ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير لها اليوم الثلاثاء أن السلفيين في مصر كان لديهم دائماً مسحة استبدادية، حيث كانوا يرفضون دائماً الاحتجاجات والتظاهرات، من بينها ثورة يناير، والمشاركة السياسية والعمل الحزبي والديمقراطية باعتبارها نموذجًا غير إسلامي للحكم، الأمر الذي جعل لهم رصيد إيجابي مع النظام السابق تحت حكم حسني مبارك، الذي استقطب السلفيين بنجاح لتوفير التبرير الديني للاستبداد واستخدم الحركة السلفية كثقل مواز لمطالب الإخوان المسلمين للإصلاح السياسي. وأضاف التقرير "لكن عندما أصبح واضحاً أن النظام القديم الاستبدادي يتهاوى، عكس السلفيون موقفهم فيما يتعلق بالمشاركة السياسية وقاموا بتشكيل أحزاب باعتبارها وسيلة ضرورية لتحقيق هدفهم النهائي المتمثل في إرساء "دولة دينية".. وبعد أن بدأت العملية الديمقراطية تعرقل جهودهم لتكريس تصورهم للشريعة الإسلامية في الدستور المصري الجديد ، يبدو أن السلفيين يعودون الآن إلى جذورهم الاستبدادية". وأضافت المجلة الأمريكية أن التوترات مع الليبراليين بشأن الدستور المصري الجديد قد أثارت الميول المتشددة والإقصائية للسلفيين، مما يثير تساؤلات بشأن عما إذا كان السلفيون سوف يظلون ملتزمين بمسار المشاركة السياسية السلمية أم سيلجئون إلى العنف لتحقيق أهدافهم. وأشارت المجلة إلى أنه مع استعداد السلفيين لمظاهرة يوم 9 نوفمبر للدعوة لتطبيق شرع الله في الدستور المصري، هناك تخوف من أن الإسلاميين قد يعودون للأساليب العنيفة التي تخلوا عنها رسمياً منذ عقود، حيث إن بيان الجماعة الإسلامية المتشددة الذين يتعهدون فيه "بالقتال من أجل تطبيق شرع الله" يشير إلى أن الإسلاميين المتشددين ربما يلجئون إلى التطرف إذا كانوا غير قادرين على تحقيق أهدافهم من خلال المشاركة السلمية في العملية السياسية. وذكرت "فورين بوليسي" أن عملية إعادة كتابة الدستور المصري هي نقطة محورية في النزاع بين القوى الإسلامية وغير الإسلامية، ففي الوقت الذي تعهد فيه السلفيون بالدفاع عن رؤيتهم بشأن دستور إسلامي ضد "الفاسدين" و"المرتدين"، فإنه أصبح من الواضح أن التزام السلفيين بالديمقراطية سوف يستمر فقط طالما يحققون ما يريدون في طريقها. ولفتت المجلة إلى أنه في حين أن العملية الدستورية تعيد إحياء الميول السلفية الاستبدادية مع الآخرين من غير الإسلاميين، إلا أن الديناميكيات الداخلية داخل الحركة السلفية نفسها تكشف عن وجود عداء متأصل بعمق تجاه فكرة قبول الحلول الوسط والاعتدال. وأوضحت المجلة المتخصصة في شئون السياسة الخارجية أنه تم تقسيم الحركة السلفية حاليا بين عدة أحزاب تتداخل في جداول أعمالها، وينخرطون بعمق في مساومات حزبية ومزايدات فيما بينهم. وهناك أيضاً انقسامات عميقة بشأن قضايا ساخنة مثل قرض صندوق النقد الدولي. بالإضافة إلى أنه تم تلطيخ الصورة المتشددة للسلفيين بسبب عدد من الفضائح والانشقاقات. وتابعت "على سبيل المثال، في وقت سابق من هذا العام، تم تلطيخ صورة حزب النور السلفي بسبب سلسلة من الفضائح بدءاً من تجميل الأنف إلى الأفعال الفاضحة وسرقة الآثار، بالإضافة إلى صراعات سياسية داخل الحزب نفسه". واعتبرت "فورين بوليسي" أن هذه الانقسامات العميقة تشير إلى أن الميول الاستبدادية الراسخة للسلفيين تعرقل التسويات والحلول الوسط ليس فقط مع القوى السياسية الأخرى، ولكن أيضا داخل الأحزاب السلفية نفسها، فضلا عن العلاقات مع الإخوان مع اقتراب جولة جديدة من الانتخابات البرلمانية. وفيما يتعلق بالعلاقة بين جماعة الإخوان والحركة السلفية تقول المجلة إنه على الرغم من أن السلفيين يستاءون بشدة من جماعة الإخوان المسلمين لتقديمها تنازلات للقوى الليبرالية والعلمانية، ولكن في نهاية الأمر، سوف يضحى السلفيون أيضا بمبادئ لتجنب الاستدراج إلى معركة لا يمكن الفوز بها مع الطرف الذي يتحكم في الرئاسة والبرلمان. وفي هذا الصدد ، أشارت مجلة فورين بوليسي إلى أن السلفيين تراجعوا بشكل متكرر عن تحدي الإخوان وتجنبوا مواجهة غير متكافئة محرجة، معتبرة أن قرار السلفيين "بإلغاء مظاهرة كانوا أعلنوا عنها لدعم الشريعة في 2 نوفمبر– اعترافا بعدم قدرتهم على حشد مظاهرة جماهيرية دون دعم من الإخوان - يشير إلى أن الحركة السلفية تتعلم كيفية تقديم تضحيات إستراتيجية من أجل الحفاظ على الذات. على الجانب الآخر، ترى المجلة أن الإخوان المسلمين يحاولون استغلال القلق حول مطالب متطرفة يقترحها السلفيون على وثيقة الدستور من أجل حث قوى سياسية ليبرالية على تأييد أهون الشرين من حيث قبول مشروع دستور من قبل الإسلاميين المعتدلين (جماعة الإخوان المسلمين) الذين يعترفون بضرورة تقديم تنازلات من أجل طرح الدستور المقترح للاستفتاء الشعبي Comment *