براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    عيار 21 الآن في السودان وسعر الذهب اليوم الجمعة 17 مايو 2024    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    بعد الانخفاض الأخير لسعر كيلو اللحمة البلدي.. أسعار اللحوم اليوم الجمعة 17-5-2024 في الأسواق    ورشة عمل إقليمية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي مدخلاً لإعادة هندسة منظومة التعليم»    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 17 مايو 2024    4 شهداء فلسطينيين جراء غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة "الجاعوني" بمخيم النصيرات    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    بعد استهداف رصيف المساعدات بالهاون.. أمريكا تحسم الجدل حول تورط حماس    برشلونة يعزز وصافة الدوري الإسباني بانتصار على ألميريا    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    بهذه الطريقة.. اضبط تردد قناة كراميش 2024    عبدالخالق: الزمالك قادر بدعم جماهيره على التتويج بالكونفدرالية    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    كشف ملابسات فيديو عبر «فيس بوك» لأحد الأشخاص بسلاح أبيض داخل أحد المحال بالإسماعيلية    حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    ماذا قالت نهاد أبو القمصان عن واقعة فتاة التجمع وسائق أوبر ؟    قوات الإنقاذ تنتشل جثة مواطن سقط في مياه البحر بالإسكندرية    مأساة الطفل أدهم.. عثروا على جثته في بالوعة بعد 12 يومًا من اختفائه بالإسكندرية    أحمد السقا عن كواليس "جولة أخيرة": "مريم مناخيرها اتكسرت وانا اللي عالجتها"    شريف الشوباشي عن مؤسسة «تكوين»: ليس لي علاقة بها (فيديو)    للرجال على طريقة «البيت بيتي».. أفضل طرق للتعامل مع الزوجة المادية    رد ناري من شريف الشوباشي على يوسف زيدان بعد تصريحاته عن طه حسين (فيديو)    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    كمال الدين رضا يكتب: الكشرى والبط    اسكواش - خماسي مصري في نصف نهائي بطولة العالم    مصر ترفض مقترح إسرائيلي بشأن معبر رفح    جهاد جريشة: لا بد من محاسبة من تعاقد مع فيتور بيريرا    كاميرا ممتازة وتصميم جذاب.. Oppo Find X7 Ultra    بنده السعودية.. أحدث عروض الهواتف المحمولة حتى 21 مايو 2024    الرياضيون الأعلى دخلا في العالم 2024، رونالدو يتفوق على ميسي    محمد شريف: التعادل مع اتحاد جدة ليس سيئا    تراجع سعر الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء الجمعة 17 مايو 2024    خصم نصف المرتب لمدة 6 شهور لهذه الفئة من الموظفين    حظك اليوم برج الجوزاء الجمعة 17-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ميلاد الزعيم.. سعيد صالح وعادل إمام ثنائي فني بدأ من المدرسة السعيدية    بعد عرضه في «كان» السينمائي.. ردود فعل متباينة لفيلم «Megalopolis»    «السياحة» تلزم شركات النقل بالسداد الإلكتروني في المنافذ    الأمير تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    تعرف على.. آخر تطورات الهدنة بين إسرائيل وحماس    حزب الله اللبناني يعلن استهداف فريقا فنيا للجيش الإسرائيلي في ثكنة راميم    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    نتيجة الصف الرابع الابتدائى الترم الثانى.. موعد وطريقة الحصول عليها    الفيوم تستضيف الجلسة ال26 للجنة قطاع العلوم الأساسية على مستوى الجامعات    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    لراحة القلب والبال.. أفضل دعاء في يوم الجمعة «اللّهم ارزقني الرضا وراحة البال»    توقيع الكشف الطبي على 1161 مواطنا في قافلة لصحة البحيرة    جامعة بني سويف من أفضل 400 جامعة عالميا.. والرابعة محليا    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلف الناتو وخطورة المتغيرات الاستراتيجية

