زادت الاضطرابات في مالى بعد أن شهد سكان محليون في مدينة جاو بشمال دولة مالي اشتبكاً مع بعض الإسلاميين الذين يسيطرون على شمال البلاد خلال مظاهرة احتجاج على معاقبة سارق بقطع اليد وضرب صحفي قام بتغطية المظاهرة. وجاءت هذه الاضطرابات على خلفية رجم رجل وامرأة بتهمة الزنا وكانت علامة على الرفض المتزايد لقيام المتشددين الإسلاميين بتطبيق "الشريعة الإسلامية", ويرتبط بعضهم بتنظيم القاعدة ويسيطرون على شمال مالي. مالي دولة كبيرة في المنطقة، إذ تغطي الصحراء الكبرى النصف الشمالي منها وتبلغ مساحتها 1,240,192كم2 وهي ضمن ما يعرف بدول الساحل، وهذه المنطقة تضم بالإضافة إلى مالي كل من النيجر، بوركينا فاسو ونيجريا، يحدها شمالا الجزائر وشرقا النيجر وجنوبا بوركينا فاسو وساحل العاج وغينيا أما من الغرب فموريتانيا والسنغال.وتنقسم مالي إلى ثلاثة أجزاء كل جزاء تحكمه أحد القبائل الثلاث وهم الطوارق، الامازيغ، وقبيلة الهوتسو وقبائل البمبر. تعتدد اللغات معترف بها في مالي والعربية هي إحدى هذه اللغات ويبلغ عدد سكان مالي من العرب ما لا يقل عن ثلاثمائة الف نسمة بحكم قربها من الجزائر وموريتانيا. يذكر إنه بعد إحكام مقاتلي ''حركة تحرير الأزواد'' السيطرة على المدن الثلاث الكبرى في شمال مالي، وهم (تومبوكتو وغاو وكيدال)، تقاسمت ثلاثة تنظيمات وهى (حركة الجهاد والتوحيد القريبه من ''القاعدة''، والتنظيم السلفي المعروف بحركة ''أنصار الدين'') أصبحت جماعات إسلامية تسيطرعلى نحو ثلثيْ مالي، واستطاعت تلك الجماعات السيطرة سريعا على شمال البلاد في أعقاب انقلاب عسكري في 22 مارس الماضى أطاح بالرئيس أمادو توماني توري. وقد دأبت الجماعات الإرهابية على استغلال المثلث الحدودي الرابط ين الجزائر ومالي والنيجر في الفرار من المطاردة، وأصبحت هذه الجماعات تعتمد أكثر فأكثر على مقاتلين محليين ينتمون لقبائل العرب الطوارق والزنوج الموجودين على الأرض في شمال مالي والنيجر. وتكمن قوة القاعدة التي كانت انبثقت عن الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، في معرفتها التامة بشمال مالي حيث تمركزت منذ اقل من خمسة أشهر وفي التدريب الجيد لعناصرها والمال الذي تم جمعه من فديات الإفراج عن رهائن كانت خطفتهم وعمليات تهريب في بلدان الساحل. وقد أقرت الجزائر وموريتانيا والنيجر وبوركينافاسو أو بما يعرف (بدول الميدان) الخطة المكونة من عدة بنود لمواجهة الاضطراب الأمني الخطير في منطقة أزواد، ومنع تمدد الجماعات السلفية الجهادية إلى مناطق نشاط جديدة في كل من موريتانيا والنيجر ونيجيريا وبوركينافاسو. وتتضمن الخطة الأمنية اتخاذ إجراءات أمنية مشددة في الحدود المشتركة بين إقليم أزواد وكل من الجزائر وموريتانيا وبوركينافاسو والنيجر، لمنع تسلل مسلحي الجماعات السلفية الجهادية إلى الإقليم ومنع وصول الأسلحة والتجهيزات إلى المنطقة. ويقول مراقبون إن هذه الخطوة تمثل مؤشرا هاما على التطورات المنتظرة في ملف مكافحة الإرهاب في منطقة صحراء جنوبالجزائر، خاصة وبعد أن أصبحت إمارة القاعدة في شمال مالي على تخوم حدودها الجنوبية. ويضيف هؤلاء المراقبون أن الجزائر تبدو وقد حسمت خيارها لفائدة المبادرة بالهجوم وعدم انتظار الخطر حتى يأتي إلى داخلها، حيث باتت تعتبر أن تجمع مقاتلي القاعدة في شمال مالي يشكل فرصة مواتية للقضاء عليهم بشكل حاسم ودرء خطرهم في مهده. وصادق قادة جيوش دول الميدان المعنية بمكافحة الإرهاب في الساحل بعد مشاورات تواصلت لعدة أشهر، على مخطط أمني للتعامل مع الوضع الأمني المضطرب في منطقة أزواد بشمال مالي التي باتت خارج سيطرة أي حكومة. وقد طالب مجلس الأمن الدولي فرض عقوبات محددة الأهداف بحق المسلحين الإسلاميين في شمال مالي، فيما أبلغ الوسيط الأفريقي جبريل باسولي المسلحين أن عليهم قطع الصلات مع ما سماها "التنظيمات الإرهابية" قبل إمكانية بدء محادثات معهم، معرباً عن قلقه البالغ حيال معلومات مفادها أن "مجموعات مسلحة ترتكب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الشمال، بينها إعدامات تعسفية لمدنيين وعمليات اغتصاب وتعذيب". كما أكدت المسئولة في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا سلمات حسيني سليمان أن هدف ما وصفتها ب"المجموعات الإرهابية" هو توفير ملجأ ومركز تنسيق في شمال مالي لهذه الشبكات الناشطة في القارة الأفريقية، مثل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أو حركة بوكو حرام النيجيرية. وتواجه مالي العديد من المشكلات الاجتماعية، إذ نجد أن معظم السكان فيها أميّون، ونحو 69% من الراشدين لا يعرفون القراءة والكتابة، في حين أن 27% فقط من الأطفال يلتحقون بالمدارس. ومن مشكلات مالي أيضًا تَدنّي المستوى الصحي في البلاد حيث يقل متوسط العمر المتوقع فيها عن 50 سنة، ويموت فيها نحو نصف الأطفال حديثي الولادة، كما تنتشر فيها الملاريا التي تتسبب في أكبر نسبة للوفيات بين الأطفال، بالإضافة الى مشكلات الفقر التى تنتج بسبب أن مالي قطر فقير يشتغل أكثر من ثلاثة أرباع سكانه بالزراعة والرعي، وإن حوالي نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر ويبلغ دخلهم اليومى أقل من 1.25 دولار فى اليوم. Comment *