اعتبرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" أن محاكمة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي وآخرين ستبقى دون معنى ما لم يرجع بن علي إلى تونس لمواجهة التهم الموجهة إليه". وقالت المنظمة في تقرير نشرته اليوم إن محاكمة بن علي التي جرت أمام المحكمة العسكرية في الكاف، بينت الخطوات التي يتعين على النظام القضائي في تونس اتخاذها من أجل محاسبة مسئولي النظام السابق بشكل شامل وعادل على انتهاكات حقوق الإنسان التي تم ارتكابها. وقال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تُعتبر محاكمة بن علي وكبار المسئولين الآخرين خطوة إلى الأمام على مسار تحقيق سيادة القانون، ولكن الحكم الذي صدر سوف يبقى دون معنى ما لم يرجع بن علي إلى تونس لمواجهة التهم الموجهة إليه". وأشار تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" إلى وجود ثغرات قانونية جعلت المحكمة غير مؤهلة بشكل كامل لتحديد هوية الذين ارتكبوا عمليات القتل في تونس وتحديد المسئولية الجزائية لمسئولين رفيعي المستوى، فضلا عن ضرورة عرض تلك القضايا أمام محاكم مدنية، فضلا عن حق بن علي في محاكمة جديدة إذا عاد إلى تونس. وقالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم وكان بن علي قد فرّ إلى السعودية في 14 يناير 2011، ورغم صدور مذكرة توقيف دولية ضدّه إلا أن الحكومة التونسية لم تبذل جهودًا كافية لاسترجاعه من السعودية ومحاكمته. وكانت المحكمة العسكرية قد أصدرت حُكمًا بالسجن المؤبد في حق بن علي بسبب مشاركته في القتل العمد كما ينص على ذلك الفصل 23 من المجلة الجزائية، كما أصدرت حكمًا بالسجن لمدة 12 سنة لنفس الأسباب في حق رفيق الحاج قاسم، وزير الداخلية منذ نوفمبر 2004 إلى 12 يناير 2011. كما أصدرت المحكمة أحكامًا بالسجن لمدة عشر سنوات في حق كل من عادل الطويري، المدير العام للأمن الوطني السابق، وجلال بودريقة، المدير العام لشرطة مكافحة الشغب سابقًا، ولطفي بن زواوي، المدير العام للأمن العمومي سابقًا، ويوسف بن عبد العزيز، عميد سابق في شرطة مكافحة الشغب، وخالد بن سعيد، المدير العام للفرقة المختصة لمكافحة الإرهاب سابقًا، كما أصدرت المحكمة أحكاما أخرى بالسجن تراوحت بين سنة واحدة و15 سنة في حق ستة ضباط من أصحاب الرتب الدنيا بتهمة قتل المتظاهرين. وأشارت هيومان رايتس إلى فشل المحكمة العسكرية في الحصول على أدلة ملموسة على قيام رؤساء العمل بإسداء تعليمات إلى مرؤوسيهم باستعمال القوة القاتلة لقمع الاحتجاجات، وفي غياب أدلة ملموسة قوية وشهادات الشهود، اعتمد المدعي العام وقضاة التحقيق على منطق الاستدلال لإدانة القادة المتهمين. وقال إريك غولدستين "إن الأحكام الصادرة ضد بن علي والمسؤولين الأمنيين الذين عملوا معه تبعث بإشارة تحذير قوية إلى كبار المسؤولين بوجوب توخي اليقظة اللازمة لمنع ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، ولكن يتعين على الحكومة التونسية التحرك بشكل أسرع لاسترجاع بن علي وإعادة محاكمته، وتبني الإصلاحات القانونية اللازمة كي تصبح المحاكمات المستقبلية مستجيبة للمعايير الدولية". Comment *