نشرت صحيفة نيوزويك اليوم، تقريراً مطولاً عن الجنرال السوري المنشق مناف طلاس، ذكرت الصحيفة، أنه منذ أسابيع قليلة مضت رغم كون مناف طلاس عميداً في الجيش العربي السوري، إلا أن اللواء البالغ من العمر 48 عاماً كان معروفا عنه في سوريا أنه الإبن المستهتر لوزير الدفاع السابق، كما أنه من أقرب أصدقاء الرئيس السوري بشار الأسد. تقول نيوزويك أن طلاس الآن ضيفاً في باريس. يقول كريستوفر ديكي ومايك جيجليو كاتبا التقرير عن مناف :"لايوجد أدنى شك أنه شيطان وسيم ويضيف التقرير على لسان عضو بارز في المجلس الوطني السوري وصفه لطلاس بأنه لا يمتلك رجاحة العقل، وهو ما أكده مجموعة كبيرة من المنفيين السوريين. ويضيفون أن الكثيرين من الضباط الكبار المنشقين عن النظام لا تشبه طلاس،ويضيف أحد المعارضين إلى أنهم يؤمنون تماما أن طلاس ما هو إلا مجرد ظل لبشار الأسد، بالاضافه إلى أنه ربما يكون شاذاً جنسياً". وفي الآونة الأخيرة كان طلاس قد احتل العديد من العناوين الرئيسية للصحف، بدءاً من التليفزيون السعودي إلى صفحات جريدة وول ستريت وهو ما يعتبر "أمل كبير للثورة السورية". وتؤكد نيوزويك أن قصة طلاس تكشف عن الكثير من يأس السلطات الغربية والإقليمية التي تحاول أن تحتوي اتساع الهوة في الحرب الأهلية السورية حتى ولو تطلب ذلك تكثيف الجهود السرية لقلب نظام الأسد. وتقول الجريدة أنه مع استقالة كوفي عنان كمبعوث خاص للسلام تابعا للولايات المتحدة والجامعة العربية فقد تأكد انهيار الجهود الدبلوماسية لمحاولة فض النزاع على الأقل في الوقت الحاضر. ومن المفارقات حتى الآن، أن ما يحدث سيزيد من أهمية مناف طلاس. ويقول التقرير على لسان جيمس برينس عضو المعهد الديمقراطي بلوس أنجلوس" أن السؤال الأهم الآن من يمكنه إدارة البلاد الآن؟. بالإضافة لذلك من يمكنه طمأنة الأقليات التي لا ترغب في التعرض للاضطهاد؟ وهذا التساؤل لا يسأل فقط عن الأقلية العلوية والتي كانت الداعم الأساسي لنظام بشار الأسد؛ لكن التساؤل يشمل أيضاً المسيحيين ورجال الأعمال المنتمين للسنة والذين انتعشت أعمالهم في ظل النظام الحاكم. ومن المرجح أن تدعم إيران الأسد حتى النهاية. لكن روسيا ربما تسحب دعمها عن الأسد في حال وجدت محاوراً آخر يمكنه دعم مصالحها هناك. ورغم أن طلاس مبهم إلا أن له لغة موحية حيث قدم نفسه بأنه الرجل الذي يمكنه الحفاظ على المصالح". ويذكر التقرير من حوار ل طلاس في مجلة الشرق الأوسط السعودية في أواخر شهر يوليو أنه قال" سوريا دولة متعايشة بأقليات، وإثنيات مختلفة، وبقوميات تحتاج إلى مساحة آمنة لتعيد تطبيب جراحها التي نزفتها في هذه الأزمة". ويشير التقرير إلى أنه بإلقاء نظرة قريبة على مناف طلاس، فإن "أقاربه وعالم مافيا المؤامرات الذي يحيط بعائلته، يؤكد أنه هناك خليط من الاتصالات والعلاقات المعقدة". وفي ذكر لحياة طلاس يقول التقرير، أنه في نشأته كان محاطاً