شهدت تسعينيات القرن الماضي حروب التفكيك الأمريكية ذات الطابع الامبريالي , ولعل المتضرر الأكثر هو العالم العربي الإسلامي لأنه يقع في مركز لوحة الاستهداف والموارد , ولعل أبرز متغير هو مشاركة حلف الناتو بالعمليات العسكرية خارج أراضي الحلف الأطلنطي في حروب أمريكا , ومؤشر سلبي يلقي بظلاله على الأمن والسلم الدوليين , ويقود إلى مجتمع فوضوي , ولعل أبرزها تلك الحروب في البلقان وأفغانستان والعراق وأفريقيا واليمن .. الخ , ناهيك عن الوجود العسكري والأمني والتدريبي والمعلومات في الخليج العربي , وبقية الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة , والمرتبطة بمعاهدات عسكرية مختلفة تحت يافطة مظلة الحماية والحرب على الإرهاب , ويجد الخبراء أن هذا التماس الحربي في أراضي خارج النطاق الجيوسياسي لأوروبا يعد خرقاً جوهرياً لأبجديات التشكيل والعقيدة العسكرية للحلف , والتي تنص على الدفاع عن دول الحلف حصراً , وبالتأكيد يمكن للحلف خرق كل شيء اليوم في ظل المجتمع الفوضوي الذي تقوده حليفته أمريكا , والتي تتحكم بالمؤسسات الأممية ضمن فلسفة "الهيمنة الكونية" وتشرعن من خلاله حروبها المدمرة , ولا تعترف بالشرعية الدولية والمجتمع الدولي , وقد مني الحلف بخسائر مادية وبشرية كبيرة في أفغانستان , ويعاني من ترهل حربي يلقي بظلاله على تماسك الحلف , ويبدوا أن غايته الحربية قد انحرفت عن الغاية المحورية وهي الدفاع , ولا يزال هذا الحلف مثار جدل واسع حول مستقبله وتمويله وطبيعة مهامه الحربية , والتي بدورها تخلق حزمة من التداعيات ستؤول إلى تفتيته أو المطالبة بتفكيكه أو انهياره , وأضحت الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع الحلف كذراعها العسكري في أوروبا , ووسيلة ردع ضد دول التقاطع الاستراتيجي في أسيا وأفريقيا , ويعمل كلاهما بقوة على منع قيام أي حلف عسكري أخر أو مشابه وعلى سبيل المثال حلف عربي إقليمي أو حلف آسيوي أو إفريقي فعال .
حلف شمال الأطلنطي - الناتو
تأسس حلف شمال الأطلنطي - الناتو عام 1949م بناءً علي معاهدة شمال الأطلنطي والتي تم توقيعها في "واشنطنالولايات المتحدة الأمريكية" في الرابع من نيسان عام 1949م , ويقع مقر قيادة حلف الناتو في بروكسل عاصمة بلجيكا , وللحلف لغتان رسميتان هما الإنكليزية والفرنسية ، والعقيدة العسكرية تحدد الدور العسكري الرئيسي للحلف , وهو حراسة حرية الملاحة , وحماية الدول الأعضاء من أي اعتداء عسكري عليها باستخدام حشد القوة العسكرية المتحالفة . ولعب الحلف دوراً محورياً في الأزمات السياسية , وساهمت كافة الدول الأعضاء في حشد القوات وتوفير المعدات العسكرية لتشكيل حلف عسكري يعد الأكبر من نوعه في العالم ، وهناك دول أخرى ذات علاقات وطيدة بحلف الناتو إلا أنها ليست جزءاً من تشكيلته الرسمية , ويطلق عليها لقب "حليف رئيسي" لحلف الناتو . وهناك خمس دول مسئولة عن منح الألقاب التعريفية وهم الولايات المتحدة الأمريكية - المملكة المتحدة - نيوزلندا - كندا - استراليا وتسمى "لجنة التوحيد والتنسيق الجوي" , وتعد تلك الدول اللوبي المهيمن على القرار الحربي وشكل العمليات العسكرية للحلف ويتسق مع المفاهيم الحربية المشتركة والمهام ذات الطابع السياسي لعقيدة تلك الدول .
