في الوقت الذي تقدم فيه محامون بدعوى قضائية أمام مجلس الدولة لإصدار حكم قضائي بحظر انتداب قضاة مجلس الدولة للوزارات والهيئات الحكومية إلى المحكمة الدستورية العليا؛ وذلك تطبيقاً للمادة "170 " من دستور 2012 المعطل التي نصت على أن «القضاة مستقلون وغير قابلين للعزل، ولا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون. وهم متساوون في الحقوق والواجبات، ويحدد القانون شروط وإجراءات تعيينهم وينظم مساءلتهم تأديبيًّا، ولا يجوز ندبهم إلا ندبًا كاملاً وفي الأعمال التي يحددها القانون»، فإن لجنة الخبراء العشرة التي قامت بتعديل الدستور قامت بحذف هذه المادة. وبرر مقدمو الدعوى تقديمهم لها بأن القضاة يمتثلون لأوامر وتعليمات رئيس الجهة المنتبدين إليها، وهو ما يخل بمبدأ الاستقلال الذي يخالف المادة 94 من قانون مجلس الدولة التي تنص على أنه "لا يجوز لعضو مجلس الدولة القيام بأي عمل لا يتفق واستقلال القضاء وكرامته". في نفس الوقت فإن أنباء ترددت عن أن رئيس مجلس الدولة المستشار غبريال جاد عبد الملاك أصدر فتوى تجيز لمستشاري مجلس الدولة بالاستمرار في أعمالهم كمستشارين للجهات الحكومية مستنداً للمادة 88 من قانون مجلس الدولة حيث تسمح بندب قضاة مجلس الدولة "كل الوقت أو فى غير أوقات العمل الرسمية لوزارات الحكومة ومصالحها أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة للقيام بأعمال قضائية أو قانونية بها". من جهته اعتبر الدكتور أحمد صقر ممثل منظمة الشفافية الأسبق في مصر والأستاذ بكلية تجارة جامعة الإسكندرية مسألة حظر ندب القضاة تهدف في الأصل الحفاظ على استقلال القضاء ومنع "جر رجل القضاة والمستشارين" وتقليل حياديتهم وجعلهم محل إغراءات ومحاولات من قبل السلطة التنفيذية وأن تجنب ندبهم سيقفل هذا الباب. ورفض ما يعتبره البعض من أن ندب القضاة إلى الجهات الحكومية يهدف إلى سد العجز في الكفاءات القانونية مشيراً إلى أن الجهاز الإداري للدولة تٌرك على مدار الأعوام الماضية يتدهور، ثم أن المشكلة تعد مشكلة جهاز إداري لا يستطيع جذب الكفاءات إلى سوق العمل، مؤكداً أنه بكل الصور والأشكال ندب القضاة لن يحل أزمة الجهاز الإداري للدولة حيث تحتاج الأمور إلى حلول أعمق وأكثر جذرية مضيفاً أن هناك حاجة ماسة إلى عدم تضارب المصالح التي تعد أكبر مشكلة في الجهاز الإداري للدولة. من جهته قال رئيس المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد عاصم عبد المعطي أن إلغاء حظر ندب القضاة معناه فتح باب المستشارين للعمل في جهات مختلفة خلاف عملهم في هيئات قضائية يعيق استقلالية القضاء ويترتب عليها الخضوع لأهواء الجهة التي يعمل بها كمنتدب. وأضاف أن ندب القضاة يجعل البعض منهم يحصلون على ميزات على حساب البعض الأخر وظهور ما يسمى أصحاب الحظوة. وتساءل كيف للشخص العادي أن يقوم بالعمل في أكثر من 10 جهات في وقت واحد ويتقاضون رواتبهم من هذه الجهات وهو ما قد يعني أنهم يتقاضون رواتب بدون عمل والندب ما هو إلا ميزات مادية إضافية. وأضاف: " إذا كان القاضي يحصل على راتب عن أموال لا يبذل فيها مجهود فما هو الحال بالنسبة للرجل العادي وكيف يتأتي لقاضي أن يحصل على أجراً عن عمل يؤديه بخلاف المنصة التي صرف بالجلوس عليه وأصبحت له قدسية أمام الرأي العام فهؤلاء الناس هم قامات رفيعة يحب أن يحتفظوا بهذه القامة امام الرأي المواطن العادي ولا يجب أن يتكالبوا على المادة على حساب العمل القضائي فالمعروف عن القاضي أن الله سبحان وتعالى أعطاه صفتين من صفاته الإلهية ومن هنا تأتي قدسية منصب القاضي الذي يجب ألا يلوث بالمادة". ورداً على ما اعتبره رئيس مجلس الدولة المستشار غبريال جاد عبد الملاك من أن ندب القضاة يأتي لأن هناك عادة جهات إدارية لا تكون متخصصة في العديد من فروع القانون وبالتالي تصدر عن مديريها قرارات غير سليمة. أكد عبد المعطي أن هذا الكلام غير مقنع لأن قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة يمكن الرجوع إليه في أية وقت من قبل الجهة الحكومية للحصول على الفتاوى القانونية اللازمة.