بدائرة من الأصدقاء الذين كان أبائهم في ذلك الوقت من "المتآمرين بامتياز". يضيف التقرير:"في السبعينات تمكن وزير الدفاع حافظ الأسد من الوصول للسلطة وتمكين حزب البعث من السيطرة على البلاد، وقتها قدم الأسد مصالح طائفته من العلويين والتي كانت مضطهدة من الأغلبية السنية في ذلك الوقت. ولكن الأسد كان حريصاً أيضا حيث ضم بعض عناصر السنة ليكونوا من أصدقائه المقربين وأحدهم كان والد مناف طلاس، مصطفى طلاس والذي شغل لعقود في منصب وزير الدفاع، وأيضاً عبد الخليم خدّام والذي أصبح نائباً للرئيس. وكأحد الأشخاص الأساسيين المعنيين بشراء السلاح فإن وزير الدفاع مصطفى طلاس بنى علاقة ثرية وقوية مع الروس الذين كانوا يمدون بلاده بالسلاح. ولكن لم يكن ينظر لعائلة طلاس بين الدمشقيين على أنهم من النخبة الحاكمة. فإن طلاس الأب كان معروفاً عنه في شبابه بولعه ومطارته للنساء. وكانت من أحد الهدايا المهمة التي يقدمها للمرأة التي يريد التأثير عليها كان سيفاً مصنوعاً بشكل متقن". إحدى هؤلاء النساء كانت كاثرين جراهام مالكة واشنطن بوست والتي ارتبكت تماما بسبب تلك الهدية وعندما غادرت دمشق تركت السيف في غرفتها. في ذلك الوقت ، كان مناف طلاس يبلغ 6 أعوام، وكانت العاصمة السورية مدينة ذات ماض عريق لكن حاضرها ضيق. ويذكر أحد رفقاء طلاس للجريدة"في ذلك الوقت لم يكن يوجد سوى حمام سباحة واحد في دمشق، كان يخص البلدية، وكان الجميع يذهبون هناك للسباحة هناك". وتضيف الجريدة أنه في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي كان "حافظ الأسد قد دعم دكتاتوريته من خلال الإرهاب والتخويف. كان قد خسر في حرب مع إسرائيل عام 1973، ثم خسر قواته الجوية كلها عندما أرسلها للحرب ضد الطائرات الإسرائيلية 1982. ولكنه ظل متمسكاً بالسلطة كما ظل مصطفى طلاس متمسكاً بوزارة الدفاع. وفي عام 1981واجه الأسد تمرداً وليدا بقيادة جماعة الأخوان المسلمين. كان مناف وقتها في سن المراهقة عندما فجرت جماعة الأخوان المسلمون مبنى وزارة الدفاع في دمشق بحي الأزبكية، وراح ضحية التفجير 500 شخص، وكان منهم أكثر من 100 شخص من كبار ضباط الجيش، أغلبيتهم كانوا من الأصدقاء المقربين من والده. وفي العام التالي للتفجير ، عندما قرر الأخوان المسلمون اتخاذ موقف في مدينة حماة، قامت قوات الأسد بتدمير الأحياء كلها فراح ضحيتها على الأقل 10 آلاف شخص. ومراراً وتكراراً فقد كانت ضراوة الرئيس السوري المراوغ تزداد بشراسة. وفي حملة من استنزاف الإرهاب تحالف مع إيران ومع حزب الله، ووقتها لم يحكم سيطرته فقط على لبنان ولكن أيضاً تم شكره على إنهاء الحرب الأهلية هناك". وتابع التقرير "باسل الأسد أكبر أبناء الرئيس الراحل حافظ الأسد في أواخر الثمانينات كان قد برز على أنه ولي عهد الدكتاتور. عرف عن باسل الأسد وسامته وذكاؤه الشديد بالإضافة لقسوته وتهوره. وانتشرت صوره في جميع