تعد أبرز دوافع تشكيل الحلف هو صراع الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي سابقاً , وسعت الولايات المتحدة الأمريكية من أمركة أوروبا سياسياً وعسكرياً , وحشدها ضد الاتحاد السوفيتي , وأطلقت على حلفائها تسمية الأنظمة الديمقراطية , وتمكنت بعد انتهاء الحرب الباردة من أمركة دول شرق أوروبا (أوروبا الشرقية) وتفكيكها عبر الحروب والانقلابات العسكرية والسياسية , والتي خلفت تقسيم دول أوروبا الشرقية المتاخمة لقارة آسيا إلى دويلات يسهل السيطرة عليها ضمن أسلوب القضم الجيوبوليتيكي والتفكيك السياسي , لتدمجها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً مع دول غرب أوروبا مؤسساتياً واقتصادياً وتجعل من دولها قواعد عسكرية ومنصات إطلاق صواريخ استراتيجية , وبذلك تحقق التفوق الأمريكي الساحق في قارة أوروبا وآسيا . وللحلف أهداف عسكرية معلنة هلامية , وتتسق مع المنهجية الأمريكية التوسعية الساعية للتواجد والقضم نحو دول التقاطع الاستراتيجي في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وهي : حماية دول العالم بشكل عام , وحماية الدول الأعضاء فيه بشكل خاص , وحفظ الأمن والاستقرار , ويبدوا واضحاً من خلال هذين الهدفين ذات المنحى الاستراتيجي السياسي والعسكري , هلامية الأهداف وتعويم الغايات التي تتيح حرية الحركة والمناورة الحربية في أي بقعة , وكذلك حشد ونقل القطعات العسكرية والمعدات , نحو دول الاستهداف الاستراتيجي المنتخبة في اللوحة الاستراتيجية العليا لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية .
المشاركة النووية
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية مصطلح "امتلاك ونزع السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل" , كعقيدة استراتيجية سياسية ذات منحى عسكري , وهي جوهر المحتوى الاستراتيجي , وفي الغالب تستخدمها في شن حملاتها الحربية وغزواتها الاقتصادية , وعلى سبيل المثال جرى غزو العراق وفق مبرر "نزع أسلحة الدمار الشامل" ولم تكن موجودة بالأصل , خصوصاً بعد أن ضخمت دوائر الاستخبارات التهديد وطورت وسائل الدعاية والإعلام من خطر العراق , وربطته بأحداث 11 ايلول2001 , رغم علم رموز الإدارة السابقة بزيف ذلك , ورغم ذلك لا تزال الحرب مستمرة في العراق التي راح ضحيتها ملايين من العراقيين دون مسائلة , ويعد التعاطي النووي منهجية حربية استراتيجية متفق عليه مع حلف الناتو , ضمن ما يسمى "سياسة الردع النووي" التي تشمل البلدان الأعضاء بغض النظر عن الأسلحة النووية الخاصة بهم , فإن الأسلحة النووية الأمريكية والصهيونية يسمونها سلاح ردع دفاعي , وإن امتلكتها دول أخرى تصبح أسلحة دمار شامل يستوجب نزعها بالوسائل السياسية أو العسكرية والاقتصادية , وذلك ضمن فلسفة الحرب الاستباقية والوقائية كامتداد لها كما حصل مع العراق ودول أخرى , وتشارك دول الحلف في تخطيط واستخدام الأسلحة النووية بشكل جماعي , وتنص الاتفاقيات على أن القوات المسلحة للدول الأعضاء يجب أن تشارك في حشد الأسلحة النووية في حال استخدامها من قبل الحلف أو أحد أعضاء الحلف في حرب أو حملة عسكرية , مما يعني وجوب الاشتراك في أي حرب نووية أو استباقية بالمفهوم الأمريكي , وتشكل الولايات المتحدة الأمريكية المتزعمة الحلف المشارك الأكبر في الحلف , وهي التي تحدد السياسات والاستراتيجيات العسكرية للحلف , خصوصاً إذا علمنا أن القوات المسلحة الأمريكية تعتبر من أكبر الجيوش المشاركة في الحلف , وتقع عليها المسئولية العسكرية وتليها بريطانيا وفرنسا واستراليا .
