وعمر السجن ما غير فكرة السجن مدرسة المناضلين... محطة اختبار هامة.. يكشف السجن عن المعدن الحقيقي للمناضل... حينما يقفل عليك باب الزنزانة، حينما تصبح حبيس الجدران، حينما ترى في فناء السجن عصفور صغير يطير من شجرة لشجرة ثم يرفرف بجناحين ليطير خارج سور السجن... تحس أن هذا العصفور الضعيف أقوى منك... هو يتمتع بالحرية... وأنت فاقد لها. في كثير من الحبسات كنت أنظر لمثل هذا العصفور وأقول له: ألم تجد مكانًا تطير فوقه إلا هذا السجن (... حبكت...)... بعض القطط تعيش داخل السجون... إنها قطط سجينة بلا اتهام مثلنا!!! الهدف من سجنك وانتزاع الحرية منك هو أن تخرج متخليًا عن أفكارك.. وتمشي جنب الحيط كما يريدون أو بداخله.. السجين هو الإنسان الوحيد الذي يعرف: كم هي الحرية غالية؟... لذا فإن حرية الوطن عنده أهم مليون مرة من حريته الشخصية... إنه يفقد حريته من أجل حرية أكبر هي حرية الوطن... عند دخولك من باب السجن لا تحزن حينما تنزع عنك ثيابك المدنية، ويعطونك بدلة بيضاء قذرة أو من الدمور كتب عليها باللون الأزرق "سجين تحت التحقيق"... هذه أول ضريبة تدفعها داخل السجن. في السبعينيات كان السجين السياسي يمضي وقته داخل السجن (طالما هو تحت التحقيق) بملابسه المدنية... بعد طوفان المعتقلين في الثمانينات من التيار الإسلامي بكل تلاونيه فرضت الدولة الزي الأبيض على السجين السياسي، ولم يقابل ذلك بمقاومة من قبل السجناء في هذه الفترة والتمسك بحق انتزعه السجين السياسي في الماضي... ينبغي إعادة الأمور لما كانت عليه في هذا الجانب. قاوم بشدة حلق شعر الرأس الذي من الممكن أن تتعرض له لإيذائك نفسيًا.. قاوم أي اعتداء بالضرب يحدث عليك... لكن اعلم بداخلك أن لكل مقاومة حدود فأنت قد أصبحت في السجن أسيرًا لدى النظام الحاكم... والأسير من الممكن أن يضرب أو يوضع القيد في معصمه أو يجبر على حلق الرأس... المقاومة قد تنجح وقد لا تنجح... لكن وجودها سيقوي ويرفع من معنوياتك وصلابتك في مواجهة السجان حتى إن لم تنجح. ارفض منذ البداية تسكينك في زنزانة واحدة مع المساجين الجنائيين: أنا سياسي يتم تسكيني في غرفة مع السياسيين أو في غرفة انفرادي... لائحة السجون تنص على ذلك.. وهذا حقك لا تفرط فيه.. جرائم المخدرات مع المخدرات.. والنشل مع النشل.. أنا لن أقبل التسكين مع الجنائيين.. وإذا أجبرت على ذلك اعلن إضرابك عن الطعام وقاوم... هذه المقاومة ستجعل إدارة السجن تعرف أنها أمام سجين يعرف حقوقه ويناضل من أجلها.. وليس مسجون خانع لها. الفشل لا يعني نهاية المقاومة والمطالبة بالحقوق: تسكيني مع السياسيين (لا الجنائيين... ولا المتهمين بالتخابر)، دخول الجرائد والصحف التي أطلبها على نفقتي الخاصة، السماح بوجود الورق والأقلام معي داخل الزنزانة، السماح بزيارات الأسر والأقارب وطول مدة الزيارة، فتح الزنازين طوال النهار والتحرك بحرية داخل السجن وتعريض الجسم والفراش للشمس والهواء النقي، الرعاية الصحية داخل السجن، استعارة الكتب من مكتبة السجن والسماح بدخول الكتب في الزيارات بجميع أنواع الكتب سياسية وثقافية... إلخ. شاكس دائمًا من أجل حقوقك، وتحسين وضعك ووضع زملائك داخل السجن ..