بعد الثورة كما قبلها، تبقى البطالة من أهم المشكلات التي تعوق تقدم المجتمع، إلا أنها وبدلا من ان تواجه بحلول تحد من تأثيراتها السلبية تطل علينا الأحصائيات على فترات متتابعة لتشير إلى تحولها لشبح يصعب مواجهته. فوفقا لأخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ارتفعت معدلات البطالة إلي 13% العام الماضي، مقابل 8.9% خلال عام2010 نتيجة لبطء التنمية في البلاد بعد ثورة 25 يناير ليرتفع عدد العاطلين في مصر إلي 27 مليون عاطل،والمشكلة الأكبر هي أن الكم الهائل من هذه القوى العاطلة غير مؤهلة لسوق العمل بسبب ما ينقصها مهارات فنية. "البديل" من جانبها تقدم روشتة وفقا لتصور الخبراء في كيفية القضاء علي تلك الظاهرة، رغم أنهم أكدوا أنها لن تحل أزمة البطالة في مصر أو الأقتصاد بشكل عام طالما استمرت حالة عدم التوافق السياسي والانفلات الأمني الذي تشهده البلاد. صندوق لدعم السياحة – والسياحة الداخلية: في البداية قال الدكتور حمدي عبد العظيم رئيس اكاديمية السادات الأسبق والخبير الاقتصادي، إن مشكلة البطالة تؤرق كل المجتمع المصري وللحد منها يجب العمل علي النهوض بالقطاعات الاقتصادية، ومنها قطاع السياحة لما له من أهمية كبيرة سواء في حجم العمالة أو العملة الصعبة التي يدخلها للبلاد . وطالب عبد العظيم بإنشاء صندوق لدعم قطاع السياحة وتطويره وتقديم كافة التيسيرات للشركات المتعثرة لدى البنوك، وكذا إعادة تنشيط قطاع السياحة الداخلية لحين إستقرار الأوضاع وإعادة ثقة السائحين الأجانب مرة اخرى. التشييد والبناء: وتابع الخبير الاقتصادي أنه يجب أيَضا الأهتمام بقطاع التشييد والبناء لأنه يحركة عدة صناعات اخرى خلفه ويستحوذ على نسبة كبيرة من العالة بشتى أنواعها. وأضاف عبد العظيم انه يجب تشجيع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، ومصر تتمتع بقاعدة كبيرة من هذه المشروعات وتقدر بملايين المشروعات، وتمتلك طاقات هائلة، وتنبع أهميتها، من أنها اقدر القطاعات الاقتصادية على حل مشكلات البطالة. مشتريات الحكومة من المشروعات الصغيرة: وأوضح د.حمدي عبد العظيم رئيس اكاديمية السادات الأسبق والخبير الاقتصادي أن من سوء حظ هذه المشروعات أنها لا تلاقي الاهتمام المطلوب من قبل المسئولين، مطالبًا بتفعيل بند في القانون ينص على إجبار الجهات الحكومية بشراء 10% من مشترياتها من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وليس ما نراه الأن من حرية الشراء وتفضيلها منتجات الشركات العالمية والأجنبية على منتجات المشروعات الصغيرة المملوكة للشباب. تفعيل دور الصندوق الاجتماعي: وأشار عبدالعظيم إلى ضرورة دعم هذا القطاع وإعادة النظر فى دور الصندوق الاجتماعي، الذي يحتاج إلى تغييرات شاملة في سياساته، والبعد عن البيروقراطية، وأن يقوم الصندوق بوضع خريطة شاملة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالمحافظات، حسب احتياجات كل محافظة وما تتمتع به من مزايا، عادة تشغيل المصانع والشركات المتعثرة، ومساعدتهم في سداد مديونياتهم لدى البنوك، عن سنوات سابقة وإعادة النظر في سعر الفائدة. المشروعات الصغيرة: وأكدت الدكتور هدي المنشاوي