التعليم: مصروفات المدارس الخاصة بأنواعها يتم متابعتها بآلية دقيقة    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    التموين : لم يتم تغيير سعر نقاط الخبز بعد تحريك سعره    حماية المستهلك: ممارسات بعض التجار سبب ارتفاع الأسعار ونعمل على مواجهتهم    اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 500 مليون دولار    ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي على حلب ل17 قتيلًا و15 جريحًا    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    التصعيد مستمر.. غارة جوية على محيط مستشفى غزة الأوروبي    البرتغال.. تصادم طائرتين خلال عرض جوي يودي بحياة طيار ويصيب آخر    انعقاد اجتماع وزراء خارجية كوريا الجنوبية والدول الأفريقية في سول    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    "لقاءات أوروبية ومنافسة عربية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الغموض يسيطر على مستقبل ثنائي الأهلي (تفاصيل)    موعد ورابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة جنوب سيناء    حريق هائل يخلف خسائر كبيرة بمؤسسة اتصالات الجزائر    السكك الحديد: تشغل عدد من القطارات الإضافية بالعيد وهذه مواعيدها    استشهاد 8 بينهم 3 أطفال فى قصف إسرائيلى على منزلين بخان يونس    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    أفشة ابن الناس الطيبين، 7 تصريحات لا تفوتك لنجم الأهلي (فيديو)    سماع دوي انفجارات عنيفة في أوكرانيا    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلين شرق خان يونس إلى 10 شهداء    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب "إيشيكاوا" اليابانية    «مبيدافعش بنص جنيه».. تعليق صادم من خالد الغندور بشأن مستوى زيزو    خوسيلو: لا أعرف أين سألعب.. وبعض اللاعبين لم يحتفلوا ب أبطال أوروبا    تعرف على آخر تحديث لأسعار الذهب.. «شوف عيار 21 بكام»    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية.. ويوجه مشرفي الحج بتوفير سبل الراحة    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    تكات المحشي لطعم وريحة تجيب آخر الشارع.. مقدار الشوربة والأرز لكل كيلو    منتدى الأعمال المصري المجري للاتصالات يستعرض فرص الشراكات بين البلدين    «أهل مصر» ينشر أسماء المتوفين في حادث تصادم سيارتين بقنا    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لشخص أشعل النيران في جسده بكرداسة    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    العثور على جثة طالبة بالمرحلة الإعدادية في المنيا    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    أصعب 24 ساعة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الإثنين: «درجات الحرارة تصل ل44»    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    استقرار سعر طن حديد عز والاستثمارى والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عبد النبي: حكاية الموز والقهوة فصل من رواية : رجوع الشيخ
نشر في البديل يوم 13 - 11 - 2010

بعد عامين من عمل أبي، عبد المتعال أفندي دنيا، مدرساً للغة العربية، بمدرسة حكومية، قرر أن الوقت قد حان ليكمل نصف دينه.
كان هذا نهاية الأربعينيات، بالمناسبة، إن كان لهذا معنى أو ضرورة.
استخار أبي الله، وسافر إلى بلدتهم الصغيرة، التابعة لمحافظة الشرقية، ليعثر على بنت الحلال، بمعاونة أمه وشقيقاته، وكانت العروس جاهزة، بانتظاره، بنت من بنات عائلة كبيرة، تأخر نصيبها قليلا، يعلم الله لماذا، وأسرتها ذات جاه ومال، وقد جست إحدى الخاطبات النبض فرحبوا بعبد المتعال، الخوجة فى مصر، على الرغم من رقة حال أسرته، من صغار الملاك، أو بالأحرى من صغار صغار الملاك.
ذهب مع عمه، الذى جاء خصيصا من طنطا حيث يعمل إماما بإحدى مساجدها، فى رحاب السيد البدوى، ولأن الشاب، أبي أيام كان شاباً، لم يكن طامعاً فى حسبٍ أو مال، وكان تطلعه للجمال رقم واحد في أولوياته، فقد اتفق مع العم المُعمم الظريف على حيلةٍ، وهى أن يسأله عمه عن رأيه بسيمٍ محدد بينهما، فلو قدمت العروس الشربات مثلا يسأله عمه عن الشربات، هل أعجبه، وهكذا، ولم يعلنوا للأسرة عن سبب الزيارة، وتَواطأ الأهل على اعتبارها مجرد زيارة تعارف لكى يتسنى للعريس رؤية العروس التى تكبره فى السن، كما يشاع.
