سي آي إيه والموساد الإسرائيلي والناتو في إعادة ترتيب الأوراق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيكون في مصر"، وقد وثق جوسودوفسكي حقيقة أن "كونداليزا رايس" تقابلت مع الإخوان في عدة لقاءات مسجلة بينهم، منها لقاء تم في مايو 2008 في البيت الأبيض نفسه، وأنهم خلال ذلك اللقاء اتفقوا مع ستيفن هادلي مستشار الأمن القومي لبوش، وبتفويض كامل منه علي عدد من المبادئ في التعامل بينهم وبين الولايات المتحدة وإسرائيل، بل وفي تطور جديد كشف المكتب الإعلامي للبيت الأبيض في هذا التوقيت أن إدارة أوباما ستساند الإخوان حتى النهاية، مادموا يلتزمون بخارطة الطريق بينهم وبين الإدارة الأمريكية، وأن المسئولين الأمريكيين في حوار دائم مع قيادات الإخوان، وأن الحوار يقوم علي أسس من التفاهم والاحترام، وأن الجماعة أكدت نبذ أية أفكار عنف.. ذلك التقارب بين الإخوان والأمريكان والإسرائيليين، هو ما ساعد في تبرئة ساحة الإخوان أمام الكونجرس الأمريكي، فخلال جلسة استماع الكونجرس لشهادة المخابرات الأمريكية حول أحداث الثورة في مصر قال رئيس المخابرات الأمريكية ليون بانيتا، ردا على سؤال: هل جماعة الإخوان المسلمين في مصر جماعة إرهابية متشددة؟.. فقال: إن الواقع يدفعنا أن نشهد بأنه من الصعب فعلاً تقييمهم كجماعة متشددة دينيا، حيث إنهم في اتصالات مستمرة بيننا وبينهم وبين أجهزة مخابرات إسرائيل، وإن كل الاتصالات تؤكد يوما بعد يوم أنهم جماعة سياسية منفتحة، تسعى لإثبات نفسها كجماعة سياسية يمكن الاعتماد عليها، بل إنه ذكر في شهادته أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ربما كانت من بين أذكى الجماعات السياسية الدينية بالعالم حاليا، لأنها قد طورت أفكارها في فترة وجيزة، لتتفاعل مع محيطها السياسي والجغرافي، لتحقيق أهدافها الخاصة، وفي رده على سؤال آخر للكونجرس حول: هل يوجد متشددون في الجماعة، لا تعرف المخابرات الأمريكية عنهم معلومات بعد؟.. قال: في الواقع كل الاتصالات بيننا وبينهم، وكذلك اتصالات الموساد معهم، لم نستطع تحديد حقيقة وجود متشددين أو فصيل متشدد بينهم، مضيفا: الإخوان المسلمين في مصر لا يتصلون بنا وحدنا في ال"سي آي إيه"، وتلك المعلومات ليست ثمار اتصال منفرد بيننا وبين الإخوان في مصر، (لأنهم عمليا يتصلون منذ أعوام بأكثر من 16 جهاز مخابرات بالعالم، ومعلوماتنا تعد خلاصة بيانات أجهزة مخابرات العالم عن رأيهم فيما أسفرت عنه اتصالاتهم بالإخوان في مصر، ونهاية برأينا نحن يمكننا أن نقطع بأن الجماعة قد نبذت العنف حاليا، وأنها تسير بكل طاقتها للسيطرة علي مقاليد الأمور السياسية في مصر).
***
أمريكا واستخدام حماس الإخوانية لضرب سوريا وإيران وحزب الله
هذا التغيير الجذري في مواقف جماعة الإخوان من إسرائيل تحديدا، يفسره ما أعلنه "موقع ديبكا" الاستخباري الإسرائيلي عن البنود السرية في صفقة إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي اختطفته حماس قبل سنوات، حيث كشف الموقع أن هناك بنودا سرية في صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، وأهم بندين هما الاتفاق على نقل مقر حماس من دمشق للقاهرة، وهو ما حدث بالفعل، وتحالف أمريكا مع الإخوان المسلمين، فالأمر الحاسم في الصفقة عند حماس وإسرائيل لم يكن إطلاق سراح ألف أسير، بينهم أخطر 60 منفذ تفجيرات، إنما التفاهمات السياسية الأخطر من كل هذا، وتتمثل في رؤية مستقبلية سياسية إسرائيلية/ أمريكية من جهة، وحمساوية/ مصرية من جهة أخرى، وأن هذه الصفقة بدأت تتحرك في 3 سبتمبر، حين زار وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا المنطقة، وأن شاليط هو مجرد بند واحد يأتي في إطار تفاهمات سياسية استراتيجية كبيرة يقوم بها الرئيس أوباما وإدارته من واشنطن، وتقضي استراتيجية أوباما بإخراج قيادة حماس من دمشق إلى القاهرة، من أجل تشكيل عامل ضاغط على الرئيس السوري بشار الأسد وضد إيران وحزب الله، وامتلاكهم للملف الفلسطيني، بمعنى أخر أن صفقة شاليط كانت عبارة عن تفاهم جرى بين وزير الدفاع الأمريكي، والذي كان يعمل سابقا رئيسا لجهاز ال"سي أي إيه"، وبين خالد مشعل، وأن الاتصالات الحقيقية بدأت مع مشعل في أشهر الشتاء، وأن مشعل وقادة حماس أبدوا تجاوبا مع قصة تركهم لدمشق، من باب رغبتهم في عدم الانخراط فى الأزمة السورية والتى سرعان ما انخرطوا فيها وساعدوا الجماعات الإرهابية التى دربتها المخابرات الأمريكية فى (أضنه) بتركيا وسموها (ثوار سوريا) وهم ليسوا سوى عملاء !! ، بل إن إسرائيل كان لديها بند أخر مهم، وهو استخدام حماس لضرب إيران وحزب الله وهو ما فشلوا فيه حتى اليوم.
