حظيت نتائج الجولة الاولى للانتخابات الرئاسية المصرية باهتمام الصحف الأجنبية التى أعتبرت هذه النتائج انتصارا للقوى التقليدية فى مصر وخيبة أمل للثوريين الذىن كانوا يأملون فى رئيس يعبر عن وجه مصر الثورة الجديدة . فنشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا تحت عنوان " فى جولة الاعادة فى مصر , الاسلام يتنافس مع الماضى" , قالت فيه أن جولة الاعادة لانتخاب أول رئيس منتخب بحرية فى مصر تتشكل باعتبارها منافسة بين اثنين من اقوى وأكثر القوى الاستقطابية في المجتمع المصري: الإسلام السياسي ( محمد مرسى) , أو قيادة الماضي ( أحمد شفيق ) . وترى الصحيفة انه على الأقل في الوقت الراهن ، يبدو أن النتائج تبدد الامال في أن الانتفاضة الشعبية العام الماضي من شأنها أن تفتح طريقا وسطا ، لكى تتجاوز الانقسامات التي أصابت مصر بالشلل بين الخوف من التطرف الديني والخوف من الدولة البوليسية العلمانية .وتشير النيويورك تايمز أن هذه النتائج أثارت تحذيرات قوية يوم الجمعة أما من قيام ثورة مضادة إذا فاز السيد شفيق ، أو من استيلاء الاسلاميين على السلطة اذا فاز السيد مرسي. فكلا المرشحين , اللذان حاولا تقديم رؤية أكثر توحدا , فشلوا في التغلب على الانقسامات العميقة في المجتمع المصري . وتقول الصحيفة أنه على الرغم من أن السيد شفيق لم يعد أبدا صراحة باعادة احياء النظام القديم ، الا انه خاض حملته الانتخابية بإعتباره الرجل القوي الذى سيتخذ اجراءات صارمة ضد الاحتجاجات في الشوارع ويعيد القانون والنظام ويكبح جماح قوة الاسلاميين. لذلك ارتفعت شعبيته من خلال اللعب على مخاوف الناخبين من الجريمة وحالة انعدام القانون ، وعلى مخاوف الأقلية المسيحية في مصر حول تنامي قوة الاسلاميين الذين يسيطرون بالفعل على البرلمان . بينما السيد مرسي فى حملته الانتخابية عاد للنداء الدينى والمحافظ بشكل صريح ، مصورا برنامجه الانتخابي باعتباره مفهوم الإسلام نفسه واعدا بتنفيذ الشريعة الإسلامية . كما ترى الصحيفة أنه على الرغم من أن كلا المرشحين تعهدوا بدعم معاهدة السلام مع إسرائيل ، الا أن جولة الاعادة تحدد خيارا واضحا بين وعود جماعة الاخوان لتوحيد الفصائل الفلسطينية من أجل زيادة الضغط على اسرائيل للاعتراف بدولة فلسطينية وبين تعهدات السيد شفيق للاستمرارية فى مواقف الحكومة السابقة . وتشير الصحيفة الى الإستقطاب الذى حاول كلا المرشحين ممارسته حيث أنه بمجرد أن أصبحت النتائج واضحة ، كلا المرشحين الرئيسيين بدأوا في محاولة للتحول إلى الوسط عن طريق الحشد ضد الطرف الاخر. ففي مؤتمر صحفي الجمعة ليلا ، أعلن مسؤولون في جماعة الإخوان أنهم يدعون " المرشحين الثوريين" الاخرين -- تقريبا جميعهم ما عدا السيد شفيق - الى اجتماع لاجراء محادثات حول تشكيل نحالف ضد رئيس الوزراء الأسبق وحول تقاسم السلطة في حكومة بقيادة جماعة الاخوان المسلمين . وفى الوقت نفسه أنصار السيد شفيق ينشرون رسالة على الهواتف المحمولة تحث الناس على التوحد ضد الإخوان وتترجى الشعب المصرى للتوحد ووضع الخلافات جانبا والذهاب للتصويت لشفيق ليس لأنك تؤمن به