بعيدا عن المجهود الشاق الذي سيبذله كل المحللين السياسيين والكتاب الكبار حول التفسير المنطقي والصحيح لجمعة الغضب الثانية وهل نجحت أم كان مصيرها الفشل .. فللعبد لله والفقير إلي الله تحليل يرغب في طرحة عليكم وهو ..... (1) لا شك أن هناك شيء أساسي استفاد منه الجميع بعد جمعة الغضب الثانية 27 مايو وهو أن التحرير باقي ولن يرحل أو يتركنا هاربا إلي وطن أخير وأنه أصبح منصة الشرف والعدالة التي تحاكم الفاسدين والمتآمرين علي أمن الوطن .. فنزول الجموع الغفيرة من الشعب المصري كانت رسالة يجب أن توجه بعنف إلي شرف وحكومته الجملية التي ليست لها إلا دلاله وأحده فقط لا غير وهي أن النظام السابق لم ينهار بكاملة وأن له توابع خطيرة، وللوعي السياسي الذي أصبح يتمتع به المصريين وإدراكهم لفشل تلك الحكومة أطلقوها في الميدان قالوها بأعلى أصواتهم “يسقط يحيي الجمل” وهم نادمين علي اختيارهم الذي تأكدوا أنه كان خطأ كبير لقد صعد الجمل بهتافات الثوار وها هو اليوم يسقط بهتافات الثوار أيضا ولكن شتان بين الهتافان لقد أثبت الرجل أن نظرية الكرسي الجذاب والسلطة المغرية صحيحة فبمجرد أن رفعة الثوار إلي منصبة الجديد “نائب رئيس الوزراء” نسي كل شيء وأصبح يتعامل مع الجميع من معارضيه ومنتقديه في الصحافة والإعلام بتعالي شديد وكأنه في ظل نظام سابق لم يعي أن هذا الأسلوب في الحوار أنتهي ولم يعد يصلح أن يبقي بيننا ولكن يبدو أن هناك من أقنعوه بان الشعب قد ثار مرة واحدة وسيعود للثبات العميق كما كان دائما، لقد اثبت الرجل صدق ما يقال “في مصر الكل يعمل لمصلحة الشخصية وليس للوطن قيمة” ومن أجل هذا يبدوا أنه راحل قريبا بلا رجعه ليكون أول مسئول يخضع بعد الثورة لتطبيق نظرية أن الشعب لن يرضي بالمتعالين والمخطئين والذين يطبقون أشياء عكس إرادته ... (2) وأقول لمن كانوا غير مرحبين لجمعة الغضب ومرددين دعاوى عودة الاستقرار ومستخدمين فزاعة الانهيار الاقتصادي .. كان لابد من هذه الجمعة لتوضح للجميع سواء كانوا حكومة شرف أو المجلس العسكري أو فلول النظام السابق أو أي متآمر علي أمن مصر .. لابد أن يعي الجميع أن الثورة ماضية في طريق التطهير وأن الثوار مستيقظين وأن المحاولات التي تدار وتحاك من اجل الانقضاض علي مكاسبها لن تجدي .. لقد كان ما دار في المهزلة الوطنية والتي عرفت إعلاميا باسم “الحوار الوطني” ما هي إلا نوايا غبية من بقايا نظام غبي ولكني في الحقيقة ألتمس لهؤلاء البقايا العذر فبعقولهم الروتينية .. التقليدية .. العقيمة التي عاشت في كنف أنظمه استبدادية فاسدة والتي جاءت الثورة بعد أن كانوا تخطوا هؤلاء البقايا بعقولهم عمرهم الافتراضي غير قابلين لأي تجديد أو تطوير فمازالت صورة مصر المنتهكة والمصريين المستعبدين راسخة في وجدانهم تحجب عنهم الرؤية فحتى ألان لم يستطيعوا أن يشاهدوا صورة مصر الجديدة التي أصبحت موجودة ويشاهدها شعوب وحكومات العالم اجمع ويحاولوا تقليدها لقد تصوروا “ويا ريتهم ما تصوروا” أن البلد يمكن أن تدار علي الطريقة المباركيه أو الساداتية أو الناصرية لم يستوعبوا أن مثل هذه الطرق دفنت مع من دفنوا ورحلت مع من رحلوا وأن مثل هذه المؤتمرات وجلسات الحوار والرغى والجعجعة ومحاولة تزويق الأمور بدون مشاركة الثوار الحقيقيين ستكون بمثابة كلام في الهواء ولن يستمع إليها أحد وستكون مصيرها الفشل كما حدث .. (3) ولكن في النهاية وقبل نزول تترات الختام يبقي سؤال واحد كان يردده ثوار الميدان لماذا موقف المجلس العسكري سلبي إلي هذه الدرجة؟ والحقيقة أنه لا يوجد أي شخص يستطيع الإجابة علية إلا المجلس العسكري الذي مازال يتعامل هو الأخر علي طريقة “العلبة فيها أية وسري للغاية” ولكن الذي يجب أن يصل للمجلس أنه لا خيار أخر فلابد من تغيير الوجوه ولابد من توضيح ما يحدث خلف الكواليس فلن يقبل الشعب المصري بعد اليوم أن يدار علي طريقة “من تدخل فيما لا يعنيه ونفذ الأمر” فرسالة أنقلها للمجلس العسكري الذي مازلت أكن له كل الاحترام والتقدير والذي وللأسف الشديد فقد نصف جماهيره من المشجعين والمعجبين المصريين يجب أن يكون هناك خطوات سريعة في محاكمة الرئيس السابق وأسرته ووزراءه وكل التابعين لنظامه وأي كانت النتيجة التي ستصل لها التحقيقات فلابد أن يطبق علي الجميع نص القانون بدون استثناء ويجب اختيار قضاة لتلك المحاكمات يتمتعوا بنزاهة كاملة ولا تشوبهم شائبة واحدة ويجب أن يشعر الجميع بأن دماء شهداء التحرير لم تذهب هباء ويجب أن يتم استئصال رموز الفساد من كل الجهات والهيئات والقطاعات ويجب أن يتم تطهير الهيئة القضائية التي مازالت توجد بها بعض الشوائب حسب التصريحات التي يردد المستشار الخضيرى والتي أؤمن بها ويجب أن يكف المستشار الزند وأمثاله عن توجيه خطاب متعالي علي إرادة الشعب الحر ويجب أن يسيطر المجلس العسكري علي كل محاولات التخريب التي تدبر وتنفذ أمام عينة ثم تصدر للجميع علي أن هذه هي تبعات الثورة حتى يصلوا بالشعب في نهاية المطاف أن يستنكر الثورة ويلعنها ويترحم علي أيام مبارك .. وهذا لن يسمح أحد به علي الإطلاق . [email protected]