لم تمنعهن إعاقتهن البصرية من تقديم وإظهار مواهبهن وقدراتهن في الفن والصناعة والرياضة، استكملن إبهار العالم في أول أوركسترا قدمته الفتيات ذوات الإعاقة البصرية، دون مايسترو أو نوتة موسيقية، تمكن من الرسم، واستطعن غزو السوق من خلال معارض لمنتجاتهن، فقط وجدن موطنهن في الاهتمام وتقديم الرعاية داخل إحدى الجمعيات المدنية. ظهرت المواهب الفنية للكفيفات بشكل غير متوقع، وسافر فريق أوركسترا جمعية «النور والأمل» الذي يضم 38 عازفة مكفوفة إلى شتى أنحاء العالم لإقامة الحفلات الموسيقية المتنوعة، كما سطع نجمه داخل حفل «الموسيقى أمل وحياة»، فعلى أوتار الكونترباص والكمان والفلوت وعلى نغمات الموسيقى الغربية والشرقية المتطورة عزفت المكفوفات لحن الأمل والإنجاز بدون عصا أو إشارة من المايسترو. جانب آخر عكس قدرة المكفوفات ومواهبهن في صناعة الخزف والبامبو والملابس والسجاد وأعمال التريكو، وتمكن فتيات قسم البامبو والقش بالجمعية من صناعة أعمال شاركن بها في كبرى المعارض واستطاعت تلك الأعمال المنافسة وغزو السوق في أكثر من مدينة. مشكلات مروة سليمان، إحدى عازفات فريق الأوركسترا، قالت ل"البديل": أهم مشكلة نواجهها هي نظرة المجتمع والناس لنا، وتغيير تلك النظرة لن يتحقق سوى بتحسين صورتنا عبر وسائل الإعلام، لأنه غالبًا ما يظهر الإعلام الكفيف على أنه إما شخص خارق القدرات، أو شخص متسول أو مثير للسخرية، وهذا يتنافى مع الحقيقة، وأضافت أن مشكلة السير في الشوارع بالعصا البيضاء مشكلة أخرى تواجههن ودائما ما يصطدمن بالباعة الجائلين والمقيمين وأصحاب الغرز والمقاهي التي تستقطع من الطريق. أما نورا صبحي، عازفة الكلارينت، فتحدثت ل"البديل" حول مشكلة التعامل معهن عند استخراج أوراق ومحررات رسمية، مطالبة بسن قانون يسهل عليهن الإجراءات، وأضافت بأنها سعيدة بإعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي 2018 عامًا لذوى الإعاقة، وطالبت بإشارات مرور صوتية لتسهيل عبور الطريق على المكفوفين كما في دول أوروبا. وحول المشكلات المتعلقة بالعمل داخل الأوركسترا، قالت نورا، إن كتابة النوتة الموسيقية وطباعتها بطريقة "برايل" أكبر مشكلة، "ففي أوقات كثيرة يستلزم الأمر طباعة النوتة الموسيقية للعازفات ما لا نستطيع توفيره بشكل سريع، كما أن كتابة النوتة تستغرق وقتًا طويلًا فى ظل هذا العدد الكبير للأوركسترا، وأحيانا يكون مطلوبًا منا إقامة حفل في وقت أقل من شهر، في حين نحتاج لوقت أكبر لحفظ المقطوعة الموسيقية". وبحسب نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية ومسؤول الفرقة الموسيقية آمال فكرى، فإن النور والأمل، جمعية أهلية غير ربحية، تأسست منذ 64 عامًا، بهدف رعاية ومنح الفتيات والسيدات الكفيفات حقوقهن، وذلك من خلال الإقامة الداخلية، والتعليم المجاني داخل مدرسة تتبع الجمعية، وبرامج تعلم القراءة بطريقة «برايل»، بالإضافة إلى التأهيل المهني. وأضافت فكري، ل"البديل" أن عملية اكتشاف المواهب الموسيقية للعازفات تتم بواسطة اختبارات دورية للطالبات الكفيفات اللائي يدرسن في المدرسة التابعة للجمعية، وذلك في وقت مبكر، بعدها يتم إلحاق المواهب بفرقة الأوركيسترا، وفي نفس الوقت تدرس طالبات معهد الموسيقى المواد المدرسية المقررة في مدارس التعليم العام بمراحلها المختلفة، أي أنهن يجمعن منذ نعومة أظفارهن بين دراسة مزدوجة.