أدى قرار وزارة التموين اليوم بفرض التسعيرة الجبرية على الخضروات والفاكهة حتى لو ب"الطوارئ"، تباين ردود الأفعال بين فرحة المواطنين وترقب البائعين، الذي رأوا أنهم سيكونون بين شقي الرحى، فالحكومة تسعى إلى ضبط السوق ومنع الجشع واستغلال المواطن، والبائع يسعى إلى كسب المزيد، ليواكب غلاء الأسعار والاحتياجات التي تفرضها عليه الحياة. وفي جولة ل"البديل" بالسوق المصرية اختلفت آراء البائعين حول القرار الذي رآه البعض بمثابة العقاب، ولكنهم أجمعوا على أهمية دور الرقابة في المرحلة المقبلة، ووضع البائع "السرّيح" في الإعتبار. قال علاء علي، بائع بلح بميدان رمسيس، أن قرار وزارة التموين بفرض التسعيرة الجبرية حتى ولو ب"العافية" هو قرار متسرع، وغير مدروس بالقدر الكافي لأن الأمر يتطلب إحكام السيطرة على تجار الجملة في البداية، وإلا سيكون البائع هو ضحية الحرب بين الحكومة وتاجر الجملة أو الفلاح، لافتا إلى أنه في حال تطبيق هذا القرار بصورة صحيحة فلن يخسر شيء؛ لأن الزبائن لن تضيع وقته في الفصال من أجل الوصول لأرخص سعر. وتابع، نتمنى أن تكون هناك خطة يتم على أساسها تعميم التسعيرة بشكل غير عشوائي، وهي خطوة جيدة وجريئة من حكومة الببلاوي، ويستفيد منها المواطن والبائع وتاجر الجملة وحتى الفلاح، ويشعر المواطن البسيط بأنه قد أفلت من جشع البائعين الذين يستغلون الظروف، ويتعاملون مع الزبائن بمبدأ "إذا كان عجبك !!"، وهو ما يشتكي منه محدودي الدخل والمعدمين، ولذلك نطالب وزارة التموين بتفعيل الرقابة حتى لا يفلت أحدا من العدالة. بينما قال حسنين عبده، بائع خضروات بسوق سعد زغلول، أنه يرفض توحيد تسعيرة الخضروات والفواكه؛ لأنها سريعة العطب وهو ما يجعل البائع يضطر إلى تخفيض السعر للتخلص من بضاعته، فالكمية التي تتبقى من الخضروات وتظل بحوزة البائع لعدة أيام لن يبيع منها شيئا إذا تمسك بسعر معين، وبالتالي فالمسئولين في وزارة التموين لن يضعوا هذه الإشكالية في اعتبارهم. وأضاف أن سوق الخضروات والفاكهة يتغير من يوم لآخر؛ فحجم المحصول هو الذي يحدد الأسعار، أي أن الكميات التي يحصل عليها البائع تلزمه بأسعار معينة، ولذلك نطالب الوزراء بالتمهل ومعرفة ما هي المنتجات التي يمكن أن يفرض عليها تسعيرة جبرية، وهي المعلبات والمواد التي تنتجها المصانع ولا تتأثر بالتخزين، كما نطالبهم بتوفير الخبز بأسعار موحدة، بدلا من شرائه ب50 قرشا أو جنيه للرغيف. وشدد "عبده" على أهمية دور الجمعيات الاستهلاكية في الفترة القادم ، قائلا : "الحكومة تقوم بدور الموزع بالسعر الموحد وترفع يدها عن التاجر الحر، والزباين هتختار الأفضل ليها"، مؤكدا على أن تجار الجملة لن يعطوا البائعين فرصة أن يكسبوا شيئا، وسيعملون على تضييق الخناق على "السريح" الذي لا يملك قوت يومه. كما عبر "إمام محروس" فكهاني في منطقة أحمد حلمي، عن غضبه بعد سماع قرار وزارة التموين، وأكد أن طريقة تطبيق هذا القرار بها نوع من التهديد، ويظهر ذلك في كلمة "فرض التسعيرة الجبرية ولو بالطواريء"!، فالكل يتمنى أن تتقدم البلد ويأخذ الجميع حقه، ولكن هذا القرار جاء بالتزامن مع تطبيق الحد الأدنى للأجور، ويجب أن لا ينسى الوزراء أن البائعين خارج هذه "الحسبة"، وهو يكسبون قوت يومهم فقط، ولا يستغلون المواطن بأي شكل، لأن مكسبهم في كيلو الخضار والفاكهة لا يتجاوز الجنيه فقط. ويحكي محروس أن الفاكهة تظل بحوزته ليومين أو أكثر، وبالتالي يضطر إلى تخفيض سعرها في اليوم الثاني والثالث حتى تناسب المشتري، وفي حال تطبيق التسعيرة الجبرية لن يشتري منه أحد، مشيرا إلى أن كل ما يتمناه هو دراسة هذا القرار قبل تطبيقه؛ لأن البائع يحتاج النظر في أمره، ولا ترضى له الدولة أن يخسر، فإذا ضمنوا أن الفلاح وتاجر الجملة لن يستغلا الظروف ويحصل هو على كل المكسب فلن نعارض، وطالب بإحكام الرقابة على كل السلع والمنتجات وعلى مستوى الجمهورية ، حتى يكون القرار صائب ولا يستثنى منه أحدا .