استضاف مهرجان الخليج السينمائي في دورته السادسة، علي هامش ندوات ليالي الخليج، أعضاء تحكيم مسابقة السيناريو، والتي يشارك فيها المخرج يسري نصر الله، ودار النقاش حول أسلوب كتابة السيناريو، واتجاه بعض المخرجين إلي الاعتماد علي أنفسهم في كتابة السيناريو. وأشار نصر الله، أن أول فيلمين قام بإخراجهم قام بكتابة السيناريو لهم، وكان مازال في بداياته ولم يتحمس أي سيناريست للعمل معه، بسبب الموضوعات التي كان يرغب في طرحها، وكانت خارج إطار منظومة صناعة السينما التجارية، لذا بدأ العمل مع وجوه جديدة في بداية أعماله، حتي أنضم إلي السيناريست ناصر عبد الرحمن. وقال: "أنضمت يسرا إلي فيلمي مرسيدس، بعدما رفضت العمل معي في أول أفلامي، وأذكر أني أعدت كتابة سيناريو فيلم المدينة 16 مرة، ما بين ناصر عبد الرحمن الذي تولي كتابة الجزء العربي بالفيلم، أما الجزء الفرنسي قمت بكتابته مع مخرجة فرنسية، الرائع أن تكتب الفكرة مع كاتب السيناريو، والسيناريست الأمين يدفعك إلي عدم الاستسهال والتقليدية في عرض الفكرة، التجربة التالية كان فيلم باب الشمس المأخوذ عن رواية إلياس خوري". وأوضح يسري أنه أصر علي مشاركة إلياس خوري في كتابة سيناريو الفيلم، وبمشاركة محمد سويف، حتي لا يحدث صدام بين كاتب النص الأصلي والمخرج، وقال أيضًا: "بعد فيلم باب الشمس عدت للعمل مع السيناريست ناصر عبد الرحمن، أما الفيلم الوحيد الذي لم أتدخل في السيناريو، ولم أضيف أي كلمه عليه هو فيلم أحكي يا شهرذاد للكاتب وحيد حامد، وهذا كان شيء متفق عليه بيننا، ألا أغير أي حرف من الحوار، تعاملت مع السيناريو وكأنه نص أدبي أو مسرحي، عليَّ أن أحترمه وأقدم رؤيتي فقط كمخرج، الآن أجد انتشار سينما المؤلف ولكن هي ليست متنافية، مثلًا في سنوات ازدهار السينما الإيطالية والمصرية في الخمسينات والستينات، نجد أن اسماء وقامات كتاب كبار يجتمعون على كتابة سيناريو فيلم، مثلما اجتمع نجيب محفوظ ويوسف السباعي وبيرم التونسي ويوسف شاهين وسيد بدير. وأضاف يسري نصر الله: "شاهدت عدد قليل من الأفلام المعروضة في المهرجان لكن الملاحظة الأكثر إثارة أنها أفلام تعبر في مضمونها عن وجدان شعوب بدأت تنتج سينما منذ سنوات قليلة، وقد تكون هذه الشعوب اكتشفت أن الرخاء الذي يعيشون فيه ممكن أن يتعرض إلي أزمات، اعتقد أن الشيء الأكبر الذي يربط الشعوب بجذورها وتشعره بالانتماء هو الفن والسينما، عندما شاهدت الأفلام العراقية أو الكردية بعد الحرب، السينما خلقت لهم طريقة خاصة لمشاهدة المجتمع من الخارج، نكسر بها الصورة النمطية التي تعكسها الأنظمة الغربية علي شعوبنا، كما أن معظم السيناريوهات التي قرأتها تبحث حول موضوع مشابه وهو هوية الإنسان العربي". وأكد نصر الله أن في مصر السمة الأساسية التي نواجهها الآن هو طمس الذاكرة، فكل حاكم يأتي يحاول طمس تاريخ الحاكم السابق له، لكن السينما تعتبر سلاح تأريخي، فهناك من يتشدقون بصورة المجتمع المحافظ، الذي كانت تعيشه مصر في الخمسينات والستينات، ولكن عندما تشاهد مثلًا فيلم صور طبيعة الشارع المصري، في فترة الستينات تدرك معني محاولة طمس الهوية، وفرض اتجاه واحد فقط علي المصريين، عندما صورت فيلم صبيان وبنات، وهو يناقش العلاقات بين الشباب والفتيات في مجتمع محافظ، والتباين بين جيل الأمهات والآباء وجيل الأبناء. كما أكد أن السينما الوطنية تساهم في خلق أسطورة الوطن، والأشياء التي أسست النسيج وطبيعة الوطن، جزء منها الماضي وجزء منها الحاضر، لا أستطيع أن أفهم الحاضر دون معرفة الماضي، هذه الذاكرة الثمينة أسست للسينمائيين جزء من وجدانه، يترجمه من خلال إعادة خلقه علي الورق.