خرجت بعض الأجيال مبكراً لمعترك السياسة، حملت على أكتافها الحلم الثوري، لم يتجاوزوا الخامسة عشر حينما قادوا طليعة العمل الثوري في البداية مع حركة كفاية 2005 ، نضجوا بفعل 18 عشر يوما قضوها في خيام ميدان التحرير يهتفون فقط "أرحل"، وجاء اليوم ليكونوا قادة لحركات شبابية تصنع الغد، حتى توجوا كفاحهم بثورة الثلاثين من يونيو ليبهروا العالم للمرة الثانية ليكتب الجميع أن بمصر حركات شبابية أبهرت العالم وأسقطت نظامين رغم أن عمرها اقل من أن يُعد على أصابع اليد. روى صلاح إبراهيم – عضو بالتيار الشعبي الإسماعيلية - قصة دخوله معترك السياسة ضمن حركة 6 أبريل وبسببها تم فصله من كلية الفنية العسكرية في 2009 ، ثم بدأ المشاركة في حملة دعم البرادعي، وحاليا في التيار الشعبي الذي له رؤية تهدف إلي خلق مجتمع ديمقراطي حديث واعتبار جماعة الأخوان جماعة غير وطنية مما يعرضها للعزل الشعبي. ويرى صلاح، أن وجود الحركات الشبابية بكثرة، هو ظاهرة صحية بعد الثورات، حيث تخلق حالة من التناغم الثوري المطلوب في اللحظة الحالية بشكل كبير، أما عن روية التيار الشعبي بالإسماعيلية عامة وصلاح إبراهيم خاصة، بالنسبة للفترة الانتقالية، فالحل في حكومة تكنوقراط على رأسها شخصية مثل محمد العريان، في وجود نبيل العربي، كوزير خارجية وخالد على، كوزير للقوى العاملة، في وجود البرادعى كمستشار للرئيس، على أن لا تتجاوز الفترة الانتقالية 6 أشهر وبعدها انتخابات رئاسية. حزب المصريين الأحرار أيضا من الأحزاب التي نشأت بعد ثورة يناير، وضمت طليعة شبابية كبيرة منهم نادر الشرقاوي، أحد شباب الحزب بجنوبسيناء، وعضو هيئة عليا، يقول إن المشاركة السياسية في جنوبسيناء قبل ثورة يناير كانت شبه معدومة باستثناء بعض النشطاء دائمي التردد على القاهرة، لكن بعد الثورة أختلف الوضع قليلا وعرفت جنوبسيناء بعض المسيرات والمظاهرات خاصة في الطور، ومع ازدياد سوء الأوضاع في مصر وجنوبسيناء، خاصة الانفلات الأمني الذي أثر على السياحة، بدأت المسيرات تنتشر في كل أرجاء جنوبسيناء حتى وصلت شرم الشيخ، وشهدت لأول مرة اندماج السياح معها وظهور المشاركة النسائية التي جاءت بالتزامن مع ثورة 30 يونيو التي فتحت لمصر عهدا جديدا ولمشاركة المرآة في سيناء أبواب جديدة أكثر رحابة. ويصف نادر الشرقاوي، حزب المصريين الأحرار بالحزب الليبرالي صاحب التوجه المدني، والذي بالتالي يرفض أي قانون لعزل الأخوان، مكتفيا بعزلهم عزل شعبي بعد وجود حكومة تكنوقراط الفترة القادمة تهتم أولا بصياغة دستور مدني حقيقي. ائتلاف شباب ماسبيرو بورسعيد، ظهر بعد مجزرة 26 يناير في محافظة بورسعيد، مع إنه بدأ ظهوره في مصر بعد اعتصام ماسبيرو الأول بالقاهرة، ويقول عنه مينا نادر، أحد شباب الحركة ببورسعيد، إن الهدف من عملهم هو نقل صوت الشارع لكل المهتمين حتى لا يصبح الشارع يسير في اتجاه والسياسة في اتجاه مخالف، ويقول نادر، إن الحركة شاركت