ما أشبه الليلة بالبارحة، فحينما يزداد أنين المظلومين من الشعب يخرج الملايين يعبرون عن غضبهم في الشوارع، يطالبون بإسقاط النظام، فينحاز جيش مصر الوطني للجماهير، لتسقط الأنظمة الفاسدة، هكذا جاءت ثورة 25 من يناير وموجتها الثانية في 30 يونيو، وهكذا كانت ثورة الضباط الأحرار في 23 يوليو. في ذكرى ثورة يوليو، التقى "البديل" بحسين نور الدين، أمين لجنة السياسات بالحزب الناصري في السويس، تحدث عن أوجه الشبه بين ثورة يناير وثورة يوليو، وعن دور القوات المسلحة في التلاحم مع الشعب. * في البداية.. ما هي علاقتك بالحزب الناصري؟ أنا أمين الحزب الناصري بالسويس، وعضو بالحزب منذ نشأته بالمحافظة في التسعينات، كنت العضو رقم 5 في نشأته، وقبل ذلك كنت في شباب حزب مصر في السبعينات وهو حزب قائم على خدمة شباب المحافظة، ولكن ميولي الناصرية هي ما دفعتني لدخول الحزب الناصري بعد نشأته. * إذًا ما الأساس في الفكر الناصري، والفرق بينه وبين باقي الأفكار اليسارية؟ الحزب الناصري هو حزب قومي عربي أنشئ على أساس فكر ناصري، نابع من أهداف ثورة يوليو التي قام بها "جمال عبد الناصر"، وهي القضاء على الإقطاع وعدالة اجتماعية والقضاء على تهميش الفقراء، ولا شك أن أهداف ثورة يناير وهي الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية هي مكملة لثورة يوليو. * ماذا كان التعامل بين شباب الفكر الناصري والأنظمة المتلاحقة بعد عبد الناصر؟ حينما تولى الرئيس "السادات" الحكم بعد عبد الناصر، كان يعلم مدى شعبيته فعكف على محاولة إخفاءها عن طريق تغيير اسم بحيرة ناصر إلى بحيرة السد العالي، وكذلك استاد ناصر إلى استاد القاهرة ،كما أخرج الجماعات الإسلامية والإخوان من السجون وأطلقهم لمحاربة أصحاب الفكر الناصري، الذين صمدوا وقاوموا لتحقيق أهداف ثورة يوليو. وحتى هذه اللحظة لا يزال من يحملون الفكر الناصري، يقامون حتى تحقيق تلك الأهداف. * وكيف تعامل أهل السويس مع بداية الحزب الناصري؟ في عهد المخلوع "مبارك" كان هناك تضييق أمني، فممنوع على الحزب تنظيم أي فعاليات وحتى الاجتماعات كانت محاصرة بعناصر الأمن لتسجيل كل أسماء المشاركين، وكان دائمًا ينظر إلينا المواطنون على أننا من كوكب أخر، حتي في أيام حركة كفاية وخروج الأمن علينا لمحاصرتنا وتمزيق لافتاتنا، كان الأهالي ينظرون إلينا نظرة الغرباء، ولكن شباب الناصري صمدوا للنهاية حتى أصبحوا خير مثال في شوارع محافظة السويس. *ما هي العلاقة بين ثورة يوليو وثورة 25 يناير و30 يونيو؟ ثورة 25 يناير وموجتها الثانية في يونيو هم مكملتين للثورة الأصلية في 23 يوليو، ففي ثورة الضباط الأحرار، قام بها الجيش وأيدها الشعب، وفي ثورة يناير قام بها الشعب وأيدها الجيش. * ولكن البعض يقول أن ثورة يناير هي انقلاب على الحكم العسكري الذي جاء به ثورة الضباط الأحرار؟ هذا كلام غير صحيح، فثورة يناير خرج بها الشباب المهمش الذي لم يجد سبيل للعيش في ظل نظام فاسد، هو نفسه من أنقلب علي ثورة 23 يوليو وأهدافها، وخرج شباب يناير ليعيدوا ثورة يوليو لمسارها الصحيح، ولكن شهادة للتاريخ بالرغم من فساد مبارك إلا أنه رفض الحرب الأهلية وإراقة الدماء في الشوارع، فتنحي وسلم السلطة للمجلس العسكري. * ما هو تقييمك لأداء المجلس العسكري عقب تسلمه السلطة من مبارك؟ للأسف فشل في ممارسة السياسة في المرحلة الأولي، وبعد ذلك عاد فعقد صفقات مع الإخوان وسلم لهم مفاتيح البلاد ليفسدوا فيها، وهذا من باب السلامة بعد تهديدات الإخوان بحرق البلد، حتى جاءت حركة تمرد العظيمة وساند الجيش فيها 33 مليون مواطن مصري، وفي النهاية يجب محاكمة كل من أخطأ في حفظ البلاد، لا حصانة لأحد طالما توافرت المحاكمة العدالة. * وما رأيك فيما فعله الفريق عبد الفتاح السيسي؟ السيسي هو عبد الناصر لكن في 2013، وفي النهاية هو توأم عبد الناصر الجديد، فهو زعيم وطني أفرزته القيادة الشعبية والعسكرية المصرية ليدخل التاريخ بالرغم من كيد الكائدين، ويذكرني الفريق السيسي بسوار الذهب الذي قاد ثورة في السودان ثم سلمها لقيادة مدنية. *البعض يحاول وصف ما حدث في 30 يونيو بانقلاب على الشرعية وعسكرة للدولة، مشبهين ذلك بتولي الرئيس عبد الناصر الحكم عقب الرئيس محمد نجيب؟ في ثورة 52 تم اختيار "محمد نجيب" كرئيس، لأنه برتبة لواء، مما يعتبر واجهة جيدة للثورة ودفعة للجيش، ولكنه خرج عن المسار بحب الأضواء والانفراد بالسلطة وحيدًا، فعاد الشاب عبد الناصر قائد الثورة الحقيقي واسترد ثورته ممن لم يشارك فيها. وبالنسبة ل2013 فالجيش لم يقم بالثورة، الجيش وجه إنذار لمدة أسبوع ثم 48 حتى تخرج البلاد من الأزمات، وجاء خطاب المعزول "مرسي" الذي لم يستجب فيه لإرادة 33 مليون مواطن مصري، ببساطة من كان يحكم مصر هو كهف الإرشاد بالمقطم، فمصر كان يحكمها عصابة دولية. *إذا ما هو الفرق بين قيادة عسكرية مثل الفريق السيسي والرئيس جمال عبد الناصر، وقيادة أخرى كالمشير طنطاوي؟ "السيسي وعبد الناصر" هم قيادات وطنية شابة يلهبها حماس الشباب، وأيضًا لا ينكر على المشير طنطاوي وطنيته ولكن عوامل السن أثرت عليه، فكان لابد من قيادات جديدة شابة. * ما هي أخطاء ثورة يوليو التي يجب تفاديها الآن؟ للأسف لم تتخد الديمقراطية مسارها عقب ثورة يوليو، ولكني أثق إن أمهل القدر الرئيس جمال عبد الناصر بعض الوقت، لكان رسخ لمبادئ الديمقراطية حينما، يكون الوقت مناسبًا وغير ضار بالثورة، ومن هنا نستنتج أن علينا التشبث بأبواب الديمقراطية بمشاركة القوى الوطنية دون عزل أي فصيل سياسي أو عزله عن الدولة، إلا من تلوثت يده بدماء المصريين. * ما رأيك في التغير على مستوى سياسة مصر الدولية عقب الرئيس عبد الناصر وعقب ثورة 30 يونيو؟ في البداية "عبد الناصر" كان المحارب الأول للمشروع الأمريكي، ولهذا حاولوا التآمر عليه، وحتى بعد كامب ديفيد كانت مصر مستقلة منتمية لدول عدم الانحياز، ولكن بعد معاهدة السلام أو معاهدة العار مع إسرائيل، انبطحت الإرادة المصرية لأمريكا وجاء "مبارك" وقضى على الإرادة المصرية وحولها لتابع بشكل كامل لأمريكا. ولكن الآن على مصر عدم الميل نحو الاتجاه الروسي، فهم أيضًا يحاولون زراعة أقدامهم في الشرق الأوسط من خلال ثورتنا، فعلينا عدك الانبطاح شرقا أو غربا، وعلى الدولة الروسية ضمان تنويع السلاح المصري حتى لا يتم لوي ذراعنا بالمنحة الأمريكية العسكرية دون أي شروط تجعل من مصر تابعًا لأحد. * ما هي أولويات النظام المصري الجديد لضمان مستقبل أفضل؟ ليس هناك ما هو أهم من الملف الاقتصادي، الذي يجب الاهتمام به للقضاء على مشاكل الشباب وخاصة البطالة، والخصخصة، وارتفاع الأسعار. الملف الاقتصادي هو ما يشعر به المواطن، ويشعره بالتغير، ثم يليه باقي الملفات الأخرى. * ما هي أجندة الحزب الناصري الفترة المقبلة؟ الفترة المقبلة يكون عمل الحزب الناصري الموحد بعد اندماج كل الأحزاب الناصرية، ثم المشاركة في الشارع والدول في الانتخابات البرلمانية، والتنسيق مع باقي الأحزاب الليبرالية على مرشح رئاسي واحد حتى لا يحدث تفتيت للأصوات.