عاجل.. المركزي المصري يثبت أسعار الفائدة متماشيًا مع التوقعات    القاهرة الإخبارية: شاحنات مساعدات غزة مكتظة أمام معبر رفح بسبب التعنت الإسرائيلي    الكرملين: الأسلحة الغربية لن تغير مجرى العملية العسكرية الخاصة ولن تحول دون تحقيق أهدافها    المباراة رقم 100 لأكرم توفيق بقميص الأهلي.. في هذه الحالة    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    دورة تدريبية حول استخدام المبيدات الزراعية في الفيوم    تصل ل7 سنوات.. ما عقوبة ختان الإناث طبقا لقانون العقوبات؟    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    إطلاق البوستر الرسمي للفيلم الكوميدي العائلي جوازة توكسيك    جامعة أسيوط: نشرنا 2320 بحثا دوليا خلال 2023 أغلبها في مجلات المربع الذهبي (Q1 وQ2)    ابنة قاسم سليماني تقدم خاتم والدها ليدفن مع جثمان وزير الخارجية عبد اللهيان    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024.. الموعد وطريقة حساب الدرجات    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    الجودو المصري يحجز مقعدين في أولمبياد باريس 2024    بعد اتفاقه مع يوفنتوس.. بولونيا يعلن رحيل تياجو موتا رسميًا    وزير الأوقاف يؤكد على التعامل بحسم مع أي مخالفة لتعليمات خطبة الجمعة    8 اختصاصات ل "الجمعية العامة العادية" لصندوق التأمينات الخاصة بالقانون الموحد    سعر العنب والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 23 مايو 2024    فيديو أشعل السوشيال ميديا.. ضبط شابين عذبا كلبًا بطريقة بشعة في عابدين    رئيس الوزراء يلتقي «البلشي».. ويؤكد احترامه لمهنة الصحافة ولجموع الصحفيين    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    أحمد الفيشاوي في مرمى الانتقادات من جديد.. ماذا فعل في عرض «بنقدر ظروفك»؟    بالفيديو.. ماريتا الحلاني تلعب دور جاسوسة تلاحق فرقة أدونيس في «حفضل أغني»    بمناسبة أعياد ميلاد مواليد برج الجوزاء.. 6 أفكار لهداياهم المفضلة (تعرف عليها)    محافظ أسوان يكلف السكرتير العام المساعد بتفقد أعمال القافلة الطبية المجانية بعرب سهيل    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    صعود الأسهم الأوروبية ومؤشر التكنولوجيا يقود مكاسب القطاعات    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    «يرجح أنها أثرية».. العثور على مومياء في أحد شوارع أسوان    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    امتحانات الثانوية العامة 2024.. ماذا يحدث حال وجود فراغات بإجابة أسئلة «البابل شيت» وعدم تظليلها جيدا؟    موسم الحرب والغناء و303 على مسرح قصر روض الفرج.. الليلة    الأزهر للفتوى يوضح فضل حج بيت الله الحرام    زغلول صيام يكتب: من فضلكم ارفعوا إعلانات المراهنات من ملاعبنا لحماية الشباب والأطفال وسيبكم من فزاعة الفيفا والكاف!    أوستن يدعو وزير دفاع الاحتلال لإعادة فتح معبر رفح    وزير الدفاع: القوات المسلحة قادرة على مجابهة أى تحديات تفرض عليها    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    التنمية المحلية: طرح إدارة وتشغيل عدد من مصانع تدوير المخلفات الصلبة للقطاع الخاص    مع عرض آخر حلقات «البيت بيتي 2».. نهاية مفتوحة وتوقعات بموسم ثالث    أكرم القصاص: لا يمكن الاستغناء عن دور مصر بأزمة غزة.. وشبكة CNN متواطئة    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    هل يجوز شرعا التضحية بالطيور.. دار الإفتاء تجيب    الملك تشارلز يوافق على حل البرلمان استعدادا للانتخابات بطلب سوناك    رئيس وزراء أيرلندا: أوروبا تقف على الجانب الخطأ لاخفاقها فى وقف إراقة الدماء بغزة    تريزيجيه: أنشيلوتي طلب التعاقد معي.. وهذه كواليس رسالة "أبوتريكة" قبل اعتزاله    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    تعاون بين الجايكا اليابانية وجهاز المشروعات لتطوير المشروعات الصناعية بمصر    جامعة النيل تستضيف ورشة عمل حول «الظاهرة الثقافية لجمع المقتنيات»    «مش عيب والله يا كابتن».. شوبير يوجه رسالة لحسام حسن بشأن محمد صلاح    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    أمين الفتوى يوضح ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    جوزيب بوريل يؤكد استئناف جميع الجهات المانحة بالاتحاد الأوروبي دعمها لوكالة الأونروا    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. هدي زكريا: حفظ الله الشعب
نشر في البديل يوم 07 - 11 - 2012

بينما يختتم فلاح قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية صلاة العصر كانت مجموعة من الأطفال والشباب تجري في اتجاه المسجد صارخة: الحق يا عم عرابي ابنك أحمد خطفه الرجل أبو عباءة سوداء مع أولاد غيره من أولاد البلد،وهرع عرابي مع غيره من أهالي المخطوفين ليجدوا الجنود ينطلقون بالأطفال الي (الدهبية) الراسية علي الشاطئ وفي مقدمتها وقف الشيخ المهيب يرقب تنفيذ الجند لمهمتهم في جمع الأطفال الذين( تبدو علي وجوههم
النجابة)علي حد قوله، وبينما انخرط الأطفال في البكاء وهم يحاولون الإفلات من قبضة الجند بدا الصغير أحمد هادئاً ثابت القلب، مما لفت نظر ذو العباءة السوداء فقرب الطفل
الصبوح الوجه مديد القامة إليه وسأله عن اسمه فرد قائلا: أحمد عرابي ..! فربت علي كتفه وهو يهمس في سره: سيكون لك شأن بإذن الله، وفي تلك اللحظة ظهرت جموع الأهالي وهم يصرخون:اترك أولادنا ياباشا.