على الاهتمام بالمشروعات الصغيرة وتمويلها عن طريق البنوك والمؤسسات المالية سواء الحكومية منها او القطاع الخاص من الخطوات المهمة، علي أن تكون فترات سداد تلك المشروعات علي مدار ما بين 20-30سنة، لافتة إلي أن تلك التيسيرات من الممكن أن تنشئ مدنا صناعية جديدة كمراحل إنتاج السيارات والنسيج. وشددت المنشاوي علي حتمية حصر المشروعات الموضوعة في الإدراج الحكومية والتي أعلنت عنها ولم تنفذ منذ عشرات السنوات بالوزارات ومراكز البحوث وإعادة صياغة الأفكار ودراسة مدي تطبيقها علي أرض الواقع . وأشارت إلي أن الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها حاضنة لمختلف القطاعات والإعمال والتي من الممكن أن تجتذب إعداد كبيرة من العاطلين، مشددة علي ضرورة، أن تقدم الدولة الدعم لتلك المشروعات من خلال تقديم وسائل التدريب المناسبة لتلك الفئات ويمكن للمتقدم للوظيفة أن يساهم بجزء من تكلفة التدريب وكذلك الحال لصاحب العمل. بينما رآي الدكتور صلاح الدين فهمي أستاذ الاقتصاد جامعة الأزهر وعميد معهد الجزيرة العالي، ضرورة تشجيع الاستثمار وتوفير مناخ جيد للمستثمرين سواء الأجانب أو المصريين ، لإيجاد فرص العمل اللازمة للشباب عن طريق إقامة المشروعات المختلفة، لافتًا أن مصر تتمتع بمجموعة من الميزات النسبية فى وفرة الخامات والثروات المعدنية والأيدي العاملة الرخيصة. وتشجيع العمل الاستثماري الحرفي في كل المجالات وتعزيز ثقة المستثمر من خلال تسهيل كافة الإجراءات وتقديم الحوافز التشجيعية للمستثمر المحلي والأجنبي. تكنولوجيا كثيفة العمالة: وأضاف فهمي أنه يجب أن نستخدم تكنولوجيا كثيفة العمالة وليس كثيفة رأس المال لأنها كانت أحد وأهم أسباب البطالة، مؤكدًا أنه لكى يتم توفير فرص عمل للشباب يجب على الدولة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص القيام برفع الإنتاجية وتوجيه الاستثمارات إلى قطاعات كثيفة العمالة والتكنولوجيا رأس المال الإنساني. وكذلك القيام بإصلاح مؤسسي يركز على إعادة تقسيم فرص العمل على قطاع الأعمال العام والخاص والمشترك والمنظمات شبه الحكومية والأهلية والقطاع المدني، إضافة إلى القيام بتطوير التكامل والتعاون الاقتصادي الإقليمي مع ضرورة التحليل المستمر لمحددات العمل والبطالة. عقود آمنة: فهمي أكد ايضا على أن توفير عقود عمل آمنة مع القطاع الخاص، من أهم الاولويات،كما يجب الا يتم التركيز علي صناعة وحدها حيث يمكن إعطاء مزيد من الاهتمام لقطاعات اقتصادية أخري مثل الزراعة والتجارة والسياحة والتشييد والبناء والعقارات والبورصة وكلها قطاعات تحتاج إلي تنمية الشباب دراسيا ومهنيا. تغيير المناهج: وأكد فهمي إنه يجب تغير المناهج التعليمية وتطويرها بما يتناسب مع وقع العمل، والعمل على إصلاح حقيقي للتعليم ، حيث أصبح السوق يفتقد إلى وجود خبرات وكوادر فنية مؤهلة للعمل سواء داخل مصر أو خارجها. التدريب المهني: تطبيق نظام التدريب الشامل، والجودة الشاملة، ونشر مراكز التدريب فى جميع الجامعات، لتدريب من يرغب على مهارات المهن المختلفة المطلوبة للمجتمع مثل النجارة والسباكة والحدادة والكمبيوتر وغيرها هي أيضا ما شدد فهمي على