الدور والتكليف بعمليات خارج إطار المهام
شكل حلف الناتو لغرض تنفيذ مهام استراتيجية عسكرية ذات منحى سياسي واقتصادي خططت لها الولايات المتحدة لمدى بعيد , ويعتبر الحف الظهير العسكري الساند للولايات المتحدة الأمريكية في أوروبا وقوة ردع لآسيا وأفريقيا ضمن فلسفة الصراع القاري , وكان الغرض المعلن من تشكيله التصدي للقطب الثاني في العالم آنذاك "الاتحاد السوفيتي" ضمن استراتيجية الحرب الباردة , ويعتبر هذا هو الهدف والغاية الاستراتيجية من التشكيل , ولكن الملفت للنظر التحول في العقيدة العسكرية للحلف خصوصاً بعد انتهاء التهديد وتفكيك الاتحاد السوفيتي , وقد ترك أعضاء الحلف الباب مفتوحاً أمام مهام حربية مستقبلية هلامية تطال كافة بقع الأرض , ونشهد دور عسكري متعاظم للحلف في "أفغانستان" و"العراق" والخليج وأفريقيا واليمن , والتقرب الناعم نحو القوقاز ودول آسيا , هو خارج الإطار الاستراتيجي الذي تأسس من أجله الحلف في بداية النصف الثاني من القرن الماضي والذي ينتهج العقيدة الدفاعية , ولكن المثير للجدل وما يثير الريبة والشك لدى عدد كبير من المفكرين هو عملية التحول من العقيدة العسكرية الدفاعية (دفاعي عن أوروبا) إلى العقيدة العسكرية الهجومية وتنفيذ مهام حربية هجومية في كافة دول العالم , في محاولات توسعية للهيمنة على مقدرات وثروات الشعوب , وإعادة العالم والمنطقة إلى مفهوم الاستعباد والاستعمار القاسي والناعم , وشهدنا فتح أسواق صناعة ونقل واحتكار النفط والغاز في كل مكان بالقوة , وترويج واسع لسوق السلاح , والسماح بصناعة الإرهاب وتجارة الأمن والمرتزقة في دول العالم الثالث , وكذلك غزو المنتجات الأمريكية في العالم وآسيا والعالم العربي الإسلامي , وكثيرون ينظرون إلى السياسة الأمريكية أنها تذكي الصراع بين المسلمين وتقسمهم عامودياً إلى سنة وشيعة وتتلاعب بهم كجزء من استراتيجية أكبر في هذه المجال , وهذا جاء متناغماً مع ما أوصى به فريق "بلتشلي2" وأعضاءه من المحافظين الجدد في أمريكيا , وقد أعد وثيقة من سبع صفحات أطلق عليها تسمية "دلتا الإرهاب" التي تستهدف تقسيم وتفتيت دول العالم العربي والإسلامي .
متغيرات تكنيكية لأغراض استراتيجية
أجرت الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من دول أوروبا الأعضاء في حلف الناتو عدد من المتغيرات التكنيكية للأغراض صيانة الاستراتيجية ذات الطابع السياسي العسكري , خصوصاً بعد الأزمة المالية وتردي جاهزية القوات الأمريكية من جراء غزو العراق وأفغانستان , وكان عدد من مراكز الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية قد أعدوا مشروعاً للتعاون الاستراتيجي أطلق عليه تسمية (مشروع واشنطن الخاص بالناتو) , ويتسق مع مطالب عدد من الدول الأوروبية ذات النزعة الكولينالية والطامحة للعب دور عسكري عالمي يتسق مع الاستراتيجية العسكرية للهيمنة على العالم , خصوصاً إذا علمنا أن الولايات المتحدة الأمريكية عندما تستنزف قوتها الصلبة تميل إلى استخدام استراتيجية "الاقتراب الغير مباشر" عبر سياسة التحالفات باستخدام القوة الناعمة والذكية واستخدام القوة أو التلويح بها , أو عبر فرض القوة من خلال طرف ثالث (الحرب بالوكالة) , والاتكاء على حرب الأشباح , ويمكن رصد عدد من المتغيرات والمطالب والتوصيات لتعزيز الشراكة الاستراتيجية السياسية والعسكرية بين الطرفين , ويبدو أنها وصفة علاج لإيقاف الانهيار والفشل السياسي والعسكري "لحلف الناتو" والقوات الأمريكية في أفغانستان والعراق وكشف مخططات التقرب الناعم إلى قوقاز واعتبرها محاولة الهروب إلى الأمام مرة أخرى :
1. يستعد حلف الناتو لتدشين قوة التدخل السريع التابعة للحلف في أقرب وقت ممكن , والدعوة لزيادة ميزانية الحلف العسكرية (تأمين تمويل كافي للمهام الحالية) .
