* مخلوف كان هدفا لغضب المتظاهرين ولا ينافسه في كراهية السوريين سوى ماهر الأسد أخو بشار * معارضون يؤكدون أن الخطوة جاءت متأخرة جدا ولن يقبلها الشارع.. وآخرون يعتبرونها محاولة التفاف على العقوبات الأوروبية والأمريكية عليه * دبلوماسيون: الأسد أطاح بمخلوف بعد حواره مع “نيويورك تايمز” الذي سلط الضوء على كيفية تفكير النظام ونواياه القاهرة- وكالات: أعلن رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، وأقوى رجل أعمال في البلاد، أنه سيترك عالم التجارة ويتفرغ للعمل الخيري. وهو ما اعتبرته صحيفة “نيويورك تايمز” يوحي بأن قلقا بالغا سيطر على الرئيس بشار الأسد حيال استمرار المظاهرات مما دفعه إلى التضحية بأحد أقاربه علانية؛ سعيا إلى تهدئة نيران الغضب الشعبي. وكان مخلوف (41 عاما)، صاحب الإمبراطورية التجارية الضخمة، هدفا للغضب طوال فترة الانتفاضة التي بدأت منذ 3 أشهر، وأصبح تجسيدا لمختلف تجاوزات القيادة السورية. ولا ينافس مخلوف في كراهية السوريين إلا ماهر الأسد الأخ الأصغر لبشار والمسئول عن قيادة الحملات التي تشنها القوات المسلحة على البلدات والمدن السورية. وخلال المظاهرات، أضرمت النيران في مكاتب شركة الجوال “سيرياتيل” التي يملكها، وردد المتظاهرون هتافات معادية له. وشككت قيادات معارضة في مدى صدق تلك الخطوة، إلا أن الأهم هو رمزيتها التي تأتي في وقت يواجه الأسد أخطر تحد له طوال حكمه. وأوضح محللون أنه للمرة الأولى منذ بدء الانتفاضة، أجبر شخص يبدو واحدا من أعمدة النظام على التنحي علانية، في تنازل مثير للصدمة بالنسبة لنخبة حاكمة شديدة التماسك تربطها أواصر قرابة وولاءات قبلية. وقال بسام حداد، مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط لدى برنامج جورج ميسون: إن الحكومة تستخدم الآن مجموعة أخرى من الكروت، وهي مجموعة تتناول بصورة مباشرة مطالب المتظاهرين. فمخلوف يعتبر رمزا للفساد داخل النظام. وبالتالي تعبر الخطوة عن حدوث تغيير جوهري في النظام، لكن “القرار جاء متأخرا للغاية، ولن يقبله المتظاهرون”. ويمثل القرار إهانة للرجل الذي وصف بأنه “مصرف آل الأسد”. وعكس صعود نجم مخلوف جهود عائلة الأسد لتعزيز قبضتها على البلاد على مدار العقود ال4 الماضية، وكان والده محمد، خال الأسد، من أقطاب المجتمع السوري، ويتولى حافظ شقيق رامي مخلوف، منصب رئيس الاستخبارات في دمشق. واعتبرت المعارضة الخطوة الأخيرة مجرد دعاية، وقد تكون محاولة للالتفاف على العقوبات المفروضة على مخلوف من جانب الاتحاد الأوروبي، الذي وضع اسمه على قائمة من 13 شخصا تم تجميد أصولهم ومنعهم من السفر إلى دول الاتحاد. وكانت الولاياتالمتحدة فرضت ضده عقوبات عام 2008، بتهمة التلاعب بالنظام القضائي واستغلاله الاستخبارات في تخويف المنافسين. واعتبر عمار قربي، الحقوقي السوري البارز أنه “ليست هناك شفافية في إعلانه، لأننا لا ندري ماهية ما يملكه وحجم ثروته. إنها خطوة مصممة للاستهلاك الإعلامي فقط”. بينما اعتبر دبلوماسيون أن الأسد ثار على مخلوف بسبب المقابلة التي أجراها “نيويورك تايمز” خلال شهر مايو، وسلط خلالها الضوء على النظام السوري من الداخل. وجاءت التعليقات الصريحة التي أدلى بها مخلوف بمثابة كارثة على صعيد العلاقات العامة لحكومة تواجه بالفعل ضغوطا دولية متصاعدة بسبب حملتها القمعية المستمرة. وخلال المقابلة، قال مخلوف إن الحكومة ستقاتل حتى النهاية في صراع قد يلقي بالشرق الأوسط كله في حالة من الفوضى، بل وربما الحرب، ملمحا إلى أن الأسرة الحاكمة تساوي بين بقائها وبقاء الطائفة الأقلية الداعمة لسلطتها، وأنها تنظر إلى المظاهرات باعتبارها تغرس بذور حرب أهلية. وأضاف خلال المقابلة: “إذا لم يكن هناك استقرار هنا، فمن المستحيل أن يصبح هناك استقرار في إسرائيل. من المستحيل أن يتحقق ذلك، ولا أحد يمكنه ضمان ما سيحدث إذا ما لحق بالنظام - لا قدر الله - مكروه”. وفي إحدى الجمل التي قالها مخلوف أعلن صراحة: “يجب أن يعلموا أنه عندما نعاني، لن نعاني بمفردنا”. وتنامت ثروة مخلوف بعد فوزه وشركائه المصريين بعقد من عقدين لشركات هواتف جوالة. وفي نهاية الأمر، اضطر شركاؤه إلى بيع حصتهم، ومع ابتعاد سوريا عن الاقتصاد الموجه اقتحم مخلوف أكثر قطاعات الاقتصاد إدرارا للربح: العقارات والنقل والصرافة والتأمين والتعمير، بجانب إنشائه فندق 5 نجوم في دمشق ومتاجر لا تخضع للجمارك في المطارات وعلى الحدود. كما يتولى منصب نائب رئيس “شام هولدنج“، التي أنشئت عام 2007 بمشاركة 73 مستثمرا، ورأسمال بلغ 360 مليون دولار، في ما صوره الكثيرون كمحاولة لربط رجال الأعمال الأثرياء بالحكومة، بينما يعتقد محللون سوريون أنه المالك الحقيقي للشركة. وأفادت تقارير أنه باع متاجره غير الخاضعة للجمارك لشركة كويتية في مايو، رغم تلميح البعض بأن الخطوة ليست سوى مجرد محاولة للالتفاف على العقوبات.