في الحشد والاستعداد للثورة على نظام الأخوان، واندمجت مع الجبهة التنسيقية التي تحمل أسم 30 يونيو، كما بدأت الحملة في نقل صوت شعب بورسعيد إلي الإعلام لتسليط الضوء عليها. ويرى مينا أن الخيار الأمثل لتشكيل الحكومة هو محمد البرادعي لقوة علاقته الدولية ولانتمائه للثورة، وعلى الحكومة القادمة أن تهتم بقضايا المواطنين وتكون شديدة الالتحام بالشعب حتى يتمكن المجتمع من حصاد ما زرع. "مش بنحلم نطلع القمر لكن عايزين بلادنا أحسن" هكذا تمنى محمد على – حركة "تمرد" شمال سيناء- مؤكدا على أن الحركة الشبابية تمكنت من تغيير مصر مرتين في عامين مما يعتبر معجزة، وأن ما فعلته تمرد وهى حركة شبابية، يعتبر من أهم إنجازات جيل سيظل يبهر العالم بإنجازاته، متمنيا حكومة يرأسها شخص اقتصادي تهتم بتوفير احتياجات المواطن المصري. أما حركة المشاغبين فنشأت في بورسعيد وتتشابه كثيرا مع "بلاك بلوك" في باقى جمهورية مصر ينتمي لها محمد البدري من بورسعيد بعد رحلة من التنقل بين الجمعية الوطنية للتغير والمصري الديمقراطي، مؤكدا أن ما يميز حركة المشاغبين أنها تملك الطابع الشبابي الذي يقاوم ظلم الأنظمة على الشعوب وتشترك مع الثورة في أهدافها وهى عيش وحرية وعدالة اجتماعية، ويرى البدري أن الحل الأمثل في هذا الوقت هو محمد البرادعى كرئيس للحكومة التي يجب عليها الاهتمام بقضايا الأمن حتى يمكن تحقيق النهضة الحقيقية بعد ذلك. إسلام مصدق، هو أحد الشباب السويسي المشارك في الحياة السياسية منذ 2007 حينما كان عضو بحزب الجبهة الديمقراطية كعضو تحت السن ثم أنتقل منها لحملة دعم البرادعى والجمعية الوطنية للتغيير، يتحدث إسلام عن ثورة يناير حيث يؤكد أن طموح الشباب كان يومها أكبر من مجرد إصلاحات حيث بدأ الهتاف سريعا "يسقط مبارك" ومن حينها بدأ انطلاق الشباب في الثورة حتى سقط النظام وتكون بعد سقوطه عدد من الحركات الثورية الشبابية ، ويري إسلام أن هذا طبيعي على أن تتبلور جميعها تحت هدف واحد مثلما حدث مع ائتلاف شباب الثورة، وهذا ما حدث مع تكتل شباب السويس الذي أصبح إسلام مصدق متحدثا رسميا له، وكان يهدف لتوحيد كل التيارات الثورية تحت كيان واحد، وبالفعل تمكن تكتل شباب السويس كحركة ثورية على الحفاظ على المد الثوري لمدة عامين متتالين بالرغم إصابات العديد من أعضائه في اشتباكات مختلفة وإصابات مختلفة واعتقال العديد من أعضائه منهم من حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن ثلاث سنوات لكنه خرج بعد 6 أشهر فقط. يقول إسلام "قبل 30 يونيو توحدت كل القوى الشبابية بالسويس تحت هدف واحد وحدث التنسيق المرغوب بينها لهذا نجحت الموجه الثانية لثورة يناير في 30 يونيو، وبناء على ذلك يجب تطبيق العزل الشعبي على الأخوان بحكم إنها جماعة غير وطنية، كما يجب حلها وحل كل الأحزاب على أساس ديني، وتفعيل رقابة الأزهر على الخطاب الديني والقنوات الدينية". وأضاف "أغلب من عملوا