القومي للمرأة يهنئ سيدات مصر التي كرمهن الرئيس السيسي باحتفالية عيد العمال    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية كيان وطني لا مجال للمزايدة عليه    الكنائس تحتفل بنهاية أسبوع الآلام "خميس العهد".. تعرف على طقوسه؟    مصطفى كامل يحتفل بعقد قران ابنته    إتمام إجراءات القيد بنقابة المهندسين لخريجي الدفعة الأولى من فرع جامعة كوفنتري    للشهر الثاني على التوالي.. ميتسوبيشي مصر تثبت أسعار سياراتها    "بعد استشهاد طبيب مختطف".. حماس تطالب المجتمع الدولي بمحاسبة الاحتلال    الأونروا تعلن عدم قدرتها على إجلاء المدنيين من رفح وتحذر من سقوط آلاف القتلى    باحث: انشقاق واضح وغير مسبوق داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وتستولي على قرية أوشيريتين    الحكومة: نعمل على توفير السيولة الدولارية لمواجهة أي تحديات اقتصادية إقليمية أو دولية    بعد برونزية آسيا، تعرف على مجموعة العراق في أولمبياد باريس    دلعي ولادك مع أجمل كارتون وأنمي لما تنزلي تردد قناة سبيس تون الجديد 2024    "قبل التصعيد للجهات الدولية".. بيان رسمي من الأهلي بشأن واقعة الشيبي والشحات    حريق هائل بسوق الخردة في الشرقية والدفع ب8 سيارات إطفاء (صور)    جهود لضبط متهم بقتل زوجته في شبرا الخيمة    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لشاب ينقب عن الآثار بأسيوط    بعد عرض 4 حلقات.. كيف علق الجمهور على مسلسل "البيت بيتي 2" ؟    ياسمين الخطيب تصدم الجمهور بسبب تغير أخلاق البنات (فيديو)    زاهي حواس لا يوجد آثار للأنبياء في مصر.. والبعض يدمرنا ليقف بجانب إسرائيل    من هي دانا حلبي التي ارتبط اسمها بالفنان محمد رجب وأنباء زواجهما؟    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    "العلاج على نفقة الدولة" يُطيح بمسؤولة الصحة في منيا القمح بالشرقية (صور)    "أسترازينيكا" تعترف بمشاكل لقاح كورونا وحكومة السيسي تدافع … ما السر؟    خلال احتفالات شم النسيم.. مشروبات احرص على تناولها بعد تناول الفسيخ والرنجة    وزير الرياضة يشهد توقيع بروتوكول تعاون مع جامعة جنوب الوادي    إصابة موظف بعد سقوطه من الطابق الرابع بمبنى الإذاعة والتلفزيون    نجوم الغناء والتمثيل في عقد قران ابنة مصطفى كامل.. فيديو وصور    لمدة أسبوع.. دولة عربية تتعرض لظواهر جوية قاسية    مصرع أربعيني ونجله دهسًا أسفل عجلات السكة الحديدية في المنيا    الأرصاد العمانية تحذر من أمطار الغد    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    رسالة ودعاية بملايين.. خالد أبو بكر يعلق على زيارة الرئيس لمصنع هاير    مدينة السيسي.. «لمسة وفاء» لقائد مسيرة التنمية في سيناء    «المهندسين» تنعى عبد الخالق عياد رئيس لجنة الطاقة والبيئة ب«الشيوخ»    120 مشاركًا بالبرنامج التوعوي حول «السكتة الدماغية» بطب قناة السويس    محمد سلماوي: الحرافيش كان لها دلالة رمزية في حياة نجيب محفوظ.. أديب نوبل حرص على قربه من الناس    «ماجنوم العقارية» تتعاقد مع «مينا لاستشارات التطوير»    ب 277.16 مليار جنيه.. «المركزي»: تسوية أكثر من 870 ألف عملية عبر مقاصة الشيكات خلال إبريل    مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة الباجورية بالمنوفية    فنون الأزياء تجمع أطفال الشارقة القرائي في ورشة عمل استضافتها منصة موضة وأزياء    أدنوك الإماراتية: الطاقة الإنتاجية للشركة بلغت 4.85 مليون برميل يوميا    ندوة توعوية بمستشفى العجمي ضمن الحملة القومية لأمراض القلب    هجوم شرس من نجم ليفربول السابق على محمد صلاح    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    رانجنيك يرفض عرض تدريب بايرن ميونخ    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلفاء واشنطن والانسحاب من الاتفاق النووي.. ترامب وحيداً!