فنظر إليهم بوقار:اتركوهم لي ولن تندموا..فهم ذاهبون إلي مدرسة الوالي وسيعودون إليكم رجالاً نفخر بهم جميعاً.
وإذ يتراجع الأهل في يأس تنطلق السفينة حاملة علي متنها الشيخ رفاعة الطهطاوي الذي كان يلعب باقتدار دور مكتب التنسيق القديم في اختيار الموهوبين ليدشن بهم نهضة مصر الحديثة.
المشهد الثاني:
اعتاد ملوك وأمراء أوروبا والشرق أن يمنحوا لقب (فارس) للمخلصين من جنودهم عندما يثبتون الولاء ويقدمون علي التضحية بالنفس من أجل الحاكم، وما أن تتم مراسيم الاحتفال حتي يهتف الضابط الجديد قائلاً: حفظ الله الملك..!وينطلق مدافعاً عن مليكه ظالماً أومظلوماً
ضد من يسمونهم بالغوغاء والدهماء أوبمعني أصح ضد الشعب
المشهد الثالث:
وبقدر حصافة وذكاء محمد علي وقوة شخصيته ومهارته في إدارة مشروع النهضة لمصر الحديثة، بقدر ضعف وهشاشة حفيده الخديوي توفيق، فالأول اعتلي الحكم بمساندة الشعب المصري بزعامة عمر مكرم وقد أدرك منذ اللحظة الأولي أن مفتاح القوة الحقيقي هو الشعب المصري وليس سواه، فلجأ الي الشعب المصري لكي يكون جيشه العظيم الذي فتح أقريقيا وسيطرعلي الحجاز ومعظم شبه الجزيرة العربية، وهدد الآستانة عاصمة تركيا بعد استيلائه علي الشام،وذلك كله في زمن قصير لم يتجاوزالعشرين عاماً رغم أنه تسلم مصرفي أعقاب الحملة الفرنسية عام 1805 التي خلفت خراباً أضيف الي ما فعله المماليك.
فلم تكتف مصر بالخروج من عصور المماليك والاحتلال الفرنسي، وإنما تحولت الي قوة عسكرية ضاربة تخشاها أقوى قوتين في عصرها هما انجلترا وفرنسا، وتحولت من ولاية تابعة للخلافة العثمانية إلي دولة مستقلة ناهضة في ذلك الوقت الوجيزالذي يجهله الكثيرون ممن يجلسون في وسائل الإعلام ليرسموا سيناريوهاتهم الخائبة للخروج من الأزمات الحالية.
فإذا عدنا الي الخديوي توفيق الذي جاء الي الحكم عقب ضرب مشروع النهضة المصرية الحديثة وبمساندة الدول الاستعمارية فسوف نلاحظ أنه توجه شأن العملاء من الحكام الي طلب الرضا من انجلترا وفرنسا، ولم يكن الرضا ليتحقق إلا بتحقيق مصالح المستعمر علي حساب الوطن والشعب.
وظن توفيق أنه وفقاً لما قرأه في كتاب القراءة الرشيدة للحاكم العميل، أن الجيش المصري هو صنيعة الحاكم كما يحدث في غالبية الحالات في أوروبا وأن الضباط يهتفون في كل السيناريوهات:حفظ الله الملك!
المشهد الثالث:صدمة الخديوي
وقد اكتشف توفيق متأخراً جداً أن المصريين يفاجئون الدنيا بسيناريو خاص جداً،عندما هرول إلي خارج القصر يصحبه ولي نعمته مندوب أوروبا ليستطلع الجلبة التي أحدثتها قعقعة سلاح الجند الذين قادهم الضابط أحمد عرابي الي قصرعابدين في مشهد سجله التاريخ في أنصع صفحاته، وإذ يستنكر الخديو مدهوشاً ما أقدم عليه الضابط الفلاح والذي كان أول من ارتدي بزة الضابط من المصريين بعد أن كانت رتبة الضابط قاصرة علي الجراكسة والأتراك من العسكريين.
وعندما حاول توفيق أن يذكرالزعيم أحمد عرابي بالقاعدة التقليدية بأن الضباط هم عبيد إحسان الملوك فاجأه عرابي بالاستثناء المصري: لقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً ولم تلدنا تراثاً ولاعقاراً..والله لن نورث بعد اليوم!!
وهكذا تحققت نبوءة رفاعة الطهطاوي ابن الشعب ومؤسس حركة التنويرفي مصر الحديثة بصدد أحمد عرابي الطفل المخطوف من عمق الريف المصري إلي أعلي السلم العسكري والذي هتف في لحظة سطوع نجمه: حفظ الله الشعب.
وقد بقي هذا الهتاف منذ لحظة المواجهة بين الخديو الخائن والزعيم الوطني هو (البوصلة) التي يتخذها الجيش المصري لتهديه السبيل ولتجعله خير أجناد الأرض، والتي أخرجته الي ميدان التحرير ليهتف: حفظ الله الشعب..!
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.