نشرت جريدة “كريستيان ساينس مونيتور” الأمريكية تقريراً عن أزمة الغاز المصرية الإسرائيلية اشارت فيه إلى انهيار عقد بمليارات الدولارات لبيع الغاز الطبيعي المصري الى اسرائيل، والذي كان ساريا منذ فترة طويلة، وأعتبرت فسخ العقد تأكيد فعلي على سقوط الرئيس المصري حسني مبارك . من ناحيته وصف شاؤول موفاز زعيم حزب “كاديما” فى اسرائيل، قرار مصر باعتباره “انتهاكا واضحا ” لمعاهدة السلام ( وفي هذا، السيد موفاز مخطئ لأن المعاهدة لم تذكر هذه الصفقة أو أي صفقة غاز اخرى ، فالمعاهدة فقط تدعو إلى “علاقات اقتصادية طبيعية” بين الدولتين ) . بينما علقت صحيفة “هاآرتس” الاسرائيلية اليومية عن قرار مصر بأنه “قد يشكل أيضا انتحاراً اقتصادياً “، لكن في الوقت نفسه سعى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، لتصوير هذه المسألة باعتبارها تجارية وبعيدة عن السياسة، فقال أن ” هذا في الواقع هو خلاف تجاري بين الشركة الاسرائيلية والشركة المصرية “( السيد نتنياهو ايضاً مخطئ، فالحالة السياسية الفوضوية في مصر فى مرحلة ما بعد مبارك تطلبت من الناحية العملية أن تؤخذ هذه الخطوة) . ويظهر تساؤل حول معظم القرارات المصرية في الآونة الأخيرة، وكيف يتم إتخاذها – هل بناءاً على أوامر من المجلس العسكري الحاكم ؟ أم بناءا على مبادرة من أحد كبار المسؤولين في وزارة الطاقة ؟ ولكن هذه هى خطوة كان يتم دعمها منذ فترة طويلة من قبل كل ركن سياسى في مصر. ولكن يرى أغلب المصريون الصفقة باعتبارها سرقة للموارد الطبيعية المصرية لصالح الدولة اليهودية،وبدا هذا واضحاً من خلال التصفيق الكبير للساسة المصريون الذين كانوا يهاجمون صفقة الغاز في حملاتهم الانتخابية . في حين أن المسؤولين المصريين، اصروا على ان هذه هى ببساطة مسألة تجارية، على الرغم من أن صفقة الغاز بين البلدين كانت نتيجة لعلاقة الصداقة بين اصحابها المقربين من الرئيس المخلوع حسني مباركن مما جعل خطوط الأنابيب التي تنقل الغاز الى اسرائيل تهاجم ويتم تدميرها في شبه جزيرة سيناء على الاقل 14 مرة منذ سقوط مبارك من السلطة، على يد “الملثم” . لتصبح صفقة الغاز علامة على السلام البارد الذى تم صياغته في كامب ديفيد، وإن كانت إحتمالات حرب أخرى لا تزال أمرا بعيد الاحتمال، ولكن تظل الحقيقة أن صفقة الغاز هى مسؤولية سياسية في مصر المتغيرة التى تموج فيها المشاعر الشعبية صاحبة القوة الآن. وتبدو شركة شرق البحر المتوسط للغاز (EMG) التعبير الحقيقي عن الشراكة التجارية التي تظهر فوائد وجود أصدقاء لك في مناصب عليا فى الدولة، حيث أن حسين سالم ، المصري الثرى الذى كان يتم النظر اليه على نطاق واسع في الاوساط المختلفة فى القاهرة بأنه رجل الاعمال المقرب لمبارك وعائلته، هو واحد من المساهمين فى هذه الشركة، وقد هرب السيد سالم من مصر مباشرة بعد سقوط مبارك وهو منذ ذلك الحين يقاتل من اجل منع محاولات تسليمه بتهم فساد متصلة بصفقة الغاز . أما يوسي ميمان ، فهو رجل أعمال إسرائيلي له علاقات وثيقة مع رئيس الوزراء الاسرائيلى السابق ارييل شارون ، هو أيضا مساهم آخر فى الشركة، وقد تمكن السيد ميمان من الاستفادة بالاستثمار مباشرة بحصة 12.5 % في الشركة في عام 2008 – من خلال شركة امبل الأمريكية الإسرائيلية ، وهي الشركة التي يسيطر عليها الملياردير اليهودي الأميركي سام زيل. من ناحية اخرى ولكل الاسباب السابقة هاجم جميع المرشحين البارزين لرئاسة الجمهورية في مصر هذه الصفقة، حيث أشاد عمرو موسى، الرئيس السابق لجامعة الدول العربية، بإلغاء التعاقد، قائلا أن صفقة الغاز كان يشوبها الفساد بشكل واضح . ولكن من المتوقع أن تعاود مصر ضخ الغاز إلى إسرائيل عبر صفقة جديدة، وايضاً سيجعل هذا إسرائيل تشرع في إنهاء مشاريع الغاز الخاصة بها، حتى تعتمد على نفسها.