نشر في البديل يوم 11 - 04 - 2018

تقف إدارة ترامب في مفترق تصعيدي مستمر فيما يخص الشرق الأوسط وملفاته المتشابكة المعقدة. هذا المفترق استعد له ترامب بعسكرة إدارته التي باتت إدارة حرب باستدعاء أصحاب الرؤى الأكثر صراحة ومباشرة فيما يخص السياسة الخارجية الأميركية وخاصة في المنطقة؛ فمن البنتاجون إلى الاستخبارات المركزية وأخيراً وكالة الأمن القومي الأميركي أضحى مسئوليها الجدد من أصحاب الخيار العسكري تجاه أي قضية خارجية من كوريا الشمالية إلى الحرب في سوريا والاتفاق النووي الإيراني. فعلى مستوى التصعيد تجاه أياً من الملفات السابقة، وبخلاف التصعيد الإعلامي المستمر حتى كتابة هذه السطور –وأخرها تصريح ترامب على تويتر تجاه روسيا في سوريا وانتظار الصورايخ الأميركية- فإن الملف الأكثر حساسية الذي تتعامل معه الإدارة الأميركية هو الاتفاق النووي، ليس فقط لتداعيات انسحاب الولايات المتحدة منه ومآلات ذلك الميدانية والسياسية في المنطقة والعالم، لكن من جهة ربط ترامب وإدارته الاتفاق بمستقبلهم السياسي في الداخل الأميركي وكذا علاقة واشنطن بحلفائها الأوربيين ومنافسيها في موسكو وبكين.
هذا المتغير الأخير الخاص بعلاقة واشنطن بالدول الأوربية في سياق الاتفاق النووي يتجاوز دوافع الإدارة الأميركية الجديدة تجاه الاتفاق النووي والانسحاب منه، فترامب الذي يهاجم الاتفاق منذ أن كان مرشح واستمر في التملص من تنفيذه منذ يومه الأول في البيت الأبيض وسعي دؤوب لعرقلة استمراره على مختلف المستويات بما فيها سردية الصواريخ الباليستية التي لم تكن ضمن الاتفاق، بات الأن مطالب من حلفائه في المنطقة بفعل ضد إيران يوازن ما حصده من مئات المليارات منهم، والحد الأدنى من هذا الفعل هو الانسحاب من الاتفاق النووي، لكن تداعيات هذا الانسحاب وإن كانت في مصلحة حلفائها في الشرق الأوسط، إلا أنها عكس مصلحة واشنطن على مستوى علاقاتها بالدول الأوربية، وفي توقيت قد يجعل ردات الفعل على هذا الانسحاب الأميركي من الاتفاق غير مأمونة العواقب خاصة في مناخ من الاحتقان والتوتر في السياسة الدولية يشبهه مختصين بأنه "الأسوأ منذ الحرب الباردة".
هنا ينبغي الإشارة إلى أن ما ينتويه ترامب بخصوص الاتفاق النووي لا يمثل شخصه فقط وإدارته ولا حزبه ذي الأغلبية في الكونجرس، لكن يمثل مزاج عام في الدوائر السياسية الأميركية حتى الديمقراطيين منهم، على ضوء المتغيرات الجديدة في الشرق الأوسط وتوابع ما بعد القضاء على داعش، التي يبدو أن واشنطن لا تمتلك فيها اليد العليا التي ضمنتها في السابق بشكل آلي اعتيادي، ما يتوافق بشكل بنيوي مع أزمات ترامب في منصبه الجديد، وكذا يتوافق مع حلفاء واشنطن وعلى رأسهم السعودية وإسرائيل، ليطور ترامب من خطابه تجاه الاتفاق النووي ليشمل على حد قوله "استراتيجية لمواجهة إيران في الشرق الأوسط" على كل الأصعدة والامتدادات، ما ينطوي على مغامرة تليق برجل أعمال شعبوي مثل ترامب يعتمد على العلاقات العامة والإعلام كسياسة وليس أحد أدوات تنفيذها، يرى أن التوافق مع المتحفظين على نهجه في مختلف مؤسسات الحكم في الولايات المتحدة حول مستقبل الاتفاق النووي يشكل في حد ذاته فرصة للهروب للأمام من عقبات وأسئلة داخلية تهدد استمراره في البيت الأبيض.
