عشش منطقة الحبشي بمدينة المنيا، وكما عرفت بمساكن خلف القضبان؛ حيث يفصل بينها وشريط السكك الحديدية سور خرساني على حافة ترعة الإبراهيمية، يقطنها أكثر من 600 مواطن يعشون واقعًا مريرًا تعكسه تعبيرات وجوههم، إلى جانب الصورة الحية التي ترسم بالأسى مرارة العيش وضنك الحال وفي صورة واصفة تبدو العشش والأكواخ على جنبات الطريق لتلقي الانطباع الأول لمأساة مواطن منياوي بعيدًا عن أعين المسئولين ومنظمات المجتمع المدني، حتى إن الصحافة لم تسطر واقعهم وكأنها تبرأت منهم كما تبرأت الحكومة. "البديل" عاش ساعات طويلة وسط تلك الأكواخ، والتقطت الكاميرا صورًا لأسر يزيد تعدادها على ال 9 أفراد لا يسعهم عند النوم مكان؛ حيث يعيشون داخل غرفة واحدة يحجبها عن الشارع غطاء قماشي "بطانية"، وتفصل بينها وبين شريط السكك الحديد ترعة الإبراهيمية وحائط السور الخلفي، وقد تبدو البيوت بلا سقف. عم "إبراهيم" يسكن في كوخ لا تتجاوز مساحته مترين طولاً وعرضًا، لا سقف له، ويفصله عن الشارع قطعتان من القماش احترقت ألوانهم من أشعة الشمس، وعم "محمود" لا يقل حالاً عن عم "إبراهيم"، بل إنه يعاني العديد من الأمراض ولا يجد من المال ما يعينه على تلقي العلاج، فيما يقف شاب في مقتبل العمر متحسرًا على حاله، وتبدو ملامح الفقر والبؤس على وجهه، بعد أن فقد الأمل في إيجاد فرصة عمل يخرج بها من أكواخ المفقودين. عم إبراهيم وعم محمود ليسا فقط وحدهما يعانيان مرارة العيش وإهمال المسئولين، ولكن هذا هو حال جميع قاطني منطقة عشش الحبشي بالمنيا، الذين نسيهم المسئولون وكأنه ليسوا مصريين، بل وكأنهم ليسوا بشرًا ولا أحياء يعيشون في مصر. فقاطنو المنطقة كلهم يعانون باستمرار من فقدهم لكل شيء، حيث تؤرق منامهم أشعة الشمس الحارقة؛ لعدم وجود سقف بالعشش والأكواخ إلىي جانب أصوات القطارات والباعة الجائلين والمقيمين وأصحاب الغرز، بالإضافة إلى أنهم عرضة للسرقة والاغتصاب، خاصة وأن ساترًا قماشيًّا فقط هو ما يفصل بينهم وبين الشارع. وأكد بعضهم افتقارهم لأساسيات العيش من دورات مياه وكهرباء وماء واشتراكات الخبز وغيرها، وقال: يئسنا من الحياة كما يئس الكفار من أصحاب القبور. قاطنو المنطقة: يئسنا من الحياة كما يئس الكفار من أصحاب القبور