تعرض القطاع السياحي، منذ اندلاع ثورة يناير وحتى خلال ثورة 30 يونيو، لخسائر موجعة قدرت بأكثر من 12 مليار دولار؛ نظرًا لتوتر الأحداث وغياب عنصر الأمن والاستقرار السياسي، رغم أنه يعتبر المصدر الإيرادي الثاني بعد الضرائب، في تمويل النفقات الدولية، بالإضافة إلى أهميته في زيادة النقد الأجنبي. أكد مجدي سليم، رئيس قطاع السياحة الداخلية بوزارة السياحة، في حواره ل"البديل" أن تلك الصناعة لن تعود لسابق عهدها إلا إذا استقر الشارع المصري، خاصةً في الميادين والمحافظات المشتعلة، وعلى الرغم من هذه الخسائر، إلا أن لديه تفاؤل بانتهاء تلك الأزمة قريبًا.. ** ما حجم الإشغالات بالفنادق والمواقع السياحية بعد ثورة يناير وبعد أحداث 30 يونيو؟ نسبة الإشغال بالفنادق السياحية في فنادق القاهرة أصبحت منعدمة، ولا تتجاوز 2%، نظرًا للأحداث خلال الفترات الماضية، خاصةً وأن مواقع تلك الفنادق قريبة جدًا من الأحداث، أما مدينتي الأقصر وأسوان فبلغت 6% بحد أقصى. لكن في محافظة البحر الأحمر، قفزت النسبة إلى 70% من حجم الإشغالات، لابتعادها عن موجات العنف، إلا أن مصر عانت على مدار 3 سنوات من خسائر في القطاع السياحي، والذي كان مكسبًا للكيان الصهيوني، فمعظم السائحين كانوا يذهبون لمدينة إيلات الإسرائيلية وينفقون أموالهم هناك، بسبب عدم الاستقرار الأمني والسياسي بمصر. ** كيف تعاملتم مع تلك الأزمة؟ برغم ما تشهده مصر حاليًا، إلا أن هناك حركة سياحة وافدة من البلدان الأوروبية، ومن روسيا التي تحتل المرتبة الأولى في عدد الوفود السياحية خلال تلك الأيام، واعتقد أن العالم بأسره يشهد حاليًا حالة انكماش سياحي، وبالتالي فإن في مصر حالة عارضة، تنتهي بانتهاء الأحداث، خاصةً وأننا دولة رائدة في ذلك المجال. ** ماذا عن حجم التأثير في القطاع عقب الإفصاح عن تعيين محافظًا للأقصر ذو خلفية جهادية؟ تأثرت مصر كثيرًا بعد إعلان الرئيس المعزول محمد مرسي عن تعين عادل خياط محافظًا للأقصر، خاصةً وأن ذلك الأمر أثار حفيظة عددًا من الدول، أبرزها اليابان؛ لارتباط المحافظ المرشح بأحداث إرهابية خلال العام 1997، والتي تسببت في قتل العشرات من السياح الأجانب في معبد حتشبسوت، وهو ما زاد من حالة الاستياء العالمي. ** وما موقفكم من ترشيح المحافظ الجديد؟ اعترض العاملون بالقطاع السياحي على ترشيح تلك الشخصية، ولكننا لم نكن متضامنين مع الدكتور هشام زعزوع وزير السياحة، بعد الإعلان عن تقدمه بالاستقالة من منصبه؛ اعتراضًا على المحافظ الجديد؛ لأنه بالكاد يصيب السياحة في مقتل، ولكن جاء الاعتراض من منطلق أن اختيار «خياط» لم يكن على الإطلاق مناسبًا، خاصةً وأن مصر تعتبر دولة سياحية ومدينة كالأقصر من أكبر المدن السياحية، والتي تعتمد على الآثار والتاريخ الفرعوني وبمثابة مصدرًا للدخل القومي. ** ترددت عبر وسائل الإعلام المحلية والعالمية فتاوى من بعض المتشددين بهدم الآثار المصرية كالأهرامات وأبو الهول.. هل هناك تخوف من حدوثها بالفعل خاصةً في ظل المرحلة الراهنة؟ وما حجم تأثيرها وقتها؟ الفتاوى التي أطلقهتا بعض الجماعات الجهادية حول تدمير الآثار باعتبارها أوثان مجرد استهلاك إعلامي لا أكثر ولا أقل، ولم يمنع هذا أنها تسببت في حدوث تخوفًا عالميًا من صحتها ولا أعتقد أن تحدث. ** إذن كانت هناك حملة لتدمير السياحة؟ ربما، لكن الرئيس المعزول أكد في العديد من لقاءته على أنه يضع السياحة في المرتبة الأولى، لا يمكن إنكار أن هناك أخطاءً تم ارتكابها في عهد جماعة الإخوان المسلمين كتولي شخصيات إخوانية أو جهادية ليس لديها أية خبراء في تقلد منصب وزاري أو حكومي، فمؤشرات الاختيار ابتعدت عن الكفاءة وكانت لمجرد قرب المسئول من مكتب الإرشاد وانتماءه لحزب الحرية والعدالة. ** الجميع يعلم أهمية القطاع السياحي.. لكن ماذا عن حجم الدخل خلال سنوات ما قبل الثورة وما حجم العمالة التي توفرها؟ تعتبر السياحة موردًا رئيسيًا في الاقتصاد المصري، ومصدرًا للناتج القومي، فخلال عام 2010 حققنا عائدًا بلغ 12.5مليار دولار، في وقت لم تحققه إيرادات قناة السويس، بالإضافة إلى أن عام 2008 وفد إلى مصر أكثر من 15 مليون سائح، وبالتالي هي صناعة توفر فرص عمالة بشكل كثيف، خاصةً وأن كل مليون جنيه عائد من تلك الصناعة، توفر نحو 200 ألف فرصة عمل. ** ما هي حجم الاستثمارات بذلك القطاع؟ هناك أكثر من 16 مليون مصري يستفيد بشكل غير مباشر من السياحة، بجانب وجود أكثر من 200 مليار جنيه استثمارات سياحية في مصر، في شكل منشآت ومؤسسات سياحية بحاجة لوقفة للحفاظ عليها، ووجود قرار استثماري سيلم ومطمئن خلال الفترة المقبلة، وبالتالي ينبغي أن يكون هناك مبادرات لدى المستثمرين المصريين لضخ استثماراتهم في القطاع، شرط استعادة الأمن والاستقرار السياسي للشارع المصري. ** خلال فترة الركود السياحي بمصر فضل معظم السائحون السياحة الشاطئية.. ما سر اختيارهم؟ هناك اتجاه عالمي لدى عدد من الدول السياحية عالميًا في الاعتماد على السياحة الترفيهة بأنواعها، سواء الشواطئ أو العلاجية أو المؤتمرات، والتي يلجأ إليها عدد كبير من السياح بسبب ضغوط الحياة، رغم أن السياحة التاريخية تشكل نحو 80 % من إجمالي السياحة عالميًا. ** هل يؤثر ذلك الفكر الجديد على مصر؟ الأمر مختلف تمامًا بمصر، رغم أنها تمتلك كل المقومات السياحية، إلا أنها تعتمد بشكل رئيسي على السياحة الثقافية والتاريخية، نظرًا لما تمتلكه من نحو ثلثي آثار العالم، وبالتالي ينبغي أن يكون هناك اتجاهًا قوميًا لتنمية مناطق الصعيد، لأنها تزخر بالآثار الفرعونية. ** ماذا تتوقع بالنسبة للسياحة المصرية رغم الأحداث الحرجة بالبلاد؟ اتوقع خلال الفترة القريبة أن تعود السياحة أكثر مما كانت عليه، وعلى مسئوليتي هناك أسواق جديدة لم تكن موجودة في مصر تأتي إلينا، خاصةً وأن هناك دعمًا كبيرًا للدولة من مجموعة من الدول أبرزها البلاد الأسيوية والأوروبية، خاصةً بولندا وأمريكا اللاتينية، وبالتالي تكون بداية للمد السياحي بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة.