ما يحدث في قنا ليس خروج على القانون بل هي محاولة من جبل صامت طوال الدهر ليعبر عن نفسه الحكومات المتتالية في النظام السابق كانت تعتبر أبناء قنا مواطنين من الدرجة الثالثة ليس لهم حقوق وعليهم كل الواجبات وكانوا ينظرون إلى القناوية باعتبارهم بسطاء يجهلون السياسية وليس لهم صوت. وبعد ثورة 25 يناير تعاملت حكومة شرف بنفس الأسلوب القديم هو تجاهل مطالب أبناء قنا باعتبارهم كائنات ليس لهم حق وفى ذات الوقت تستجيب لكل من يعتصم في ميدان التحرير كأن مصر بكل مشاكلها أصبحت قاصرة على متظاهرى التحرير ، قبل أن تقولوا أن شعب قنا طائفي يرفض تولى قبطي منصب المحافظ ابحثوا عن السبب الحقيقي للرفض. السبب الرئيسي في رفض أهالي قنا تولى المحافظ الجديد اللواء عماد شحاتة ميخائيل منصبة ليس كونه قبطي فقط بل لأنه سوف يتعامل بنفس الأسلوب الذي كان يتعامل به اللواء مجدي أيوب المحافظ السابق القبطي أيضا هو عدم الحزم والشدة وعدم الاهتمام بالمحافظة ولا يستطيع تلبيه ابسط احتياجات البسطاء وكذلك فشله في توفير الأمن والاستقرار لأنه كان شخص ضعيف يخشى من غضب القبائل ويخشى الدخول في المشاكل ، عانى الأقباط قبل المسلمين من ضعف أيوب وفشله لدرجة أن الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي قدم أكثر من شكوى إلى البابا شنودة الثالث يشكو فيها أيوب لعدم قدرته على تنفيذ مطالب الأقباط خوفا من المسلمين. مجدي أيوب هو السبب الحقيقي في حاله الاحتقان الطائفي الموجودة في قنا في عهده انتشرت الجرائم الطائفية بسبب ضعفه فحدثت مذبحة نجع حمادي واغتصاب طفله فرشوط وغيرها عشرات من حالات التوتر الطائفي. قنا تتميز بطبيعة خاصة يوجد بها ثلاث قبائل عربية وهى”الهوارة والأشراف والعرب” لهم عاداتهم وتقاليدهم الخاصة لذلك يجب أن يفهم شرف طبيعة قنا قبل أن يصدر قراره ، لان القناوية ليسوا خارجين عن القانون ولا بلطجية بل هم مواطنون لهم الحق في الاعتصام والتظاهر السلمي وما دفعهم لإعلان العصيان المدني وقطع خط السكة الحديد والطرق هو تجاهل الحكومة لمطالبهم وهو ما اغضب شيوخ القبائل ، لن يستطيع شرف وحكومته تعين محافظ يرفضه القناوية وإلا ستتحول قنا إلى مستنقع جديد للإرهاب ،لان الصعايدة بحكم العادات والتقاليد يمتلكون السلاح ويعتبرونه من ضروريات الحياة فلا يكاد يخلو بيت في الصعيد من وجود السلاح بمختلف أنواعه وإذا أصر شرف على العند مع أهالي قنا سيكون هو الخاسر لا محالة . لأول مرة في تاريخ قنا تتحد قبائل على قلب رجل واحد الجميع يرفض تولى ميخائيل أعلنوا أنهم سوف يقتلون المحافظ إذا دخل قنا غصب عنهم وهو تحدى جديد لشرف الذي يصر على العناد. يظن الكثيرين أن مبارك ونظامه نجحوا في التخلص من الإرهاب الذي شهدته مصر التسعينيات من القرن الماضي وهذا ليس صحيح بالمرة لان الفضل الأول والأخير لمشايخ القبائل الذين اتفق معهم الوزير عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات وقتها- واحد أبناء هوارة قنا – على مساعدة الحكومة للتخلص من الجماعات الإرهابية لعودة الأمن والاستقرار وهذا ما حدث ، بعض وسائل الإعلام تدعى أن السلفيين والإخوان المسلمين هم محرك الاحتجاجات في قنا وهذا ليس صحيح لان ما يحدث في قنا ثورة شعبية ضد لواء شرطة متورط في قتل المتظاهرين بميدان التحرير وكان من بين الشهداء قناوية لأنهم ليسوا اقل وطنية من غيرهم . والحديث عن قيام ثورة مضادة في قنا باتفاق مع قيادات جهاز امن الدولة المنحل هي ادعاءات وأوهام كاذبة تسيطر على دماغ من يتصورها لأنه ليس من ثقافة وعادات الصعايدة الغدر أو الخيانة ونحن لسنا اقل حرصا على مصر ولا أقل حبا لها من ثوار التحرير ، ولا سبيل أمام شرف وحكومته لحل أزمة قنا إلا تغيير المحافظ حتى يتم حقن الدماء ويعم الاستقرار على الجميع.