أثار قرار الدكتور محمد مرسي بشأن قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وطرد القائم بأعمال السفير وغلق السفارة السورية في القاهرة حالة من الارتباك، خاصة في هذا التوقيت؛ حيث أعلنت الولاياتالمتحدة أمس عن عزمها لإرسال أسلحة للمعارضة السورية، وهو ما يعد توافقًا صريحًا مع الموقف الأمريكي، وعلى الجانب الآخر تشتيت الانتباه وشغل الرأي العام عن يوم 30 يونيو القادم. أكد الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الدكتور محمد مرسي أثبت أنه يتحدث بلسان الولاياتالمتحدةالأمريكية، خاصة بعد موقفه المفاجئ بقطع العلاقات مع سوريا وإعلان تأييده للجيش الحر، وأن هذا يخدم المخططات الخارجية التي تدعم المعارضة المسلحة. وأشار اللاوندي إلى أن مرسي يؤذي نفسه ويسبق الأحداث؛ لأنه يقطع الطريق على مصر بأن تكون لها علاقات طيبة بالدول الشقيقة، وكأنه يكتفي بقطر على الرغم من اختفائها من المشهد تمامًا، وكأن الرئيس نسي أن مصر تعاني من مشاكل داخلية ليس لها حصر، وهي في غنى عن أي صدام مع الدول العربية الأخرى وأنظمتها، وهذا يؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين تعلن الحرب في الشرق الأوسط عن طريق السيطرة على أنظمة الحكم في الدول العربية. وأضاف اللاوندي أنه أصبح لا يخفى على أحد أن هناك ترتيبًا خاصًّا حدث بين مصر وأمريكا؛ بهدف القضاء على سوريا وخدمة إسرائيل ورعاية مصالحها، وهذا ليس بمعزل عن قضية حلايب وشلاتين التي يريد أن يخطب بها ود السودان أيضًا، كما أن مرسي أعلن في البداية أنه مع النظام السوري، ثم يقرر فجأة أنه يريد نصرة الشعب السوري لإثارة بلبلة الرأي العام قبل يوم 30 يونيو المقبل. ومن جانبه قال الدكتور علي الكليدار، السياسي والمحلل الاستراتيجي العراقي، إن الشعب السوري هو من يقرر مصيره بنفسه، وليس بحاجة لوصاية أمريكية عليه أو أي مساعدات، مؤكدًا أن موقف الدكتور محمد مرسي كان به نوع من الهدوء في بداية الأمر، ولم تكن هناك تصريحات واضحة؛ مما يعني أنه كانت هناك بعض الحسابات التي يبني عليها الرئيس وجهة نظره. وأوضح أن الغرب أصبح يجد راحته في أنظمة الإسلام السياسي؛ مما يجعلهم يشاركون في إسقاط الأنظمة الحالية، والغريب في موقف الرئاسة هو التوقيت الحالي، والذي جاء بعد تصريح الولاياتالمتحدة بنيتها لدعم المتمردين وإمدادهم بالأسلحة، وقطع العلاقات هو أمر متسق مع الموقف الأمريكي في الدرجة الأولى، قائلاً "إنه يدعم الثورات العربية ويؤيد النضال السوري، ولكن القرار المصري يجب أن يكون مستقلاًّ ونابعًا عن قناعة الرئيس وليس تحالفًا مع إرادة الولاياتالمتحدة الأمريكىة". وأضاف أن أمريكا لا تريد خيرًا للشعوب العربية، وتدخلها دائمًا مدمر للأوطان ، والدليل على ذلك إسقاط القذافي وصدام حسين، وتخوف من أن تصبح سوريا عراق آخر؛ ولذلك لا بد من محاربة الطائفية الموجودة هناك وقطع الطريق على الغزو الأمريكي، وطالب أن تتخذ مصر موقفًا مناصرًا لباقي الشعوب العربية وعلى رأسها العراق. وفي السياق ذاته قال الدكتور أحمد دراج، القيادى فى حزب الدستور وعضو جبهة الإنقاذ، إن هذا القرار أكبر دليل على أن الدكتور محمد مرسي يتصرف باعتباره رئيسًا لجماعة وليس رئيسًا لدولة محترمة، فمصر دولة كبرى لها توازنات سياسية تقتضي أن تتم دراسة أي قرار حسب أهميته وخطورته، لافتًا إلى أن التصرف غير مفهوم، ويدل على أن مرسي لا يصلح أن يكون رئيس دولة بحجم مصر. وانتقد دراج أن يُتخذ قرار بحجم قطع العلاقات مع سوريا في "مهرجان" أو احتفالية لمؤسسة الرئاسة، وكأنه محاولة لحشد القوى الإسلامية قبل 30 يونيو، ومحاولة لاستنهاض الأحزاب المتأسلمة في كيان واحد ضد المعارضة، كما لو كانوا "كفارًا" يجب قتلهم، كما أنهم يريدون أن يحكموا سيطرتهم على الحكم في سوريا مثلما حدث في البلاد العربية الأخرى، سواء كانت تونس أو مصر، ولم يجدوا سبيلاً سوى إعلان الجهاد والمقاطعة. وأضاف أن فئة كبيرة من المصريين ضد نظام بشار، ولكنهم يرفضون المعارضة المسلحة، ويرفضون أن تتحول سوريا إلى دولة من دول محور الإسلام السياسي، وأن يجعلوا الإخوان قيادة لهم، مؤكدًا أن "هدف القرار هو خطب ود أمريكا من ناحية؛ لأنها تريد تدمير النظام السوري، وحشد القوى الإسلامية في الجانب الآخر للتصدي للمعارضين". سعيد اللاوندي: قرار مرسي جاء بلسان الولاياتالمتحدةالأمريكية علي الكليدا: قطع العلاقات يخدم الموقف الأمريكي في الدرجة الأولى أحمد دراج: مرسي يحاول حشد القوى الإسلامية قبل 30 يونيو على حساب سوريا