قالت صحيفة الجارديان فى مقالها الافتتاحى اليوم الاحد أنه أيا كانت النتائج النهائية لانتخابات رئاسة الجمهورية في مصر ، المقرر أن يتم إعلانها اليوم ، فمن الانصاف ان نقول انه لا يوجد أى شئ واحد قد تغير منذ مجيء الربيع العربي فى ظل قبضة الجنرالات على السياسات فى البلاد في مرحلة ما بعد حسني مبارك . وأضافت أن " الدولة العميقة " فى مصر - المتمثلة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة المدعوم من المصالح القوية للنظام السابق في كل من قطاع الأعمال التجارية والاقتصادية ووسائل الإعلام -- تحركت في كل منعطف لتقويض عملية الانتقال الى الديمقراطية . وأشارت الصحيفة البريطانية الى ان الجيش قام بحل البرلمان الذي يهيمن عليه الاخوان والذى تم انتخابه في ما كانت تعتبر الى حد كبير انتخابات حرة ونزيهة . كما واصل الجيش أيضا ملاحقة الشباب الثوريين من خلال المحاكم وبالذخيرة الحية عندما تجرأوا على الاحتجاج ، مما أدى إلى مقتل أكثر من 1000 شخص منذ الثورة . كما قام بقايا النظام السابق فى الحكومة – المعروفين بأسم الفلول -- بملاحقة المنظمات غير الحكومية الأجنبية لتصوير الأجانب على أنهم جواسيس وعملاء محرضين ، بينما يبذل الجنرالات قصارى جهدهم لتقويض صياغة دستور جديد حيث تخشى هذه " الدولة العميقة " من تدخل أى رقابة مدنية فى صفقاتها وتعاملاتها الغامضة ، التى هى ليس أقل من احتكارها لأجزاء كبيرة من الاقتصاد المصري . وتعتبر الجارديات أن السبب وراء هذه التكتيكات هو واضح . فهذه التكتيكات تم تصميمها ليس فقط لحماية المصالح العسكرية الخاصة ، ولكن أيضا لتشجيع حالة من الفوضى ، وبالتالي اقناع الناخبين المصري أن الاستقرار بأي ثمن هو أفضل من الوضع الحالي . كما انه يوم الجمعة حاول الجيش القاء اللوم على جماعة الاخوان المسلمين للالتباس الذى سببته من خلال زعمها مسبقا أن مرشحها فاز في الانتخابات , بينما في الوقت نفسه دافع المجلس العسكرى الحاكم بلا خجل عن الاعلان الدستورى المكمل الذى يحد من سلطة وصلاحيات الرئيس الجديد ويعطى سلطة للجنرالات لسن تشريعات في ظل عدم وجود برلمان ويسمح لهم بدورا رئيسيا في أى مفاوضات دستورية فى المستقبل . ودافع الجنرالات عن كل هذه الخطوات قائلين انها كانت من أجل " مصلحة البلاد " خلال هذه الفترة الحرجة . وأشارت الصحيفة ان لهجة البيان الذي بثه التلفزيون من المجلس العسكري الحاكم كانت لهجة تحذيرية صريحة للمصريين بشأن اين تكمن القوة الحقيقية فى البلاد . وتقول الصحيفة أنه حتى لو - بعد ما يبدو أن هناك من وراء الكواليس مفاوضات بين الجنرالات وجماعة الإخوان – تم اعلان مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي كفائزا ، فإن النتيجة قد تكون بلا معنى . ومن جانبها حاولت جماعة الاخوان المسلمين تشكيل جبهة -- لكن متأخرة -- مع الأحزاب والجماعات الثورية الاخرى في محاولة لمقاومة المناورات الاخيرة للجيش المصرى . وتشير الجادريان انه رغم كل هذا , المجتمع الدولي قد تصرف بأنه على استعداد للتعاون مع الجنرالات ، ورفض التحدث علنا حتى في خضم ما يبدو للكثيرين أنه انقلاب بطئ وناعم . لذلك فكل العواصم الاوروبية تتحمل مسؤولية ما يحدث فى مصر . ولكن الولاياتالمتحدة ، التي تقدم للجنرالات العسكريين 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية سنويا ، هي المذنب الاكبر في هذا الصدد . ومع ذلك فقد كانت هناك دلائل على ان حتى الولاياتالمتحدة ربما بدأ ينفذ صبرها مع عدم استعداد الجنرالات لتسليم السلطة الى الحكم المدني . حيث انه صدرت تحذيرات من وزارة الخارجية الامريكية بأن استمرار المساعدات هو متوقف على التحول السياسي . وتختتم الصحيفة البريطانية أفتتاحيتها بالقول انه نتيجة الصراع الجاري في مصر هى أمر بالغ الأهمية ليس فقط بالنسبة لسكان ذلك البلد القلقين المنهكين ولكن ايضا بالنسبة للمنطقة ككل التي شهدت وعود الربيع العربي تتحول على نحو متزايد الى منافسة مريرة بين لاعبين مختلفين . وأضافت الصحيفة أن فشل الثورة والمرحلة الانتقالية في مصر سيكون له عواقب بعيدة المدى . فالغرب يستطيع ويجب أن يستخدم نفوذه لكبح جماح جنرالات مصر . Comment *