ولكن لانها ستكون كارثة اذا أصبحت جميع السلطات ( رئاسة الجمهورية والبرلمان ) فى يد طرف واحد . ورأت صحيفة لوس انجلوس تايمز الى أن المنافسة بين احمد شفيق ومحمد مرسى سوف تحدد عما اذا كانت البلاد سيتم حكمها من قبل الاسلاميين السياسيين أو من قبل العلمانيين الذين ميزوا عهد مبارك . فتقول الصحيفة أنه فى مصر ظهر المرشحان الاثنان الاكثر إستقطابا على رأس جولة الاعادة الشهر القادم التي ستقرر عما إذا كان سيتم حكم البلاد من قبل الإسلام السياسي الصاعد أو من قبل العودة إلى روح العلمانية التي ميزت دولة حسنى مبارك البوليسية . وتوضح الصحيفة أن هذا التنافس الصارخ يجعل من الواضح أنه على الرغم من عام كامل من الاضطرابات ، الا أن ركائز الماضي لا تزال قوية – وتتنافس بقوة حول مستقبل البلاد. فمرسي يمثل المثل العليا الاسلامية لجماعة الإخوان ، التي كانت على مدى عقود أقوى معارضة للنظام القديم . وشفيق هو تجسيد صريح لعهد مبارك ، فهو الطيار السابق الذي يتباهى خلال الحملة الانتخابية باسقاط طائرات حربية اسرائيلية في حرب 1973. لذلك -- تشير الصحيفة – أن نتيجة الانتخابات كانت أنتكاسة للناشطين الشباب ، الذين معظمهم ليبراليين وعلمانيين والذين أشعلوا انتفاضة العام الماضي التي أطاحت بمبارك. هم فشلوا في التعبير عن رؤية محفزة للبلاد التى تتطلع لقيادة جديدة . وتضيف أن نتائج هذه الانتخابات تشير الى أن استطلاعات الرأي لا تعبر بدقة عن التيارات السياسية الموجودة في البلاد التي ظل فيها نحو 40٪ من الناخبين لم يقرروا بعد حتى اللحظة الاخيرة. قال طارق الخولي ، رئيس حركة 6 أبريل الجبهة الديمقراطية ، والتي ساعدت فى قيادة الاحتجاجات المناهضة للحكومة , أن " النتائج كانت محبطة "، وأضاف أن " العديد من الثوار يفكرون في مقاطعة الجولة الثانية .... نحن لا نقبل أي من الرجلين كرئيسا لنا ". قال أحمد خيري ، المتحدث باسم الحزب الليبرالي المصريين الاحرار , " هذا هو أسوأ سيناريو" . ووصف السيد خيرى شفيق بأنه " فاشية عسكرية " ، ومرسي بانه " فاشية اسلامية ". بينما قالت هبة محمد كمال ، عضو جماعة الاخوان المسلمين , " أنا لست مندهشة , فنحن لم نشك أبدا في قدرتنا ولا شعبيتنا في الشارع .... الناس يفهمون كيف ضحى الإخوان من أجل البلاد لأكثر من 80 عاما ." كما تقول لوس انجلوس تايمز أن المفاجآت أتضحت فى الاداء المخيب للآمال لعبد المنعم أبو الفتوح , المرشح الاسلامى الليبرالى الذى كان من المتوقع أن يكون فى المقدمة . فهو احتل المركز الرابع مع ما يقرب من 20٪ من الأصوات ، وكذلك عمرو موسى ، وزير الخارجية السابق ، الذي جاء في المركز الخامس . التحول الاخر الهام الغير متوقع هو الحصان الاسود حمدين صباحي القومى الاشتراكى الذى جاء فى المركز الثالث . وتعتبر صحيفة الواشنطن بوست أن الاختيار بين هذين الاثنين قد ترك قسم كبير من المجتمع المصري يشعر بخيبة الامل والذهول ، لاسيما لأن ولا واحد من الذين وصلوا للجولة النهائية يتم اعتباره كبطل من أبطال الثورة الشعبية في العام الماضي . قال هاني شكرالله ، رئيس تحرير الموقع الالكترونى باللغة