2. إنشاء ذراع مواصلات جوي للنقل الاستراتيجي لقوات الحلف بحيث يتمكن من نقل القوات السريع إلى مناطق الحرب المنتخبة من خلال أسطول جوي مميز .
3. إدماج القسمين المدني والعسكري لموظفي الناتو الدوليين ، وإدخال تعديلات على اللجنة العسكرية في الحلف (وحدة القيادة والاقتصاد بالجهد) .
4. توسيع نطاق الحلف بالتعاون مع شركاء عالميين مثل اليابان وأستراليا وتفعيل خطط ضم دول أوروبية جديدة إليه حيث يضم حالياً 28 دولة بالفعل , وانضمام دول مثل ألبانيا ومقدونيا إلى الحلف , وإشارة أقل بشأن انضمام دول مثل جورجيا وأوكرانيا خوفاً من رد فعل روسي , وكانت الأحداث الأخيرة بين جورجيا وروسيا قد بينت مدى قدرات الحلف للولوج إلى القوقاز وآسيا (القضم القاري الناعم) .
5. تأسيس فريق استشاري بحثي , وأطلقوا عليهم تسمية "مشروع واشنطن الخاص بالناتو" ، ويهدف الفريق كما يعلنون , "إيجاد الحلول والسبل الكفيلة بإعادة إحياء دور الناتو في تأمين الحماية والأمن للتحالف الأمريكي الأوروبي" ، بالإضافة إلى التفكير في الأدوار التي يمكن أن يلعبها في التأثير على مسرح الصراع العالمي .
6. دمج كافة القدرات لكل من أمريكيا وأوروبا وفقاً ل "المفهوم الاستراتيجي للناتو" والسعي إلى أنشاء جهاز قيادة من ثلاث مستويات - استراتيجي - عملياتي – وحدة القيادة وتقليص عدد مقرات الانتشار المشتركة إلى ثلاثة فقط عوض الستة المتواجدة حالياً .
7. السعي لتعزيز القوات التقليدية القابلة للانتشار ، والتي تشمل قوات المدرعات الخفيفة والثقيلة ، وقوات التدخل السريع مثل "قوات الاستجابة للناتو" , هذا بالإضافة إلى تعزيز أنظمة الدعم الاستراتيجي والتي تشمل الاتصالات والاستخبارات والاستطلاع , والتركيز على أنظمة الدفاع الصاروخية نظراً لأهميتها في سياسة الردع ضد أي تهديد صاروخي محتمل (حرب النجوم) , وتعزيز أداء أنظمة الإنذار المبكر والدفاع الجوي والأرضي .
خارطة طريق دمج القدرة العسكرية
اتجهت أمريكيا مؤخراً إلى دمج "حلف الناتو" وتغيير عقيدته العسكرية من الدفاع إلى الهجوم وإشراكه في غزواتها وحروبها وجعله الظهير الاستراتيجي العسكري لها في العالم ومنها آسيا وأفريقيا والعالم العربي تمهيداً لمزاوجة القدرات العسكرية واندماجها بالكامل خلف مفاهيم أيديولوجية متشددة "حرب العقائد والأفكار" , وخرقت بذلك السياقات الأساسية المعتمدة في تشكيل الحلف , وبالمقابل فشلت الدول العربية (الجامعة العربية) والإسلامية (منظمة المؤتمر الإسلامي) ودول العالم الثالث (منظمة دول عدم الانحياز) من تشكيل حلف عسكري متكامل مماثل يحقق مقومات الأمن والدفاع للدول والشعوب والأمم , وباتت تابعة بشكل كامل لإرادة أمريكا والغرب مما أحدث خرقاً كبيراً في ميزان القوى وتوازن المصالح , والذي حقق السيادة الامبريالية الاستعمارية لأمريكيا على دول المنطقة والعالم , وبات التحالف الثلاثي الولايات المتحدة والحليف الاستراتيجي إسرائيل ومن خلفهم الظهير الأوربي (حلف الناتو) حقيقة ملموسة وقد حقق عدد من الأهداف الاستراتيجية أبرزها :
1. إذكاء الصراعات الدموية في العالم العربي والإسلامي وتقسيمهم بشكل عامودي سنة وشيعة وتقسيمهم أفقياً إلى طوائف ومذاهب وأعراق وتكرار تنميط الإسلام والعرب بالعنف وما يسمونه (الإرهاب) ونسف منظومة القيم الوطنية والدولية بما فيها الدينية والقومية .
