يبدو أن الإضرابات والتوترات السياسية امتدت إلى صفقة البنك الأهلي سوسيتيه جنرال، والذي لم تتضح معالم فرض ضرائب عليه، ففي البداية أعلنت وزارة المالية أنه سيتم فرض 10% ضرائب على كل من الطرفين: الجانب الفرنسي كبائع للبنك، وقطر الوطني كمستحوذ؛ لتعود بعدها مصلحة الضرائب وتؤكد أن الضرائب ستفرض على الجانب القطري فقط؛ ليعفى منها الجانب الفرنسي. البورصة أول من دفع فاتورة عدم وضوح الرؤية حول ضرائب صفقة سوسيتيه جنرال، حيث تكبدت على مدار الأسبواع الماضي خسائر فادحة، وتراجعت مؤشرات البورصة المصرية بشكل جماعي في نهاية تعاملات الثلاثاء الماضي؛ متأثرة بعمليات بيع عشوائية من جانب المستثمرين للأسهم القيادية، بعد إعلان مصلحة الضرائب عن فرض ضريبة بنسبة 10% على عملية استحواذ بنك "قطر الوطني" على كامل أسهم "الأهلي سوسيتيه جنرال مصر"، وانخفض المؤشر الرئيسي "EGX30" بنسبة 1.9%، وهي ما تعادل 102 نقطة؛ ليصل إلى مستوى 5129 نقطة، ويتراجع إلى أدنى مستوى له منذ 12 ديسمبر الماضي، أي في نحو ثلاثة أشهر ونصف. فيما أبدى مصرفيون مدى تأثير حالة الضبابية التي فرضتها صفقة سوسيتيه جنرال على صفقات البنوك المطروحة للبيع، وعلى رأسها "بيريوس – مصر"، و"بي إن باريبا". فقد أكد ممدوح عمر رئيس مصلحة الضرائب أن الرأي القانوني فيما يخص صفقة استحواذ بنك قطر الوطني على البنك الأهلي سوسيتيه جنرال هو عدم خضوع حصة بنك سوسيتيه جنرال فرنسا للضريبة في جمهورية مصر العربية؛ تطبيقًا لاتفاقية منع الازدواج الضريبي بين مصر وفرنسا. وأضاف أنه بالنسبة لباقي أطراف الصفقة ذاتها فنظرًا لعدم وجود أية بيانات تفصيلية، فسوف يتم خصم الضريبة وفقًا لأحكام المادة 56 مكرر، وتوريدها للمصلحة، على أن تتم تسوية الضريبة طبقًا للتعديلات المقدمة من وزارة المالية بشأن القانون 101 لسنة 2012، والتي روعي فيها تعديل تاريخ سريان القانون 101 لسنة 2012، مشيرًا إلى أنه إذا تم إقرار هذا التعديل، سيتم رد الضريبة فورًا. وأعلنت إدارة البورصة أن إجمالى الكمية المعروضة للبيع استجابة لعرض شراء أسهم البنك الأهلى سوسيتيه جنرال المقدمة من بنك قطر الوطنى بلغ 432 مليون و183 ألف و782 سهم، تمثل 97.45% من إجمالى الأسهم المطلوب شراؤها، والتي تصل إلى 443 مليون و535 ألف و902 سهم، تمثل نسبة 100% من أسهم الأهلى سوسيتيه جنرال. في حين يرى مصطفى محمد كامل، خبير ضرائب بأسواق المال، أن فرض ضريبة على صفقة استحواذ بنك قطر الوطني على البنك الأهلي سوسيتيه جنرال - مصر بقيمة 10% طبقًا للقانون رقم 101 لسنة 2012 يعد خطأ قانونيًّا فادحًا، مشيرًا إلى أن هذا القانون تم تجميده فور صدوره من رئيس الجمهورية في 10 ديسمبر 2012؛ نظرًا لحالة الغضب الشعبي في تلك الفترة. وقال إنه حتى الآن لم تتضح الصورة أو يتم الإعلان عن تفعيل هذا القانون بصورة نهائية، خاصة فى ظل استمرار المناقشات حول تطبيق الضريبة على الأرباح الرأسمالية على إعادة الهيكلة بغرض الاندماج أو التقسيم أو فرض ضريبة على الطرح الأولى أو فرض ضريبة دمغة على التعاملات. أما د. شريف قاسم أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس، ونقيب التجاريين السابق، فيرى أن إعفاء الجانب الفرنسي من تلك الضريبة بناءً على دراسة الاتفاقية المبرمة بين مصر وفرنسا وتطبيقها فقط على باقي الأطراف يعد مزحة غير مقبولة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يعد مخالفًا للدستور الذي يعتبر الجميع سواسية في الحقوق والواجبات، ولا يجوز إعفاء طرف من الضريبة إلا بناء على قانون وليس على اتفاقية. وأكد أن هذا الإعفاء باطل، خاصة أن توقيت الإعلان عن تطبيق تلك الضريبة جاء بعد انتهاء حق العرض في الصفقة. كان القانون رقم 101 لسنة 2012 قد تم إقراره من قِبَل الرئيس حين كان يملك سلطة التشريع قبل الاستفتاء على الدستور في العاشر من ديسمبر من العام الماضي؛ وذلك لاستيفاء متطلبات صندوق النقد الدولي بخصوص إعادة هيكلة قانون الضرائب؛ بغرض الحصول على قرض الصندوق البالغ 4,8 مليار دولار. ويتفق معه د. شريف دلاور أستاذ الإدارة والتنمية الاقتصادية، والذي يرى أن خطاب مصلحة الضرائب حول صفقة "سوسيتيه جنرال- قطر الوطني" يعكس محاولة مصلحة الضرائب التحوط، خاصة وأن القانون 101 لسنة 2012 الذي استندت إليه غير مفعل من الأساس، ولم تصدر له أي لائحة تنفيذية حتى الآن، ولا يوجد أساس واضح لطرق أو أساليب احتساب هذه الضرائب. وأضاف أن المصلحة افترضت منذ البداية أن جميع حملة الأسهم هم مضاربون على الرغم من أن بعضهم يحتفظ بالأسهم منذ أعوام طويلة، بل إن صناديق الاستثمار التي تستثمر بالسهم منذ سنوات وصدرت لها قوائم مالية عن هذه الفترات قد تغير هيكل حملة وثائقها أكثر من مرة. وأكد أن المادة 56 مكرر فى مجملها مادة تعمل ضد سياسة جذب أية استثمارات أو خلق كيانات كبيرة، بينما سياسة الدولة يجب أن تسير فى اتجاه تشجيع الكيانات الكبيرة التى لها تأثير قوى وواضح فى التنمية الاقتصادية، لكن المادة تطيح بهذه المبادئ، وتؤدى لإقصاء الكيانات الكبيرة من الاستحواذ على المشروعات؛ لخلق تكتلات اقتصادية كبيرة؛ مما يجعل مصر بلد غير جاذب للشركات المتعددة الجنسيات. من جانبها أبدت بسنت فهمي الخبيرة المصرفية ومستشار بنك البركة السابق تخوفها من أن تؤثر حالة الضبابية التي فرضتها صفقة سوستية جنرال من تفعيل قانون الضرائب مع هذه الصفقة على الصفقات القريبة المرتقبة، وعلى رأسها بنكا "بيريوس – مصر"، و"بي إن باريبا" والمعروضان للبيع. وطالبت فهمي الحكومة المصرية بضرورة التعامل بحيطة مع القرارات التي تخص القطاع المصرفي المصري، مشدة على أن القطاع المصرفي المصري هو الذي ما زال يمثل عنصر الأمان للقطاع المصرفي.