فعلى الرغم من أن عرقلة الاتفاق وتفريغه من مضمونه من جانب واشنطن يعد مزاج عام هناك وليس مقتصراً على ترامب والحزب الجمهوري مثلاً، إلا أن الخطوة الأميركية أحادية الجانب، والتي ستكون بمثابة انسحاب واشنطن من الاتفاق وليس إلغائه وبقائه سارياً لكافة أطرافه، بمن فيهم حلفاء واشنطن الأوربيين وتحديداً بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوربي، والذين فيما يبدو بإنتظار نصيب من كعكعة المليارات التي حصل عليها ترامب من السعودية –يزور بن سلمان فرنسا حالياً بأولوية إغراء ماكرون بالانسحاب من الاتفاق- وكتعويض لاستثمارات مستقبلية مع هذه الدول التي هرولت شركاتها للاسواق الايرانية فور توقيع الاتفاق النووي.
في هذا السياق، وفي مقال له بصحيفة "واشنطن بوست"، يطرح الدبلوماسي المخضرم والمحلل السياسي الأميركي دينيس روس رؤيته كشخص معارض من الأساس للاتفاق النووي مع إيران، ولكنه يرى أن الانسحاب منه بطريقة ترامب سيكون "انتصاراً لطهران"، مشيراً إلى أهمية التوافق الأميركي الأوربي تجاه خطوة ضد إيران لا تجعل الانسحاب الأميركي ذو تداعيات سلبية على علاقة واشنطن بالقوى الأوربية بالقول: "لم أكن من محبي الاتفاق النووي الإيراني حتى مع فرضه قيود على برنامج طهران النووي، إلا أنها شرعت أيضاً بنية تحتية نووية إيرانية كبيرة من خلال عدم فرض قيود حقيقية على حجم البرنامج أو طابعه بعد عام 2030. وبدلاً من أن ينهي الاتفاق سعي إيران إلى امتلاك أسلحة نووية، أرجأ متابعته. صحيح أن الإيرانيين التزموا بعدم امتلاك أسلحة نووية أو تطويرها، لكنهم ادعوا أيضاً أنهم لم يحاولوا ذلك أبداً، على الرغم من الأدلة الواضحة عكس ذلك".
ويشير روس إلى مخاطر الانسحاب الآحادي لواشنطن بقوله "سيؤدي إلى عزل الولايات المتحدة، وليس الإيرانيين. ولطالما كان الضغط على الإيرانيين أكثر فعالية عندما انضم آخرون إلى الولايات المتحدة. وفي الواقع، شعرت إيران بالضغط حقاً، فقط عندما قرر الاتحاد الأوروبي فرض مقاطعة على النفط الإيراني، وبدأت الجمهورية الإسلامية بالتفاوض بعد أن أعلنت أنها لن تفعل ذلك أبداً طالما كانت خاضعة للعقوبات (..) للأسف، لن يلتزم الأوروبيون بالاتفاق ببساطة؛ وسوف يبذلون قصارى جهدهم لإبقاء الإيرانيين ملتزمين به – بينما يعرف الإيرانيون كيف يستغلون المخاوف الأوروبية. فقد أعلنت طهران بالفعل أنها تستطيع التحرك بسرعة لتركيب أجهزة طرد مركزي جديدة وأكثر فعالية ولن تحد من إنتاجها. ومن المؤكد أن ذلك سيثير مخاوف في صفوف الأوروبيين بشأن ازدياد خطرنشوب حرب ويقودهم إلى تقديم حوافز للإيرانيين للبقاء في الاتفاق النووي. وبالنسبة للذين يقولون أن الإدارة الأمريكية تستطيع الضغط على أوروبا من خلال التهديد بفرض عقوبات على الشركات الأوروبية التي تتعامل مع الإيرانيين، لا تراهنوا على ذلك. ولطالما قاوم الأوروبيون مثل هذه العقوبات الثانوية، ونظراً إلى عدم شعبية ترامب مع الجماهير الأوروبية، فهناك قلة من القادة الذين سيريدون أن يظهروا بأنهم يذعنون للتهديدات الأمريكية. وبطبيعة الحال، سوف تحترس بعض المصارف والشركات الأوروبية من العقوبات الأمريكية المحتملة، مع تأثير سلبي على استعدادها للاستثمار في إيران".