ضرورة وجوده. ويتم تحديد مراكز التدريب والمهن الممكن التدريب عليها بتسهيلات تتفق مع أهمية كل مهنة واحتياج سوق العمل إليها، بالإضافة إلى وجود سجلات لدى الجهة المسئولة عن هذه العملية تبين الشركات والمؤسسات التى تطلب وتحتاج إلى مهارات خاصة وفقاً لخطط الإصلاح الاقتصادي، والمشروعات الاقتصادية المطلوب تشجيعها لتطوير الاقتصاد. الأمن المركزي: وأضاف عميد معهد الجزيرة العالي أنه يجب استقطاب شباب التعليم المتوسط وتطويعهم في الأمن المركزي والاستفادة من طاقاتهم البدنية والذهنية لتعزيز قدراتنا الدفاعية والأمنية لحين توفير التدريب المناسب لهم، وترك المجندين الذي يتم استقطابهم من الصعيد والقرى للزراعة والأعمال الحرفية الذي يقومون بها في بلادهم. الالتفاف حول مشروع قومي بتمويل لتوظيف الشباب: وأضافت د. يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس والخبيرة الاقتصادية، أنه يجب علي ان تكون هناك رؤية واضحة لدي الحكومة في تبني المشروعات القومية خاصة في إعادة تقديم الدعم للمؤسسات الإنتاجية والصناعية والتي توقفت بسبب الأحداث السياسية التي تشهدها البلاد عقب الثورة بالإضافة إلي التعثر المادي الذي أصابها، موضحه أن من الممكن أن يسهم في حل مشكلة البطالة وينعكس علي الاقتصاد المصري في النهاية . مبادرة الجامعات لتعيين حملة الدرجات العلمية سواء الماجستير والدكتوراه: وأكدت د.هدي المنشاوي إلي ضرورة أن تتبني كل جامعة مصرية الطلاب من حملة الدرجات العلمية سواء الماجستير والدكتوراه، وتعيينهم في المواقع المناسبة لهم سواء داخل البلاد أو خارجها، مشيرة إلي أن ذلك سيسهم في زيادة الدخل النقدي الأجنبي للدولة. وأشارت المنشاوي إلي أهمية حصر حاملة الشهادات بمختلف أنواعها سواء العليا أو المتوسطة وفوق المتوسطة من عام 1990 حتى الآن وتصنيف تلك الفئات بالنسبة للأعمال المناسبة لهم بما في ذلك إعطاء أراضي صحراوية يمكن استصلاحها بما يؤدي لزيادة الرقعة الزراعية وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة، مشددة علي ضرورة أن تقدم الدولة الدعم لهم. اكتشاف المواهب الصغيرة وتبنيها: وطالبت المنشاوي بضرورة إعادة تأهيل طلاب المدارس علي الابتكار والاختراع وتفعيل نوادي العلوم والمراكز البحثية إلي جانب عمل مسابقات علمية بالمدارس لإعادة اكتشاف المواهب الصغيرة، مشيرة إلي تشجيع المستثمرين ورجال الأعمال علي تنبي مشروعات نوادي العلوم بما يخدم الشباب ويصب في قطاع الاستثمار والاقتصاد المصري الاهتمام بالصناعات المتميزة: أما الدكتورة يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس والخبيرة الاقتصادية، فقالت إن هناك معايير هامة ينبغي تفعيلها للحد من البطالة والتي تتمثل الاهتمام بالصناعات المغذية كالجلود و الملابس الجاهزة والتي تشكل نحو 40% منها يتم استيراده من الخارج، مشيرة إلي أن تلك الصناعات من السلع الوسيطة ستزيد من حجم الاستثمارات وارتفاع في حجم القيمة المضافة إذا تمت صناعتها محليا. صندوق لدعم السياحة والمشروعات الصغيرة.. تفعيل دور الصندوق الاجتماعي.. إصلاح حقيقى للتعليم.. وتوفير مناخ جيد للمستثمرين.. أبرز ملامح خريطة الحل