أنحاء سوريا و لبنان المحتلة . وكنجم سينمائي كان باسل الأسد يجمع حوله حاشيته وكان زميله في الحزب مناف طلاس مرافقاً له كظله وكان بمثابة سكرتيراً خاصاً له". ويضيف التقرير أنه رغم ذلك إلا انه في عام 1994 عندما كانت الأسرة في أوج ثراها، كان باسل الأسد البالغ من العمر 31 عاماً قد مات جراء حادث سيارة بسبب سرعته الجنونية. وكان وقتها أخوه الأصغر بشار الأسد والذي يدرس طب العيون في لندن مطلوب منه العودة سريعاً ليأخذ مكان أخيه كوريث للعرش الدكتاتوري. وتصف المجلة بشار بأنه "أخرق غير عسكري وغير الجذاب لم يمتلك أي من صفات أخيه باسل الأسد، فقط أبقى بعضاً من حاشية باسل بما فيهم مناف طلاس حوله"، وذلك حسب وصف التقرير. وتقول الجريدة أنه ربما "وجد باسل وكذلك بشار الأسد رفيقاً سهل المعشر في شخصية مناف طلاس، ولكن حسب كلام أحد أصدقاء طلاس أنه مناف "كان يشمئز منهم وكان يقول أنهم لا يمتلكون أي أصدقاء ولكن حولهم الكثير من الخدم وهو ما خلق كراهية عميقة داخل مناف حيث كان يشعر أنهم لم يتخذوه رفيقاً ولكن مجرد خادماً لهم". وتعقب المجلة أن شقيق مناف الأكبر ويدعى فراس، كان له عمله الخاص يقوم به مع النظام على مستوى الشرق الأوسط، "لكن على مسافة قليلة منه، وكانت أخته الكبرى نهاد طلاس في هذه الأثناء قد أنشأت إمبراطوريتها الخاصة في الوسط الاجتماعي الفرنسي. لكن مناف طلاس كان وقتها لازال في دمشق، مستمتعاً بمكانته." ويضيف صديق طفولته "كان مناف يحب التباهي والقليلون مما قبلهم فشلوا في التأثير على شغفه بالسيجار الكوبي". وأضاف صديق طلاس لكاتب التقرير:"عندما توفى حافظ الأسد في عام 2000 كان مناف في غاية الحزن، ومناف حذرني من التحدث عن كرهه للرئيس الجديد". في هذا التوقيت كانت "مؤامرات عائلة الأسد تزداد بشراسة، كان بشار الأسد يكافح لإحكام قبضته على سوريا،ووجد أنه من الضروري أن يعتمد على أقاربه وبالأخص الأشد قسوة منه، ومن بين هؤلاء كان أخوه الأصغر ماهر الأسد المعروف بتهوره وكذلك زوج أخته آصف شوكت، وتحت ضغط كبير كان النظام ينقلب على نفسه. ففي عام 1999 قام ماهر الأسد بإطلاق النار على شوكت. وفي 2005 قتل الملياردير رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان وقتها في تفجير استهدفه بالعاصمة بيروت، فيما اندفع مئات الآلاف من اللبنانيين يتهمون الأسد بتدبير الحادث". تضيف المجلة:"في ذلك الوقت كانت العائلة الحاكمة في سوريا تعتمد على العلويين بشكل أكثر من اعتمادها على الولاء العسكري، كما اعتمدت على الشبيحة أكثر من النظام المسلح". ويشير التقرير إلى أن "أمواج الثورات العربية الذي بدأ في تونس ومصر ضربت أنحاء سوريا في لحظة كانت فيها عصبة الأسد وعشيرته مهتزة، وخائفة ومتحفزة، وكان يتم اختبار الولاء باستمرار، ووقتها أصبح مناف طلاس مشتبهاً في ولائه. حيث طلب منه في أواخر شهر يونيو قمع الانتفاضة الثورية في دوما