بالحركات السياسية بعد ثورة يناير تنقصهم بعض الخبرة التي سيكتسبونها مع الوقت، على الحركات الشبابية الانسحاب تماما من الساحة السياسية عقب تحقيق أهداف الثورة والاندماج تحت الغطاء الشرعي السياسي وهو العمل الحزبي، كما أن الحكومة تحتاج لشخص برؤية البرادعى لان مصر تحتاج شخص سياسي يحقق التوازن الوطني ويحقق مطالب السياسة الخارجية على أن يكون أولى أعمالها تحقيق استقلال مصري من التبعية الخارجية مثلما حدث مع ثورة يوليو التى حررت مصر من أي تباعيه للخارج". ويرى أيمن نصار، محامى وناشط سياسي بالسويس، أن الحركات السياسية الشبابية في مصر كانت تعمل تحت راية عمل يساري طلابي أو عمل أخواني فقط، وكانت أغلب المطالب الثورية هو التضامن مع الانتفاضة الفلسطينية حتى ظهرت حركة كفاية في 2004 والتي خرج من رحمها كل شباب الثورة فيما بعد وبالفعل أنشق من كفاية حركة 6 أبريل 2008 والتي نظمت بشكل سنوي مظاهرات يوم 25 يناير من كل عام حتى تمكنت بفعل عدة أسباب أن تتحول لثورة في 2011، كما خرج من رحم كفاية حملة دعم البرادعى التي شاركت بشدة في ثورة يناير ، كذلك خرجت جمعيات حقوقية لرصد انتهاكات الشرطة مثل صفحة كلنا خالد سعيد التي نسب لأحد مشاركيها حمل لواء ثورة يناير وهو وائل غنيم ، ويرى أيمن أن وائل غنيم، ما هو إلا مجرد"أدمن " لصفحة على الانترنت وليس ناشط كغيره من الكثيرين لكن البعض أراد أن يعطيه أكبر من حجمه لأغراض سياسية. وأوضح أيمن أن تعدد التيارات الشبابية بعد الثورة هو أمر صحي ولكن زيادته كما حدث في ثورتنا مكن الأجهزة الأمنية من اختراقها وتطويعها بأشكال تخدم مصالح مختلفة، والسبب في كثرة الحركات هو رفض الشباب للوصاية وخروجهم من حالة كبت دفعت كلا منهم للبحث عن دور سياسي واضح ، مطالبا الحركات كلها أن تتحد لبحث مصلحة مصر وأن تحل نفسها عقب تحقيق كل أهداف الثورة التي وصفها أيمن ب "نقطة الصفر". فيما قال محمد التهامي – ماجيستر سياسة واقتصاد- أنه قبيل ثورة يناير ظهرت تنظيمات شبابية تحدت القمع الأمني و تحدت السلطة و قادت طلائع الثورة فظهرت حركة كفاية أولا في 2004، ثم ظهرت حركة 6 أبريل في عام 2008، و بعض الكيانات التي سعت لتكوين أحزاب في إطار تحدى السلطة لكن دون جدوى و بعض التنظيمات الشيوعية السرية مثل الحزب الشيوعي المصري الذي كان يعمل في الخفاء وسط قطاعات العمال، واستطاعت هذه التنظيمات أن تخرج عن الإطار المألوف في تنظيمات المظاهرات الاحتجاجية ضد التوريث و الفساد و سيطرة رأس المال على السلطة و القمع الأمني و في دفع الجماهير للنزول للشارع، وكان دورها واضحا في ثورة 25 يناير، و بعد الثورة بقليل ظهرت على السطح عشرات التنظيمات الثورية من شباب الثورة، و تشير التقديرات إلى نشوء نحو 150 تنظيما ثوريا أبرزهم اتحاد شباب الثورة، وائتلاف شباب الثورة، و تحالف القوى الثورية، و ائتلاف فجر الحرية، و مجلس قيادة الثورة، و حكومة ظل الثورة، و تيار