استقبلوهم بالترحاب وأجلسوهم فى مندرة واسعة تكاد تكون مكشوفة للهواء والشمس من الجهات الأربع. وراح الرجال يتبادلون المجاملات، وبين الحين والآخر تدخل سيدة لتسلم ثم تنصرف، حتى دخلت العروس بصينية القهوة.
كان كل شئ يوحى بأنها العروس، زينتها وملابسها وشعرها المسبسب المطل من تحت غطاء رأسها الأسود ولكن اللامع أيضا.
كانت مشيتها متخبطة ومتعثرة، كما لو أن عودها الطويل الجاف سوف ينقصم فى أية لحظة، وحين اقتربت ومالت لتضع الصينية على مائدة واطئة وسط مقاعد وآرائك المندرة، بان وجهها الملون والشاحب رغم ألوانه، وبدت أكبر مما توقع العريس وأقل حسنا أيضا مما يُرضيه.
غادرت على عجل فى حياء أشد، وقد خلفت فى نفس المدرس الشاب غصةً ومرارة، ودام الحديث دون أن ينتبه لأن يرفع فنجان قهوته إلى فمه.
وما هى إلا دقائق، حتى ظهرت صبية لعلها لم تبلغ السابعة عشرة بعد، بثياب سوداء مهلهلة أقرب إلى ثياب الخادمات، ووجه مثل طبق البلور، وضعت بسرعة وهدوء، بين أيدي الرجال، طبقا كبيرا ممتلئا بالموز، ثم ذهبت كأن شيئا لم يكن، فعادت الدنيا لظلمتها أمام عين العريس، أمام أبي، وهنا خاطبه العم الأزهرى الأريب:
ما تشرب قهوتك يا ابني، خلينا نلحق العصر حاضر.
ماليش تقل ع القهوة يا عمي، آني هاكل موز، الموز ده لا يُعلى عليه.
لم يفهم الأهل الإشارة، وقال له بعضهم “ألف هنا وشفا يا أستاذ”، دقائق وفوجئ الجميع بعم أبي يطلب يد ابنتهم الكريمة لنفسه، وكان أرملا منذ عامين ولديه طفلة وحيدة يشقى بتربيتها وحده فى غربته بطنطا. انعقد لسان أهل البنت، وطلبوا منه مهلة للتفكير.
وفى اليوم التالي، أخذ أبي عمه من يده لزيارة منزل آخر، دار طينية من طابق واحد، غير أن البدر المنور كانت ابنة أهل هذه الدار. يا سلام على العبر!
أبوها مسنٌ وطريح الفراش منذ سنوات وأمها تعمل في مختلف الأعمال لتطعم الأفواه، والبنت تساعد الجميع هنا وهناك لينوبها هى وأخواتها من الحب جانب. رفضت أم عبد المتعال أفندى، ابنها الوحيد وطالعة به القلعة. وحذره عمه أنها سوف يأخذها بالجلباب الذي عليها، فأجاب الشاب: “سآخذها ولو من غير جلباب يا عمى.”
أعرف أنني أملأ فجوات الحكايات العائلية قدر ما استطعت.
عُقد قران العم وابن أخيه بعد صلاة جمعة واحدة، فى المسجد الكبير للقرية.
ودون عُرس تقريبا أخذ العم زوجته إلى طنطا فى موكب من سيارات محملة بأثاثها وجهازها الذى طال تخزينه، دون أن يدرى الشيخ الأريب أين سيضع كل هذا، إلا إذا قرر أهلها شراء منزل جديد لهما. سيختفي هذا العم الأزهري الآن وعلى طول.
وتم زواج آخر دون ضجيج كبير أيضا، آثر عبد المتعال أفندى أن يوفر المال ليسافر بزوجته إلى الإسكندرية أو مطروح، كما يفعل الناس المحترمون، وبعد أسبوع من العسل قضياه فى مرسى مطروح جاء بها، بحقيبة ثيابها إلى شقته المجهزة من مجاميعه، آخر شارع منية السيرج بشبرا مصر، غير بعيد عن المدرسة التى يعمل بها.
أتخيل أن تلك الحكاية الصغيرة لم تختف من البلدة لسنوات، وكثيرا ما ردد الناس عبارة “الموز لا يُعلى عليه” عندما يفضل بعض الشباب الجمال على المال والحسب، مع الأيام نُسيت الحكاية وإن ظلت العبارة معلقة فى الهواء، وجهل الكثيرون بأصلها، وبقى الشباب يرددونها على مسامع الفتيات، وكأنها رمز معلوم فيما بينهم.
مواضيع ذات صلة
1. ” الصورة .. حكاية ” ورشة جديدة لتشجيع الإبداع المشترك
2. الطبعة الخامسة من رواية ” گولستان والليل” بالقاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.