2. تحنيط القضية الفلسطينية وتقزيم الصراع العربي الصهيوني إلى صراع إسرائيلي فلسطيني , تتجه ملامحه إلى تهويد القدس وتوسيع سياسة الاستيطان والتغيير الديموغرافي وطمس حقوق الشعب الفلسطيني بالكامل وزيادة روح الانشقاق ضمن الجسد الواحد .
3. تدمير وتفكيك العراق (القوة الصلبة العربية) وتصفير دولته وقواته المسلحة واستبدالها بمنظومات ومؤسسات هشة غير قادرة طيلة السنوات الماضية من تحقيق الغاية من وجودها , مع إرساء منظومة مفاهيم وقوانين هجينة تفتقر إلى التجانس مع البيئة المؤسساتية والاجتماعية العراقية ولا تخدم المصلحة العليا للعراق (الدستور- قوانين الاستثمار والخصخصة – قانون مكافحة الإرهاب , المحاكم الخاصة .. الخ) , مما تلقي بظلالها على البنية التحتية العراقية وتجعل من العراق مقسماً مفككاً ضعيفاً تسوده النزاعات وصراع المغانم الفئوية والطائفية والشخصية , وترسيخ المفاهيم الاستعمارية التي تروجها الشركات الكبرى وهو مطلب صهيوني .
5. المباشرة بتطبيق مفهوم الشرق الأوسط الجديد عبر محاولات التقسيم في السودان والعراق ولبنان واليمن والصومال ومصر لتفكيك الوطن العربي تمهيداً لجعله 56 دويلة بدلاً من 22 قطر عربي وهو مشروع صهيوني , لإخراج العرب من معادلة الصراع .
6. التقرب والقضم الناعم نحو القوقاز والقارة الأسيوية .
قسمت الولايات المتحدة الأمريكية العالم إلى رقع مختلفة ضمن لوحتها الاستراتيجية الشاملة , ومن الحقائق التي لا تقبل الشك أن الحليف الاستراتيجي الأول لها إسرائيل وحلف الناتو في تحالف ثلاثي بغيض , يسعون من ذلك مزاوجة القدرات السياسية والعسكرية مع إسرائيل والظهير الاستراتيجي "حلف الناتو" الذي تحول منذ مطلع القرن الحالي من المهام الإقليمية للدفاع عن دول أوروبا الغربية "عقيدة عسكرية دفاعية" إلى مهام الحروب والغزوات العالمية الهجوم "العقيدة العسكرية الهجومية" وفي الغالب هم يحشدون وفق تخطيط أيديولوجي وفق توصيات فريق "بلتشلي2" وجميع أعضائه من المحافظين الجدد في أمريكيا , والذي أعد وثيقة من سبع صفحات أطلق عليها تسمية "دلتا الإرهاب" التي تستهدف دول العالم العربي والإسلامي وتخصص مدة زمنية لإنجاز تلك المهام , وتقول تلك الوثيقة "أن الولايات المتحدة قد دخلت حرب ضد الإسلام ربما ستستمر إلى جيلين وستبدأ من العراق" , تلك هي المخططات الاستراتيجية الأمريصهيونية للحرب الكونية الأمريكية .
* تم نشر هذا البحث في المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الإستراتيجية
اتجهت أمريكيا مؤخراً إلى دمج "حلف الناتو" وتغيير عقيدته العسكرية من الدفاع إلى الهجوم وإشراكه في غزواتها وحروبها وجعله الظهير الاستراتيجي العسكري لها في العالم ومنها آسيا وأفريقيا والعالم العربي تمهيداً لمزاوجة القدرات العسكرية واندماجها بالكامل خلف مفاهيم أيديولوجية متشددة "حرب العقائد والأفكار" , وخرقت بذلك السياقات الأساسية المعتمدة في تشكيل الحلف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.