بلا ثوار، و الجبهة الثورية، و تحالف الثورة مستمرة، و ائتلاف ثورة الغضب الثانية، وغيرها من القوى التي أفرزتها ثورة الخامس والعشرين من يناير. إن التطور الطبيعى للحركات السياسية بعد أي ثورة، هو أن تتحول الأحزاب إلى كيانات سياسية منظمة، لكن المشكلة في ثورة يناير أننا لا نعلم من هي القوة الحقيقية التي وقفت وراء الثورة، نحن كنا أمام حالة من الاندفاع الجماهيري، فلما انسحبت الجماهير انشقت الأرض عن عشرات الائتلافات، و كل منها يزعم قيادته للثورة، بينما لا يزال الفاعل الحقيقي مجهولا حتى الآن، و من المؤكد أن الحركات السياسية الشبابية ستنظم صفوفها فيما بعد في إطار عنوان أو لافتة تجمعها. بعد الانتخابات البرلمانية و الرئاسية، بدأت الخريطة الحزبية في مصر تتغير و ظهر العديد من الأحزاب تسعى للاندماج، و ظهرت الائتلافات مثل الأمة المصرية بقيادة المرشح السابق عمرو موسي و التيار الشعبي بقيادة المرشح السابق حمدين صباحي و حزب الدستور بقيادة محمد البرادعي, حزب الأمة بقيادة الشيخ حازم أبو إسماعيل، و كلها كيانات تسعى للوجود في الشارع السياسي المصري، و كلها تعتمد على الشباب في عملها. التاريخ يشير إلى وجود عشرات الحركات و القوى السياسية الشبابية ظهرت قبيل ثورة يوليو وساهمت إلى حد كبير في تأهيل المجتمع المصري لقبول فكرة الثورة و التمرد على الأوضاع الظالمة، لكن هذه الحركات سرعان ما اختفت بعد الثورة، حيث كان من أقوى هذه الحركات"مصر الفتاة" التي شكلها السياسي الراحل أحمد حسين، و دخلت مصر الفتاة في معارك مع الملك فاروق دفاعا عن حقوق الفقراء، كما ظهرت أيضا عشرات التنظيمات السرية التي دعت لتطبيق الاشتراكية في مصر، و كانت تسمى التنظيمات الماركسية أو الشيوعية مثل تنظيم "الشرارة" و "إسكرا" و حركة "حدتو" و تنظيم العهد الجديد، و كانت هذه التنظيمات تحارب الإقطاع و تدعو لتوزيع أراضي الإقطاعيين على الفلاحين، و ظهرت أيضا تنظيمات شبابية حملت الفكر اليساري داخل الأحزاب، و كان لها أثرًا كبيرًا في الكشف عن الظلم الاجتماعي من خلال المنشورات و الصحافة السرية، و عندما قامت الثورة و تم إلغاء الأحزاب اختفت هذه التنظيمات، و لكن عناصرها لم يختفوا، حيث حاربت الثورة الشيوعيين وأودعنهم السجون و قضت على أكثر من 50 خلية شيوعية،كما اختفت مصر الفتاة بعد صدور قرار بحل الأحزاب و لم يتبق من حركات هذه المرحلة إلا جماعة "الإخوان المسلمين" وهكذا تحملت حركات سياسية شبابية عاتق حمل مصير وحلم شعب على أكتافه ليخرج به للنور مرة أخرى منذ بداية العمل الثوري في مصر بعدها استمر في الحياة مثل جماعة الأخوان المسلمين وبعدها أندثر وخرج إلى النور مرة أخري حركات تحمل نفس أهدافه لكن في عصور مختلفة ، وفى القترة الأخيرة حمل على عاتقه إسقاط نظام و النضال ضد الحكم العسكري وإسقاط الأخر ليظل هذا الجيل من الشباب يبحث عن حلم وطن يريد الخروج من عنق الزجاجة لدائرة النور.