ومن زاوية حليف الولايات المتحدة الأهم في الشرق الأوسط، إسرائيل، وبعيداً عن الاغراءات السعودية للإدارة الأميركية للتعجيل من هذه الخطوة يعرب روس عن قلقه بالقول " قلقي هو من أن يذهب الانسحاب الأمريكي إلى أبعد من ذلك. فمن شأنه أن يخلق وهم التشدد مع إيران دون التأثير عليها. فالخطر الذي تشكله الجمهورية الإسلامية هو توسعها في المنطقة فهي تنخرط عسكرياً في سوريا، والأسوأ من ذلك أن إيران تبدو مستعدة بشكل متزايد للمخاطرة في سوريا. فقد تصرفت على غير طبيعتها عندما اختارت تحدي إسرائيل بشكل مباشر، وليس من خلال أحد وكلائها، عندما أرسلت طائرة بدون طيار لاختراق المجال الجوي الإسرائيلي (..) لقد أوضحت إسرائيل أنها لا تستطيع العيش مع تواجد عسكري إيراني موسع في سوريا، فالإسرائيليون يؤمنون أن ذلك يشمل خطط لتصنيع أنظمة توجيه متقدمة في سوريا ولبنان لأكثر من 120,000 صاروخ تحت حوزة «حزب الله». إن حجم إسرائيل والعدد الصغير نسبياً من أهداف بنيتها التحتية العسكرية والمدنية الحساسة، لا يعني أنها تتمتع برفاهية الانتظار إذا قامت إيران بهذا التحرك. ومن السهل أن ندرك كيف تبدأ الحرب بين الإسرائيليين وإيران/«حزب الله» ولكن استنتاج كيفية انتهائها ليس أمراً سهلاً".
على مستوى السياسات الخارجية لواشنطن، ينطوي الأمر السابق على كثير من المخاطر، أقلها فقد واشنطن لمصداقيتها وضمانتها التقليدية للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ليس فقط أمام المجتمع الدولي، ولكن أيضاً على مستوى قوى كبرى حليفة لواشنطن ترى أن انسحاب الأخيرة من الاتفاق النووي يشكل خطراً على هذه القوى ومصالحها، سواء كانت قوى أوروبية صديقة مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا– أطراف في الاتفاق- ناهيك عن منافسين أو خصوم مثل موسكو وبكين، اللذان يلتزمان مع الدول الأوربية بالاتفاق حتى الأن بإرشاد ومراقبة الأمم المتحدة ممثلة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأقصاها صراع مسلح في منطقة تعج بالصراعات التي يرجى لها تسوية حاسمة لا تحدث، ولكن هذه المرة لن يكون لواشنطن اليد العليا فيها؛ حيث قد يكون لديها المبادرة في إشعاله ولكن لن يكون لديها القدرة على إنهائه بما يتوافق مع مصلحتها، وربما يتطور الأمر إلى فقد أكبر دولة في العالم ليس فقط المصداقية الدولية، ولكن أيضاً النفوذ في الشرق الأوسط، من منطلق أن الفعل الأميركي ممكن تنفيذه لكن رد القوى الحليفة والمنافسة لواشنطن على مثل هكذا خطوة على مستوى اقتصادي وسياسي وربما عسكري غير مضمون وليس في إمكان واشنطن الأن التنبؤ به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.