***
حماس الخارج الممولة قطرياً تحارب حماس الداخل !!
* إن الإخوان كانوا أول من دفع الآخرين لتقوية العلاقات مع أمريكا وإسرائيل، بل ودفع الفلسطينيين لتوقيع معاهدة أبدية مع إسرائيل، فهم الأكثر استعدادا لتقديم التنازلات الكبيرة للأمريكان والإسرائيليين، ولعل تصريح مرشد الجماعة السابق محمد مهدى عاكف لوكالة "الأسوشيتد برس" قد كشف هذه الرؤية مبكرا، وذلك إثر فوز الجماعة بخُمس مقاعد البرلمان في انتخابات 2005 حيث صرح بأن (الإخوان لن يحاولوا تغيير السياسة الخارجية لمصر، ومن ضمنها معاهدة السلام التي وقعتها مع إسرائيل عام 1979، ولن يسعوا لمحاربة إسرائيل)، وكانت وسائل الإعلام العالمية قد نقلت عن عاكف في ديسمبر 2005 وصفه ل"الهولوكست" بأنها أسطورة، وهو ما أحدث ردود فعل واسعة، فقد اعتبرت فرنسا أن تصريحات المرشد العام للجماعة في حينها، التي تحولت إلى القوة المعارضة الأساسية في مصر، غير مقبولة، وإزاء هذه الردود العالمية، اتهم عاكف بعض وسائل الإعلام في الدول العربية والإسلامية بمحاولة الزج بالجماعة في صراع مع إسرائيل حول موضوع "الهولوكست"، قائلا: إن الجماعة لا يشغلها إثبات أو إنكار هذه القضية التي تخص اليهود وحدهم، ولا تخصنا نحن العالم الإسلامي أو جماعة الإخوان المسلمين، بل واعتبر أن إثارة وسائل الإعلام لهذا الموضوع على لسانه، محاولة لتوريط تيار الإسلام المعتدل، الذي تعتبر الجماعة أحد أهم روافده، في الدخول في معارك وصراعات جانبية، حتى تنشغل عن الإصلاح السياسي، الذي يقوم به هذا التيار في البلاد العربية، التي عشش الفساد في حكوماتها، وجعلها تقف في آخر الصفوف في العالم.. ومن هنا صار إيقاف الصواريخ في الأراضي المحتلة صار "عين المقاومة"، أما "سنام الجهاد وذروته"، فهو الاندماج في فصول هذا الربيع العربي، أمريكى النزعة والجوهر، ومن هنا بدأت حماس وبواسطة إخوانية تفقد حماستها، لتأخذ دورها في الطريق إلى "أوسلو جديد"، لكنه أوسلو ب"لحية"، وقشرة إسلامية خادعة وهو ما تنبهت إليه عناصر مقاتلة من (حماس الداخل) فتمردت وانشقت على حماس الخارج التى كان يقودها خالد مشعل برعاية قطرية أضرت الإخوان وحماس ودفعوا ثمنها غالياً حين فقدوا حكم مصر وهم الآن فى طريقهم لفقدان حكم غزة !! لقد تحرك (حماس الداخل) وبدأوا الانتفاضة ضد قادتهم وإن كانت تحركاتهم لاتزال سرية !! .
