* هاني رسلان: المواقف العربية تفترض أن احتمال الوحدة ما زال قائمًا ..وتصريحات الفيصل وأبو الغيط قلق متأخر كتب – شاهر عيَّاد: وصف خبير في الشأن السوداني تصريحات وزيري خارجية مصر أحمد أبو الغيط والسعودية سعود الفيصل بالإضافة إلى آمال الجامعة العربية بتأجيل استفتاء انفصال الجنوب بال”قلق العربي والمصري المتأخر من تداعيات الانفصال”. واعتبر هاني رسلان الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام والمتخصص في الشئون السودانية، في اتصال هاتفي مع “البديل”، أن كافة المواقف السياسية العربية تتخذ بمنطق أن هناك استفتاء قد يسفر عن استمرار الوحدة أو عن الانفصال، واصفًا ذلك المنطق بالخاطئ “لأن الانفصال وقع بالفعل، والاستفتاء ما هو إلا الإجراء الشكلي الذي سيكرس هذا الانفصال ويعطيه شكلاً قانونيًا شرعيًا”. وأوضح رسلان أن “الانفصال حتمي واستمرار الوحدة أمر مستحيل، فالحركة الشعبية لتحرير السودان تسيطر على الجنوب بالكامل اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا وعسكريًا. وبالتالي فإن السبيل الوحيد لتجنب الانفصال هو تنصل الحكومة السودانية من اتفاقية نيفاشا وإلغاء الاستفتاء، ما يعني بالضرورة عودة الحرب الأهلية وهو خيار مستبعد”. وكان أبو الغيط أعلن في وقت سابق يوم الأحد أن القاهرة متمسكة بمقترحها الذي طرحته على الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان بالانتقال بشكل آلي، في حال صوّت الجنوبيون لصالح الانفصال، إلى شكل من أشكال الوحدة الكونفدرالية بين البلدين. غير أن رسلان استبعد مثل هذا الأمر قائلاً “يبدو خيارًا صعبًا. الحركة الشعبية رفضت مطلقًا هذا الاقتراح فيما أبقت حكومة الخرطوم الباب مواربًا ولم تطلق مواقف محددة”. غير أن أبو الغيط دافع عن المقترح المصري بقوله “إننا نطرح فكرة ثالثة (عدا الوحدة أو الانفصال) للمساعدة على تحقيق الاستقرار الأمثل للسودان وهي الكونفدرالية إذا ما حدث الانفصال”. وأوضح أنه يجب المضي في تنفيذ الاستفتاء واستكمال كل عناصره. وقال “إذا وجدنا أن عناصر الاستفتاء ليست مستكملة فلا ضرر في أن نفكر في بعض التأجيل إذا كان سيساعد في تحقيق الاستقرار بين الأطراف”. وبقي 66 يومًا قبل أن يتوجه الناخبون في الجنوب إلى الاستفتاء لتحديد ما إذا كانوا يرغبون في الانفصال عن السودان. وتشير كافة استطلاعات الرأي ويجمع الخبراء والمراقبون على أن الانفصال حتميٌّ. وعانى السودان من حرب أهلية استمرت عشرين عامًا بين الجنوبيين والشماليين. ويشكو الجنوبيون وأغلبهم مسيحيون من نقص الخدمات وإهمال الدولة لهم تاريخيًا رغم أن أغلب موارد السودان الزراعية والنفطية تنبع من أراضيهم. في حين يعتبر الشماليون أن الحرب تحمل الطابع الديني وأنها موجهة ضد الإسلام. أما السعودية فقد عبرت على لسان وزير خارجيتها سعود الفيصل السبت عن قلقها من توابع الاستفتاء. وقال الفيصل إن “الاستفتاء قد يؤجج العنف في البلاد بدلاً من إرساء السلام”. وأكد الأمير سعودي في مؤتمر صحفي أن الهدف من الاستفتاء هو إرساء السلام بين الشمال والجنوب بعد سنوات طويلة من الحرب الأهلية. مضيفًا “الحل المنشود هو وقف القتال، وما نخشاه هو أن يؤدي الاستفتاء إلى تجدد القتال”. وشدد الوزير السعودي على ضرورة أن يكون الاستفتاء المزمع إجراؤه في التاسع من يناير المقبل حرًا ونزيهًا، مجددًا التاكيد على مخاوف الرياض إزاء إمكانية انقسام السودان، البلد العربي الأكبر من حيث المساحة، معتبرًا أن الاستفتاء في السودان يمثل “مفصلاً تاريخيًا حساسًا يهدد بانقسام الأراضي” السودانية. وإذ اعتبر رسلان أن الدول العربية مازالت محتفظة بمواقفها الرسمية المتخوفة من إعلان الانفصال، إلا أنه أشار كذلك إلى أن هذه الدول بدأت تتعامل مع حقيقة أن السودان في طريقه إلى الانفصال، مذكرًا بالاجتماعات التي تعقد من حين لآخر في القاهرة بين الجنوبيين والشماليين لحل المشاكل الخلافية التي ستنشأ بين البلدين بعد استقلال الجنوب. وحذر رسلان من أنه على الرغم من أن الشماليين والجنوبيين منهكين من الحرب، وأن وما يعلنوه من رغبات بتجنبها صادق تمامًا، إلا أن الحروب قد تنشب دون قصدٍ من أحد. وبالتالي فإن الجهد الآن، والذي ترعاه قوة إقليمية كالقاهرة وأديس أبابا، معنيٌّ أكثر بترتيب أوضاع ما بعد الانفصال. ونوّه إلى أن إثيوبيا ومصر فقط من دول جوار السودان يتخوفون من الانفصال. مصر لأن هذا الانفصال يهدد أمنها القومي، وإثيوبيا لأن لديها أعراق مختلفة تطمح إلى نيل الحكم الذاتي وبالتالي فإنها تخشى من انتقال العدوى. أما كينيا وأوغندا فإنهما يشجعان الانفصال لأنه يتوافق مع آفاق مشاريع اقتصادية ينوون تنفيذها عقب الاستقلال. مواضيع ذات صلة 1. “هدايا الوحدة” لمحمد خير: السيرة الذاتية للعزلة في 21 قصيدة