في ضواحي دمشق. ولكنه فشل". ويضيف التقرير:" في بلدة الرستن كانت من أولى المناطق التي انتفضت ضد الأسد، حيث تنتمي عائلة طلاس، وعلى مدار العام، تم تجنيد الكثير من الشباب هناك في الجيش السوري، المئات من هؤلاء الشاب كانوا في الأساس ينوون الانضمام للثورة، ووفقاً للكثير من المصادر، فإن طلاس قد تم إبلاغه بأنه سيقود هجوماً على الرستن، ولكنه رفض". ويؤكد التقرير أن "إستراتيجية الأسد كانت أن يحاول إشراك كل شخص في تلك الجريمة لكن طلاس لم يشارك بها". وتابع:"من حسن حظ مناف طلاس وعائلته أن أخته نهاد طلاس كانت تخطط منذ سنين لصنع منفى "ذهبي" ، وبسبب علاقاتها القوية وصلاتها المتشعبه بأشخاص ذوي نفوذ قوي في فرنسا، وهو ما تؤكده المصادر عن انها من رتبت لخروج طلاس". وتابع:"تجمعات المعارضة ربما تقبل او ترفض فكرة أن يكون مناف طلاس مفيداً، لكن السؤال الذي يهم الآن هو، ماذا يمتلك طلاس ليقدمه لبلاده؟ أو مؤيديه خارجها؟ لم يصرح طلاس إلا ببيان واحد فقط لشبكات تابعة للسلطات السعودية، بالإضافة لحوار واحد فقط لجريدة الشرق الأوسط السعودية. لذا هناك سؤال تفكر فيه السعودية هل طلاس يهتم بالمعارضة السورية حقاً؟ وهل يقرأ أرواقه الخاصة أم من أرواق المعارضة؟ وهل عرض نظاماً بديلاً عن نظام الأسد أم وجوده سيكون مجرد ظلاً مشابهاً لما كانه الأسد؟". وتؤكد النيوزويك أنه خلال الشهر الأول للانتفاضة السورية، كانت واشنطن تتمنى لو أن الأسد بنفسه قدم الشخصية التي الانتقالية من أقاربه أو معارفه، وتنفيذ وعود طويلة مهملة من وعوده بالديموقراطية. وتنقل الصحيفة عن إدوارد ديجرجيان السفير السابق للولايات المتحدة في دمشق قوله:"لقد أعطى المجمتع الدولي والشعب السوري كل الفرص الممكنة لبشار ليقوم بالإصلاحات" ويضيف " واشنطن وباريس والسعودية وقطر كل هذه الدول منحته الفرصة لفعل الصواب، لكن بشار الأسد زعيم ضعيف بطريقة وحشية. وبدلاً من أن يتخلص من قوات الأمن الوحشية التي تحيط به، كان يتم إقناعه بأن الوحشية والقمع هما الطريق الوحيد للبقاء على قيد الحياة". وتنقل الصحيفة كلام طلاس في حواره مع الشرق الأوسط حيث يقول" كان يجب أن يحدث انقلاب منذ اندلاع الأزمة، ولقد تمنيت أن من يقوم بهذا الانقلاب هو الرئيس بشار الأسد بنفسه لصالح الحل السياسي". التقرير: مناف "شيطان وسيم" كان معروفاً بأنه "الابن المستهتر" لوزير الدفاع وأحد أقرب أصدقاء بشار طلب من طلاس أواخر شهر يونيو قمع الانتفاضة في دوما بضواحي دمشق ولكنه فشل ورفض المشاركة في هجوم الرستن المجلة: واشنطن تمنت خلال الشهر الأول للانتفاضة أن يقدم الأسد شخصية انتقالية من أقاربه أو معارفه وتنفيذ وعوده بالديمقراطية العائلة الحاكمة في سوريا اعتمدت على العلويين أكثر من الولاء العسكري كما اعتمدت على الشبيحة أكثر من النظام المسلح معارضون سوريون: الجنرال المنشق ليس إلا ظل للأسد وربما يكون «شاذا»