***
إن تصريحات هيلاري كلينتون – عام 2011 – بشأن استئناف الاتصالات الأمريكية مع الإخوان، ومن بعدها لقاءات كيري وجون ماكين وبيرنز بقيادات حزب "الحرية والعدالة"، وغيرها من اللقاءات المتكررة بين القيادات الإخوانية والمسئولين في البيت الأبيض، ثم موقف أوباما والإدارة الأمريكية من خلع نظام الإخوان المسلمين.. ينم عن حدوث تطور جديد، وتغير نوعي في موقف إدارة الرئيس أوباما، والموقف الأمريكي العام بشأن الفترة الانتقالية الحالية في مصر، وهو موقف كان يأمل فى إنتاج "شرق أوسط جديد" يتم فيه إحلال الإخوان بديلا لنظام مبارك، ويتم فيه ربط إخوان مصر بإخوان المغرب وتونس والمجلس الانتقالي السوري العميل لل C.I.Aوالمنطلق جهاده المزعوم من القواعد العسكرية الأمريكية فى تركيا والخليج المحتل !! .
لقد كان العمود الفقري لهذا "الشرق الأوسط الجديد" (أبو لحية) هو إخوان مصر، وهو جزء من مخطط إقليمي ليعيد الأمريكان فيه إنتاج أنفسهم، بعد كراهيتهم في ظل الأنظمة السابقة، وبذلك تعود علاقاتها الجيدة في الشرق الأوسط، أي إعادة الروح لهذه العلاقات في المنطقة مرة أخرى، ولكنها هذه المرة بقشرة إسلامية إخوانية وروح أمريكية، مثل النمط التركي الذي يعمل خادما عند الأمريكان وحلف الناتو، وإن كانت الحالة المصرية تختلف كثيرا، لأن الشعب المصري رفض ذلك تماما، لأن الإخوان أعادوا إنتاج نظام مبارك في العلاقات الخارجية وفي الاقتصاد وغيرها، ولكن بلحية وقشرة إسلامية، خدعت البعض لفترة، لكنها لم تستمر طويلا.. وثار الشعب فى 30 يونيو ثورة أطاحت بحكم الإخوان والرئيس محمد مرسى نتيجة أخطائهم الكبرى فى حق مصر وفلسطين والعروبة ، ونظراً لأهمية الإخوان للأمريكان فى المنطقة ، بدأت الضغوط الأمريكية المتتالية على قائد الجيش المصرى الفريق أول عبد الفتاح السياسى والحكومة المصرية لإعادة عقارب الساعة السياسية المصرية إلى الوراء ، ولكنهم فشلوا ، فلقد جاء الصهيونى الأمريكى (جون ماكين) و(بيرنز) و(أشتون) ، ومع ذلك لم تنجح ضغوطهم ، وتم فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة (14/8/2013) ووقعت مجزرة مسجد الفتح (16/8/2013) ، وبدأ الحديث عن حل جماعة الإخوان ومنع حزب الحرية والعدالة من العمل السياسى ، ووضع قيادات الإخوان فى السجن بتهم القتل والتحريض على القتل ، والمقابل استمرت أمريكا والغرب فى الضغوط لإجبار حكام مصر الجدد على المصالحة مع الإخوان وهذا ما نعتقد أنه بات صعباً جداً إن لم يكن مستحيلاً .
* خلاصة القول فى دراستنا هذه أن العلاقات السرية والعلنية بين الإخوان وأمريكا حقيقة تاريخية ثابتة ، وللأسف زادت قوة بعد وصولهم للحكم ومشاركتهم فى مؤامرة تدمير ليبيا وسوريا (عبر إخوانهم هناك) ولكن سقوطهم فى مصر سيكون فى تقديرنا بداية القطيعة مع واشنطن ، وبداية هزيمة المشروع الأمريكى فى سوريا وباقى دول المنطقة ، وأمريكا لا يهمها سوى مصالحها وستلقى بأصدقائها وحلفائها من الإخوان وغيرهم من الساسة (كما جرى مع حسنى مبارك وكما سيجرى مع البرادعى المنسحب من المشهد فى وقت حرج كانت تحتاج فيه مصر لكل مخلص شريف !!) ستلقى واشنطن بحلفائها غير المفيدين لها فى أقرب صفيحة قمامة على قارعة طريق السياسات والمصالح فى المنطقة ، وهذا هو القانون الحاكم لعلاقة واشنطن بمصر وبدول المنطقة كافة ، إنه قانون المصلحة الأمريكية، وليس الأخلاق أو القيم الديمقراطية أو الضمير والحريات ، إنه طريق المصالح يدور حول النفط وضرب المقاومة وحماية إسرائيل ، وهو ما لم يفهمه الإخوان وغيرهم ممن تحالف أو ربما سيتحالف مستقبلاً مع واشنطن ، ترى هل تتعظ قوانا الوطنية من هذا المصير الدامى والفاشل لعلاقات الإخوان بالأمريكان والذى كان أحد أسباب سقوطهم ونهايتهم المأسوية فى مصر ، ومن قبلها فى سوريا وغداً فى تونس وليبيا ؟ سؤال يبحث عن إجابة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.