في تقرير أعدته مجلة الإيكونوميست حول الأوضاع المتوترة بين مصر وإسرائيل وغزة جراء الهجوم الذي وقع في الحامس من أغسطس، أكدت المجلة أن الحل لهذه الأزمة هو ضرورة التعاون الثلاثي بين مصر وإسرائيل حكومة قطاع غزة. قال التقرير إن الأحداث الدامية التي وقعت في سيناء "لم تكن في حاجة لإنذارات، فقد أعرب شيوخ القبائل البدوية عن قلقهم المتزايد خلال ال18 عشر شهراً الماضية، منذ اندلاع الثورة من زيادة مزعجة للمجموعات الجهادية المسلحة". وأضاف التقرير:"في مايو الماضي، قامت مجموعة من هذه الجماعات الجهادية التي تستقر في غزة بشن هجوم من شبه جزيرة سيناء خلف قتيلاً إسرائيلياً. وفي شهر يوليو قام الجهاديون بنشر فيديو وبعض المنشورات تعد بتحويل سيناء إلى إمارة إسلامية مطالبين الحكومة المصرية بفرض الشريعة الإسلامية أو الاستقالة، وفي الثاني من أغسطس طلبت الحكومة الإسرائيلية من مواطنيها أن يبتعدوا عن المنتجعات السياحية في سيناء، مشيرة في طلبها إلى تحذيرات استخباراتيه حول تزايد الأخطار الهجومية هناك. وبعد ثلاثة أيام من سحب إسرائيل لرعاياها قامت إسرائيل بإطلاق صاروخ أدى إلى مقتل فلسطيني في غزة وصرحت إسرائيل أنه جهادي". ورصد التقرير هذه الأحداث المتلاحقة وأشارت إلى أنه "بعد إطلاق هذا الصاروخ بساعات قليلة وقبل الغروب بقليل، لم يتخذ المجندين الذين يحرسون نقطة التفتيش الفاصلة بين التقاطع الثلاثي للحدود المصرية والإسرائيلية ووقطاع غزة أي احتياطات أمنية قبل تناولهم الإفطار في رمضان، وكان بعضهم لازال الطعام في فمه عندما اكتشفت جثثهم. والملثمين (الذين قتلوا الجنود) انسحبوا في عدة عربات لم يظهروا أي رحمة، فقصفوا نقطة التفتيش بقذائف صاروخية وأسلحة آليه مخلفين وراءهم 16 جندياً قتيلاً". وأشارت إلى أن "بعض المهاجمين ارتدوا أحزمة ناسفه، ثم قاموا بخطف مدرعتين ثم تقدموا بها نحو الحدود الإسرائيلية. وأحدى المدرعات كانت محملة بالمتفجرات فشلت في اختراق الحواز واشتعلت فيها النيران. أما الأخرى فقد تقدمت لأكثر من كيلو ونصف داخل الأراضي الإسرائيلية قبل أن يتم ضربها بصاروخ من مقاتلة إسرائيلية. ومن الواضح أن الجانب الإسرائيلي كان أكثر استعداداً عن نظيره المصري". ويشير التقرير إلى أنه "كما عززت القوات المصرية شمال سيناء فإن خطر التمرد المحلي قد يزداد على نطاق واسع". وينقل التقرير عن شاهد عيان في العريش أكبر المدن في سيناء؛ أنه تم مهاجمة الجهاديين في منتصف ليلة السابع من أغسطس على طريق رفح في الحدود مع غزة، وأن الجيش طارد المهاجمين حتى قرية التومة، حيث معقل إحدى القبائل شديدة الصلة بالجماعات الإسلامية. ووسط تعتيم إعلامي للأحداث في مصر، فإن التقارير الأولية قالت أن القوات البرية مدعومة بطائرات هليكوبتر مقاتلة قد قتلت مجموعة من الجماعات الجهادية، على الرغم من أن السكان المحليين يشككون في هذه التقارير. ومن المتوقع الآن أن تقوم حملة عنيفة لمكافحة الإرهاب هناك. ويقول التقرير إن "أنصار فكرة الدولة العميقة التي لازالت تهيمن على المؤسسات العسكرية انتقدت بشدة الحكومة الإسلامية المتلونة في زي المدنية. وقال المنتقدون إن الرئيس محمد مرسي كان قد خفف بسذاجة السيطرة على الحدود بين مصر وقطاع غزة، متملقاً بهذا نظيرة الاسلامي الفلسطيني في حكومة حماس التي تدير تحكم القطاع. وقد ألقوا كامل اللوم على مرسي لسماحة لمثل هذه العناصر الخارجية الخطيرة بالتسلل إلى غزةوسيناء على حد سواء". وتضيف المجلة :"أثناء الجنازة العسكرية للضحايا، تم رشق رئيس الوزراء الجديد هشام قنديل بالأحذية والاستهزاء به. أما جماعة الأخوان المسلمين في مصر وغزة فكانت قد أشارت إلى أن جهاز المخابرات الإسرائيلي هو المتسبب الرئيسي