الإنجليزية لصحيفة الاهرام التى تديرها الدولة , انه " سيكون هناك الكثير من الناس لن تذهب الى صناديق الاقتراع " . كما اهتمت الواشنطن بوست بتأثير هذه النتائج على مصالح الولاياتالمتحدة , وفى هذا الصدد نقلت الصحيفة الامريكية عن مارينا أوتاواي ، خبيرة شؤون الشرق الاوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي , قولها أنه في حين أن لا احد من المرشحين الرئيسيين يعتبر مثاليا بالنسبة لمصالح الولاياتالمتحدة ، فان المرشحين الذين وصلوا للجولة النهائية بطرق عديدة هما الأسوأ . وقالت أوتاواي أن "شفيق سيسبب مشاكل لأنه قد يكون هناك انتفاضة واضطرابات آخرى . حيث انه سيتم النظر إليه من قبل كثيرين باعتباره عودة للنظام القديم ، وسيتم تقسيم البلاد جدا "، وأضافت أن " مرسي ايضا يتم النظر إليه باعتباره مشكلة في واشنطن – كما أن وجود الكثير من السلطة فى يد جماعة الاخوان المسلمين ، البلاد ستنقسم مرة اخرى ". وتشير الصحيفة الى أن فوز مرسي في الجولة الثانية من شأنه أن يعطي للإخوان شبه احتكار للحكومة الديمقراطية في البلاد ، بعد اكتساحهم في الانتخابات البرلمانية أواخر العام الماضي. لذلك يخشى كثير من المصريين من أن جماعة الاخوان المسلمين سوف تحول البلاد الى دولة اسلامية متشددة على غرارالمملكة العربية السعودية ، كما يعبرون عن شكوك وعدم ثقة بشأن التزام الجماعة بالمثل الديمقراطية . وترى الصحيفة أن سؤال واحد رئيسي بالنسبة لواشنطن إذا فاز مرسي الا وهو كيف ستختار جماعة الإخوان - التي كانت موجودة كقوة معارضة على مدى عقود من الزمان -نظام الحكم والادارة . تعليقا على ذلك قال ستيفن كوك ، وهو زميل الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن , أن " العلاقة الاستراتيجية الكاملة مع الولاياتالمتحدة هى شئ تحدثت ضده جماعة الاخوان لسنوات " , وأضاف أن " هذا التعاون الاستراتيجى قد شمل تبادلات عسكرية وتبادل معلومات استخباراتية ، ووصول لقناة السويس والمجال الجوي " . كما قال كوك " انه من غير الواضح نظرا لطريقة الخطاب مدى الصعوبة لإجراء هذا النوع من العلاقة مع حكومة تحت قيادة مرسي" . لكن ايضا إنتصار شفيق يمكن أن يكون إشكالية بالنسبة لصانعي السياسة في الولاياتالمتحدة . قال ميشيل دن ، وهو محلل فى الشؤون المصرية مصر في المجلس الأطلسي , " قد يكون هناك افتراض بين الجمهور المصري بشكل عام أن الولاياتالمتحدة تريد أن يحتفظ الجيش بسلطة في الحكومة الجديدة بأكبر قدر ممكن " ، واضاف " لكن الأمر ليس كذلك .إذا كان تم أنتخاب شفيق بطريقة متنازع عليها وتتسبب فى خلق مشاكل كبيرة ، هذا ليس في مصلحة الولاياتالمتحدة ايضا . " وتشير الواشنطن بوست ال أنه بالنسبة لكثير من المصريين ، الاختيار الذى سوف يواجهوه في جولة الاعادة هو قاتم . قالت فاطمة إمام ، وهي ناشطة فى مجال حقوق المرأة , " نحن محاصرون بين أصولي و قاتل " , وأضافت " أنا حزينة جدا أن أقول أن الجماعات المدنية الثورية فشلت ". نيويورك تايمز : جولة الاعادة في مصر , الإسلام يتنافس مع الماضي لوس انجلوس تايمز : الماضي في مصر مازال قوياً