تثير الإجراءات الأمنية التي تنفذها السلطات العراقية في بغداد بهدف السيطرة على الأوضاع لتأمين انعقاد القمة العربية، استياء لدى العراقيين، بعد أن أغلقت أمامهم الطرق بشكل شبه كامل. فقد بدأت السلطات العراقية بتنفيذ إجراءات أمنية مشددة وصارمة لفرض الأمن ومنع وقوع حوادث لتأمين نجاح انعقاد الدورة الثالثة والعشرين للقمة في بغداد في 29 مارس. ومن أجل إنجاح خطتها الامنية، قامت الحكومة بتعطيل الدوام الرسمي من الأحد المقبل 25 مارس حتى الأول من أبريل، ما يجعل البلاد في وضع شبه معطل لحين انعقاد القمة. وتحتشد عشرات وأحيانا مئات السيارات، عند كل نقطة تفتيش خصوصا على الطرق الرئيسية المؤدية إلى وسط بغداد، فيما لايسمح عناصر الأمن بالمرور إلا بعد إجراء تفتيش شامل ودقيق لكل واحدة، الأمر الذي دفع أغلب الناس إلى التنقل سيرا خوفا من التأخر عن العمل وهربا من الانتظار الذي يستمر أحيانا لساعات. ويتساءل أغلب الناس بغضب عن مصير المرضى أو العجزة أو المعاقين وسط أزمة كهذه. كما أدت هذه الإجراءات إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية خصوصا الخضار والفاكهة، ما دفع عدد كبير من الأهالي إلى شراء ما يمكن شراؤه، تجنبا لشحتها وارتفاع أسعارها في الأيام القادمة. وفي منطقة الحرية (شمال) قال أبو حسن صاحب محل لبيع الخضر إن “صعوبة التنقل وارتفاع أسعار النقل دفعنا إلى زيادة أسعار الخضار بشكل كبير”. وأضاف أن “سعر الطماطم او الباذنجان مثلا، ارتفع إلى ألفي دينار (حوالى 1,5 دولار) بعد أن كان خمسمائة دينار (حوالى 45 سنت)” قبل أيام قليلة. ويعد مجمع الرشيد التجاري للخضار والفواكه الذي يقع عند الأطراف الجنوبية لمدينة بغداد، المركز الرئيسي لتبضع أصحاب المحال التجارية. بدوره، أكد مهدي جاسم متقاعد عندما كان يتبضع من أحد محلات الخضار في الكرادة (وسط)، أن “الأسعار تضاعفت بسبب أزمة النقل”. وحمل السلطات المسؤولية قائلا إن “الحكومة والسياسيين يبحثون عن مصالحهم وليس عن مصلحة المواطن”. ويرى منير هاشم وهو في الستين من العمر ومن أهالي الكرادة، أن “القمة لن تثمر عن أي نتائج، فما هي فائدتها للمواطن العراقي؟”. وأضاف أن “الناس تبحث عن ما يخدمها”، متسائلا “ماذا سيتحقق من مجيء الرؤساء العرب؟”. وأكد مهند علي (30 عاما) الذي يعمل بأجر يومي أن “أسعار الخضار ارتفع ثلاثة إلى أربعة أضعاف”. ويرى أن “الأموال التي أنفقت لعقد القمة كان الأفضل أن توجه لتحسين الخدمات”. وقال أحد الباعة اكتفى بذكر اسمه الأول حسن، في مجمع “بلو” لبيع المواد المنزلية والغذائية في الجادرية (جنوب) لفرانس برس “فقدنا نحو 75 بالمئة من زبائننا بسبب الإجراءات الامنية التي فرضت في عموم بغداد”. وبدا المخزن الذي يعج عادة بالزبائن، خاليا تماما. كما دفعت الإجراءات الأمنية، المسؤولين الرياضيين إلى وقف مباريات كرة القدم. وقال طارق أحمد نائب الأمين العام لاتحاد كرة القدم العراقي، لفرانس برس إنه “تقرر تعليق مباريات بطولة الدوري حتى الثالث من أبريل، بسبب الإجراءات الأمنية في بغداد”. وتزامنت الاجراءات مع عيد النوروز رأس السنة الكردية الذي يعتبره أغلب العراقيين فرصة للتنزه في الحدائق مع بدء موسوم الربيع، لكنهم اضطروا هذه المرة إلى البقاء في بيوتهم. ويقول أبو محمد (44 عاما) الذي يعمل سائق سيارة اجرة “أمضيت خمس ساعات للذهاب من منطقة الدورة (جنوب) الى وسط بغداد ونفد كل ما لدي من بنزين في الخزان بينما لا أحتاج لأكثر من نصف ساعة لقطع المسافة ذاتها” عادة. على الصعيد ذاته، انتشرت قوات من الجيش والشرطة الجمعة وقامت بفرض شبه حظر تجول في ساحة التحرير وسط بغداد التي تشهد تظاهرات أسبوعية. كما أغلق جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء المحصنة. ويقول أبو أمير (41 عاما) صاحب محل في ساحة التحرير (وسط) “سنتحمل كل هذه الإجراءات وإغلاق الطرق وقطع الأرزاق، على أمل أن يستطيع العراق الحصول على دعم عربي للخروج من الفصل السابع ومعالجة مشكلة الحدود مع الكويت”. وتابع “عدا ذلك ستكون قمة سيئة”.