قبل أن أبدأ الحديث عن قضية الصبر لابد من تعريفات لمعنى كلمة الصبر من أجل أن نقف على مفهوم الكلمة، لأن الصبر قضية ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالحياة التى نعيش فيها فلابد من هذه التعريفات لمعنى كلمة الصبر وأقسام الصبر فالقرآن يحتاج منا إلى فهم وتدبر وكذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . أولاً : مفاهيم حول كلمة الصبر روى جابر أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال "الصبر والسماحة" وقال أيضاً "الصبر كنز من كنوز الجنة" وسئل صلى الله عليه وسلم مرة عن الإيمان فقال الصبر، وقيل أوحى الله تعالى إلى داوود عليه السلام "تخلق بأخلاقى" "وإن من أخلاقى إنى أنا الصبور" . ففى حديث عطاء عن أبن عباس رضى الله تعالى عنهما لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأنصار فقال "أومؤمنون أنتم ؟" فسكتوا فقال عمر : نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما علامة إيمانكم ؟ قالوا : نشكر على الرخاء ، ونصبر على البلاء ونرضى بالقضاء فقال صلى الله عليه وسلم : "مؤمنون ورب الكعبة" فربط قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنون ورب الكعبة فمن علامة الإيمان – الصبر على البلاء وكذلك حينما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال الإيمان هو الصبر هذا يشبه قوله صلى الله عليه وسلم . الحج عرفه – معناه معظم الحج عرفة وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال – الصبر ستر من العيوب وعون على الخطوب . وقال على ابن ابى طالب كرم الله وجهه "الصبر مطية لا تكبو – والقناعة سيف لا ينبو" وقال عبد الحميد لم أسمع أعجب من قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه " لو أن الصبر والشكر بعيران ما باليت أيهما ركبت " . وقال عبد الله أبن عباس رضى الله عنه " أفضل العدة الصبر على الشدة " . وقال عبيد بن الأبرص : صبر النفس عند كل ملم إن فى الصبر حيلة المحتال لا تضيقن فى الأمور فقد تكشف غماؤها بغير إحتيال ربما تجزع النفوس من الأمر له فرجة كحل العقال وقال أبن المقفع : " الصبر صبران فاللئام أصبر أجساماً والكرام أصبر نفوساً " وليس الصبر الممدوح صاحبه أن يكون الرجل قوى الجسد على الكد والعمل لأن هذا من صفات الحمير . ولكن أن يكون للنفس غلوباً وللأمور متحملاً ولجأشه عند الحفاظ مرتبطاً ففى أسماء الله تعالى الصبور – سبحانه وتعالى تقدست أسمائه وتنزهت صفاته هو الذى لا يعاجل العصاة بالإنتقام ومعناه قريب من معنى الحليم وهى من أبنية المبالغة والفرق بينهما : أن المذنب لا يأمن من العقوبة أما فى صفة الصبور كما يأمنها فى صفة الحليم . هنا أصل كلمة الصبر – أى الحبس ففى الحديث " صم شهر الصبر " وهو شهر رمضان وسمى الصوم صبراً لما فيه من حبس النفس عن الطعام والشراب والنكاح . وفى الحديث النبوى الشريف قول النبى صلى الله عليه وسلم " من أسلف سلفاً فلا يأخذن به رهناً ولا صبيراً" الصبير هو الكفيل – وصبير القوم زعيمهم المُقدم فى أمورهم . ومن معانى الصبر أيضاً : الجراءة ومنه قول الله تعالى الذى يبين هذا المعنى قول الله تعالى " أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ " البقرة 175 . والمعنى فما أجرأهم على النار . وقال صلى الله عليه وسلم : من أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر ومن أعطى حظه منهما لم يبال بما فاته من قيام الليل وصيام النهار ولئن تصبروا على ما أنتم عليه أحب إلى من أن يوافينى كل أمرئ منكم يمثل عمل جميعكم ولكنى أخاف أن تفتح عليكم الدنيا بعدى فينكر بعضكم بعضاً وينكركم أهل السماء عند ذلك فمن صبر واحتسب ظفر بكمال ثوابه " . ثم أقرأ قول الله تعالى : " ما عندكم ينفذ وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " النحل 96 . فضل الصابرين قال صلى الله عليه وسلم " فى الصبر على ما تكره خير كثير " وقال المسيح عليه السلام " إنكم لا تدركون ما تحبون إلا بصبركم على ما تكرهون " وقال صلى الله عليه وسلم " لو كان الصبر رجلاً لكان كريماً والله يحب الصابرين " وقد ورد فى الآثار : فقد وجد فى رسالة عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى أبى موسى الأشعرى " عليك بالصبر وأعلم أن الصبر صبران أحدهما أفضل من الآخر " * . الصبر فى المصيبات حسن وأفضل منه الصبر عما حرم الله تعالى " واعلم أن الصبر ملاك الإيمان وذلك بأن التقوى أفضل البر والتقوى بالصبر " وقال على كرم الله وجهه يُبنى الإيمان على أربع دعائم : اليقين – والصبر – والجهاد – والعدل وقال أيضاً : الصبر من الإيمان بمثابة الرأس من الجسد ولا جسد لمن لا رأس له ولا إيمان لمن لا صبر له والصبر له أقسام فما هى أقسام الصبر ؟ هذا ما نقرأه فى المقال القادم إن شاء الله.