والمنظم لهذا الهجوم". واستطرد التقرير مشيراً إلى أنه "على جانب آخر فقد أشار البعض بأصابع الاتهام لتورط المسؤلين في الجيش المصري. وفي الثامن من أغسطس كان مرسي قد أقال بعض المسؤلين الكبار بما فيهم رئيس جهاز المخابرات والحاكم العسكري لشمال سيناء، وهو ما يمكن أن يساعد مرسي في إعادة هيبته التي فقدها منذ أصبح رئيساً". ويعقب التقرير أنه "بعد أن صار قطاع غزة تحت حكم حماس عام 2007، دفع ذلك إسرائيل إلى حصار غزة، ومنها بدأ الفلسطينيون بحفر مئات الأنفاق تحت الحدود المصرية. والتي عززت التهريب بوفرة الذي استفاد منه بدو سيناء والمسؤلين المصريين الفاسدين وكذلك إسلاميو حماس. ففي العام الماضي كان قد ازداد تهريب الأسلحة على وجه الخصوص". ويقول التقرير:"جراء تلك الأحداث فإن الشكاوى من إسرائيل وحلفائها في الحكومات الغربية حول الفوضى في سيناء تم مقابلتها بالاحتجاجات على اتفاقية السلام التي تقيد الجيش المصري على أرضه" وأوضحت المجلة أن غلق المعبر مرة أخرى بعد حقبة مبارك "كان مثيراً للقلق بالنسبة للفلسطينيين، فهو المنفذ الرئيسي لغزة على العالم، لذلك قدمت حماس تعازي حارة للمصريين". وتابعت:"حماس كافحت لقمع الجهاديين المتشددين في غزة خاصة هؤلاء الذين يتبعون المنهج السلفي ومنعتهم من مهاجمة مصففي الشعر ومقاهي الانترنت والمسيحيين في غزة، ولكنها في الوقت نفسه كانت تعلي من شأنهم عند مهاجمة إسرائيل". وشددت المجلة على أنه:"لو كانت حماس ترغب حقاً في إرضاء مصر فعليها أن تلقي القبض على أكثر من 200 جهادي لازالوا طلقاء في غزة"، ونقل التقرير عن هشام سعيدني المسئول في تنظيم الجهاد العالمي، الذي أطلقت حماس سراحه بعد بدء شهر رمضان بأيام قليلة، قوله إن "الجنود المصريين كانوا يحمون إسرائيل"، مدافعاً عن قتلهم. تقول المجلة أن على إسرائيل أيضاً أن "تترك قوات الأمن من كلا الجانبين المصري وغزة أن تسيطر على حدودها على نحو أكثر فاعليه. وربما وجب على إسرائيل السماح لحماس بالعمل على طول الشريط الأمني على طول حدود قطاع غزةالشرقية. ويقول الإسرائيليين أنهم قاموا بعدة محاورات سرية رفيعة المستوى مع الجانب المصري منذ أن أدى مرسي اليمين منذ أكثر من شهر". وتؤكد الإيكونوميست أنه "من الواجب على الحكومات الثلاث أيضاّ أن تتفق على ترتيبات اقتصادية جديدة. وأن فتح المعبر للعبور الشرعي والتجارة سوف يقلل من قوة الجاهدين و المهربين في غزةوسيناء، وبالتالي تعزيز ذراع الحكومات في مصر والقدس". يقول التقرير أن الرئيس مرسي من الواضح أنه على علم بهذه المعضلة. ولذا فقد تم فتح الكليات العسكرية المصرية أمام أبناء البدو، وهناك أيضاً الكثير من الخطط لتطوير وإصلاح مئات القرى في شبه جزيرة سيناء حيث أن الكثير منها لم تصله أنابيب المياه حتى الآن، وهو ما وعد به مرسي في زيارة له إلى سيناء في بداية توليه الرئاسة. وبالإضافه لذلك فقد ناقش مرسي مع اسماعيل هنية رفع الحصار عن غزة بشكل نهائي في زيارة ل"هنية" قبل وقوع الهجوم. ويقول التقرير إنه "ربما يجب أيضاً على إسرائيل التعاون مع حماس، عدوها اللدود. فبعد هجوم 5 أغسطس، كان القادة الإسرائيليين حريصون على إلقاء اللوم في هذا الهجوم على منظمة الجهاد العالمي بدلاً من أن تتهم به حماس وغزة وعلى الرغم من أن مصر لم تفتح معبر رفح بشكل كامل إلا أن إسرائيل أعادت فتح معبرها القريب من "كرم سالم" للتجارة حتى الآن وليس لمرور الناس. ومع تأثير الإسلاميين في سوريا خاصة لو سقط بشار الأسد، فعلى إسرائيل أن تقرر إذا ما كانت تستطيع استيعاب حماس خشية شراسة التيار الإسلامي المتصاعد". التقرير: الأحداث الدامية في سيناء لم تكن في حاجة لإنذارات.. ويجب على إسرائيل ومصر وحماس التعاون