المشاكسة المحسوبة مطلوبة، والجعجعة والتصادم على مطالب صغيرة وتافهة غير مطلوبة... الجوهري في الحقوق هو: الورقة – القلم – الصحف – الكتب – التسكين مع الزملاء السياسيين – الرعاية الصحية – الزيارات – انتزاع الحقوق يجب أن يتم بشكل جماعي وباتفاق جماعي... لا تتسول أمام إدارة السجن بشكل انتهازي من أجل الحصول على مكسب فردي لك... شعار "نعيش معًا أو نموت معًا" ينبغي أن يكون شعار أية مجموعة سياسية داخل المعتقل... ينبغي أخذ رأي كل معتقل من المجموعة في كل خطوة سيتم السير إليها... لا ينبغي لأحد أن ينفرد بالقرار. ينبغي انتخاب لجنة بشكل ديمقراطي للتفاوض مع الإدارة بشأن مطالب المعتقلين، وعلى اللجنة أن تلتزم بمشاورة وأخذ رأي الجميع، ولا تعطي أية ضوء بالموافقة على أمر ما لإدارة السجن إلا بالرجوع للجميع: (نحن لسنا أمراء للجماعة... نحن مناضلون ديمقراطيون داخل السجن وخارجه،و ينبغي انتخاب لجنة أخرى للإعاشة الجماعية، تختص هذه اللجنة بتوزيع الغداء بالتساوي بين جميع الزملاء، لا تميز بين زميل وآخر إلا في حالات المرض... تقوم بعمل تخزين مناسب للأغذية لوقت الأزمات، تشرف بشكل عام على كافة شئون المعيشة للمعتقلين. ينبغي اختيار وانتخاب لجنة ثالثة مهمتها إعداد الندوات وإدارة الحوارات الفكرية والسياسية بين الزملاء وإدارة النشاط الثقافي والترفيهي بشكل عام للمعتقلين. لا تتأثر يا صديقي ببيئة الجنائيين داخل السجن... بل حاول التأثير السياسي عليها.. شاهدت بعض المساجين السياسيين داخل السجن يتأثرون بالبيئة الجنائية... فتجد هذا البعض بعد عدة أيام من الحبسة يتعاطى البرشام والكحول والمخدرات من الجنائيين ويستخدم الألفاظ النابية... هذا الشخص تأثر بالبيئة الجنائية ولم يؤثر فيها.... صادق الجنائي وعامله باحترام لكن لا تقلد سلوكه الخاطئ. حينما تشعره بآدميته وبالظلم الواقع عليه داخل السجن في جميع حقوقه سوف يحترمك ويتجه نحو مساعدتك بشكل فعال. لا تجعل إدارة السجن تنجح في تكتيل الجنائيين ضدك... الصحيح أن تكتسب الجنائيين إلى جانبك وتكتلهم ضد الإدارة على الأقل في التصدي من أجل انتزاع حقوقهم، ارفض الشتائم القذرة للضباط تجاه الجنائيين، وارفض استخدام الضرب ضد المسجون الجنائي. اشغل وقتك دائمًا إما بالرياضة أو القراءة، أو المناقشة أو إعداد الطعام حتى لا تحس بالملل وطول الوقت... داخل السجن (كما في خارجه) حب لأخيك ما تحب لنفسك بل فضل زميلك على نفسك لأن ذلك يوجد نوع من التضامن والمحبة الجميلة داخل الجدران. الإضراب عن الطعام هو سلاحك الوحيد داخل السجن فاحرص على استخدامه بدقة حتى لا تفقده فاعليته. وأخيرًا أعرفكم يا أخواني: أن باب السجن خايخ... ومالوهش أكرة... وأن الثورة فكرة... وأن الوعد بكرة... وعقبالنا وعقبال عندكم يا حبايب. Comment *