على نهج داعش يسير النظام التركي بخطى ثابتة في طريق تدمير المواقع الأثرية السورية الواقعة في منطقة عفرين، التي تتميز بوجود أماكن أثرية عديدة تعود إلى عصور تاريخية سحيقة، فقد بثت على مواقع التواصل الاجتماعي لقطات ظهر فيها الجيش التركي ومسلحون سوريون، يدمرون تمثال "كاوا الحداد" أحد معالم الثقافة الكردية. وكأحد الشخصيات المحورية في أسطورة كردية متعلقة بعيد النوروز أو السنة الكردية الجديدة، كان يعمل حداد وقتل "ازدهاك" الطاغية الفارسي الذي استباح الدماء الكردية، وأنهى معاناتهم، وبعد خروجه من قصر الجلاد وصل إلى قمة الجبل المطل على قريته عند حلول الظلام فأشعل نارا وأوصل البشارة إلى قومه بتفوقه على الطاعية وانتصار الحرية ضد الظلم، فبقى إشعال النار بين الأكراد منذ ذلك اليوم إشارة إلى انتصار النور والحرية. لم تكن تلك جريمة الأتراك الأولى، ففي وقت سابق ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات التركية قصفت وبشكل متعمد معبد عين دارة الأثري، الأمر الذي ألحق أضرارا فادحة بالمعبد الذي يعود إلى الحقبة الآرامية وعمره حوالي 3 آلاف عام، فقد تم تدمير 60% من محتوياته بسبب القصف. وأكدت التقارير تعمد الأتراك قصف المعبد رغم عدم وجود مناطق اشتباك قريبة منه، ويضم المتحف الواقع في جيب عفرين، والذي بني في الفترة بين العامين 1300-700 قبل الميلاد، بقايا منحوتات ضخمة من حجر البازلت ونقوشاً على الجدار وأسودا بازلتية ضخمة واستثنائية ولوحات حجرية عليها منحوتات وتبلغ مساحته 50 هكتارا. كما تعرضت منطقة جبل سمعان هي الأخرى إلى هجوم تركي لا يفرق بين أي شيء، ففيها تقع قرى قديمة مدرجة على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، ووفقا لموقع منظمة اليونسكو فإن هذه القرى التي بنيت بين القرنين الأول والسابع تتميز بمناظر حافظت على الكثير من خصائصها على مدى السنين، وتشمل معالم أثرية لعدد من المساكن والمعابد الوثنية والكنائس والأحواض والحمامات العمومية. ومنذ اندلاع الحرب السورية بين النظام السوري من جهة، وبين داعش والمعارضة وتركيا من جانب آخر، تعرضت العديد من المواقع والمباني الأثرية في سوريا إلى تدمير كبير طال بعضها بكاملها، ونهبت العديد من الآثار، ورصدت بعض التقارير أن 758 موقعاً ومبنى أثريا تضرر في سوريا منها 6 مواقع مدرجة على لائحة التراث العالمي، وهي أحياء دمشق القديمة، حلب القديمة، مدينة بصرى القديمة، مدينة تدمر، المدن المنسية، وقلعتا صلاح الدين والحصن. نالت نصيب الأسد من المواقع الأثرية المدمرة محافظة حلب، حيث دمر فيها فقط 280 أثرا، وحل في المركز الثاني محافظة حمص ب114 أثرا، دير الزور 83 أثرا، درعا 77 أثرا، إدلب 54 أثرا، الحسكة 46 أثرا، دمشق وريفها 44 أثرا، اللاذقية أثران، طرطوس أثران، احتلت دور العبادة قائمة الآثار المدمرة ب100 واحدة، يليها 38 سوقا، 22 خانا، 21 قلعة، 13 قصرًا، 11 مدرسة، 10 حمامات، 9 متاحف.