* الأمن ساومها على التعيين في الجامعة فكرست ما تعلمته في كلية الطب لعلاج ضحايا التعذيب “علاقتي بالأمن أصبحت واضحة..أنا عارفة أنهم بيأدوا دورهم في منع المتظاهرين وضربهم وإعتقالهم، فهذا هو الدور المحدد لهم وإن لم يختاروه، وهما كمان بدءوا يقتنعوا إنني أيضا أؤدي دوري وواجبي الذي لن أتنازل عنه.” هكذا تحدثت بسمة عبد العزيز 32) عاما) الفتاة ذات الميول اليسارية ، وتعمل طبيبة أمراض نفسية وكاتبة،وتضيف قائلة”بدأت نشاطي منذ عامي الجامعي الأول تقريبا بكلية الطب وقبلها لم يكن لي أي انتماء أو توجه،كنت فقط أود ممارسة نشاط ولم يكن يوجد أي نشاط يتم إلا من خلال فريق الجوالة أو جماعة الإخوان المسلمين اللي كانوا ماليين الجامعة بمجلات حائط تحمل أفكارهم خاصة فيما يتعلق بصورة المرأة..أنا لم أكن أنوي عمل تيار جديد ولكني لم أكن راضية عن التيارات الموجودة، ففي هذا الوقت لم يكن لليسار أي وجود بكلية الطب..كان الإخوان بس هما اللي موجودين، وكان الأمن سامح لهم بالتحرك في حدود يرسمها هو، وأول ما صوت جديد معادي بدأ يطلع حاول الأمن أن يحتوينا في البداية قبل أن يمارس علينا سلطاته رغم أن كل نشاطاتنا كانت فكرية، وأقصي شيء ننجزه هو عمل مجلة حائط،وعددنا مكنش يتجاوز وقتها أربع أو خمس أفراد، كانت قراءاتي وقتها منصبة علي السياسة والفلسفة،كنت أقرأ للينين وماركس،وبدأت أتعرف علي مراكز حقوق الإنسان والأحزاب وبالفعل اشتركت في حزب التجمع ومن خلاله بدأت أخرج من إطار كلية الطب الضيق إلي مستوي جامعة عين شمس ولما بيبقي فيه مظاهرة كنّا بننضم لهم..وهنا زاد التفات الأمن لنا وتضييقه علينا.” وعن احتكاكها بالأمن تقول”إحنا مكنّاش بنعتقل فترات طويلة زي الإخوان، لكن إفتكر مرة اعتقلت فيها في رمضان لما كنّا عاملين مظاهرة أمام السفارة الأمريكية وقت الانتفاضة الفلسطينية،ومنطقة السفارة دي تعتبر محظورة تماما،وكنّا حوالي سبعة أشخاص حبسونا كلنا في أحد أكشاك عساكر المرور الضيقة وطلعونا علي قسم شرطة قصر النيل وسابونا بالليل، ومن أطرف المواقف التي حدثت معي هو أني عندما كنت أقوم بتعليق إحدى المقالات أو مجلات الحائط بعدها بدقيقة ألاقيها مش موجودة فبدأت أطبع أكتر من نسخة، ومرة علقت مجلة حائط ووقفت بعيد عشان أراقب مين هياخدها لقيت مخبر أخدها ومشي ففضلت ماشية وراه لقيته دخل مكتب الأمن ووضع المجلة علي المكتب وخرج فدخلت بعده أخدت المجلة بتاعتي ورجعت علقتها!ده غير إنهم كانوا دايما بيشطبوا اسمي من جداول الإتحاد،ولما جاتلي فرصة التعيين في الجامعة رفضوا ووقتها جه مخبر لغاية البيت معاه استدعاء لأمن الدولة فهمت أنه مساومة علي التعيين فرفضت الذهاب، رفعت قضية وقتها عشان بس مسيبش حقي لكني لم أهتم بمتابعتها لأن الجامعة لدي لم تعد مكانا يستحق الحرص علي الإنضمام إليه، وفي لحظة مناقشة رسالة الماجيستير بتاعتي وكان موضوعها عن العلاقة بين الضحية والجلاد النور قطع فجأة! ومجاش غير لما هددناهم بأننا هنعتصم ونعمل مظاهرة ونطلع بيان، طبعا كل ده بخلاف الضرب اللي كنّا بنضّربه في المظاهرات.” وتضيف بسمة قائلة”أنا كنت مقتنعة تماما إن اللي بعمله صح، وإني لو كنت منضمة لأي تيار تاني فيه ناس كتير كنت هبقي مدركة إني لو مشتغلتش غيري هيشتغل لكن أحنا كنّا بنحاول نرسم طريق لتيار جديد علي الكلية وقتها، ده غير أنه هيكون أسهل لأن الناس بتساند بعض”..وعن موقف عائلتها من نشاطها السياسي تقول”في البيت عندي مالهمش أي توجه سياسي، وفي الأول كانوا خايفين عليّ من ممارسة السياسة ومضايقات الأمن لكن بعد كده إتعودوا.” اتجهت بسمة مؤخرا لرصد عمليات التعذيب التي يقوم بها رجال الشرطة ضد المواطنين حيث كان موضوع رسالتها التي تقدمت بها للحصول علي درجة الماجيستير عن العلاقة النفسية بين الضحية والجلاد، ومؤخرا كرست كل جهدها للتأهيل النفسي لضحايا التعذيب بمركز النديم لمناهضة العنف. تقول بسمة عن هذا” الحكاية مش تأهيل نفسي فقط، إنما محاولة لمناهضة التعذيب الذي أصبح أمر منهجي يحدث في أغلب أقسام الشرطة وعلي يد أغلب الضباط وبنفس الطرق والوسائل، أهدف إلي رصد كل هذا من خلال ضحايا التعذيب، ومؤخرا زرنا طبيب الفيوم الذي تعرض للتعذيب بسبب تأييده للدكتور محمد البرادعي.” أصبح شاغل بسمة الآن بعد مشاركتها في العديد من المظاهرات والأنشطة هو مناهضة التعذيب، وكانت الشرطة موضوع بحثها الذي فازت به بجائزة أحمد بهاء الدين الثقافية حيث تناولت علاقة الشرطة بالمواطن منذ العصر الفرعوني ودور الشرطة علي مرّ العصور ودورها المفترض في الحفاظ علي تطبيق القانون وصولا لانتهاكها القانون والمواطنين علي حد سواء..بسمة لا تيأس وتري أن دورها أن تحاول الإصلاح دوما ما إستطاعت بأي صورة ممكنة ندي طعيمة: أنا وخطيبي سوا في المظاهرة أروي الطويل: تركت «الإخوان» كي أصبح نفسي أسماء شحاتة: أصبحت «اخوانية» بسبب «أمن الدولة» بعد النكسة: سهام وليلى وشهرت وأمل وسوزان وعايدة ..فتيات على جبهة الوطن 90 عاما من النضال: نساء يواجهن الاحتلال