حالة من الغموض تغلف مقتل الضابط محمود رأفت، معاون مباحث قسم الدقي، الذي عثر على جثته فجر الثلاثاء، داخل سيارته ال"إلنترا" فضية اللون، خلف مسرح البالون، وبالتحديد أمام السيرك القومي في شارع النيل بمنطقة العجوزة، وتبين أنه أصيب بطلق ناري في الصدر أحدث فتحة دخول وخروج، حيث اخترقت الطلقة صدره ومقعد السيارة وخرجت من الجهة الأخرى. الواقعة بدأت بتشكيل فريق بحث مشترك من ضباط أمن الجيزة ومفتشي الأمن العام؛ لتتبع خط سير الضابط منذ خروجه من منزله يوم الحادث بمنطقة المعادي وحتى وصوله إلى مكان الواقعة بجوار مسرح البالون، وتبين أنه توجه لمقر عمله في الدقي، وبعدها خرج لمتابعة الحالة الأمنية بالمنطقة، ومع تأخره عن ميعاد الوصول للخدمة، حاول زملاؤه الضباط الاتصال به، فلم يجدوا ردا فاتصلوا بمنزله، لترد والدته التي أخبرتهم أنه غادر المنزل متوجهاً لعمله ولا تعرف عنه شيئا، الأمرالذي جعل زملاءه يرتابون في غيابه المفاجئ، ليتم مسح شامل للمنطقة، حتى العثور عليه مقتولا داخل سيارته بطلق ناري في الصدر. رددت بعض المصادر الأمنية المُجهلة، أن الضابط أقدم على الانتحار، على خلفية العثور على أدوية مهدئة داخل سيارته، والفرضية نسفها أصدقاؤه وزملاؤه المقربون، مؤكدين أن الملازم أول محمود، الذي رقي مؤخرا، شاب هادئ الطباع، دائم الابتسامة، ذو بنيان قوي نتيجة دوامه على رياضة كمال أجسام، ولا يوجد سبب منطقي واحد يدفعه إلى التخلص من حياته بهذه الطريقة. من جانبها، تواصلت "البديل" مع أحد أقارب الضابط "المغدور"، بحسب وصفه، الذي رفض بشدة ادعاءت الانتحار، التي رددتها بعض المصادر بعد دقائق من اكتشاف الواقعة، دون دليل وقبل إجراء تحقيقات النيابة واستباقا لتقرير الطب الشرعي؛ لعدة أسباب؛ أبرزها أن الملازم أول محمود رأفت، شاب رياضي ومقبل على الحياة، ولا يعاني من أي أمراض اكتئاب أو قلب، ورقي منذ فترة قصيرة ليصبح معاون مباحث قسم الدقي بالجيزة، فضلا عن تفكيره في الزواج والبحث عن "عروسة". وأكد المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن جهات التحقيق لم تعثر على المقذوف "الفارغ"، ما ينفي احتمالية الانتحار، متسائلا: "إذا أقدم بالفعل على الانتحار، فلماذا لم يفعلها في بيته، ولماذا ذهب إلى جوار مسرح البالون للتخلص من حياته؟"، كما استنكر سرعة تسريب تصريحات من داخل دائرة الشرطة نقلتها بعض الصحف والمواقع الإخبارية، قبل إجراء تحقيقات مستوفاة من النيابة وقبل تشريح الجثة؛ للوقوف على الملابسات والأسباب الحقيقية حول الواقعة. وأوضح المصدر أن الملازم أول محمود رأفت، من أسرة كبيرة بمحافظة أسيوط، ولها باع كبير في وزارة الداخلية؛ فوالده عميد سابق في مباحث الأموال العامة، وأخوه الأكبر ضابط شرطة أيضا بمحافظة قنا، مشيرا إلى احتمالية أن تكون الواقعة تصفية حسابات تخص أحد ذويه، أو شيء يرتبط بعمله داخل قسم الدقي المليء بالقضايا والملفات الشائكة، في ظل أوضاع أمنية صعبة نعيشها حاليا. شكوك أهالي وأقارب الضابط المقتول عززتها غموض التحقيقات، والتباطؤ في إجراءات التشريح الجنائي، الذي تم بضغوط من أحد أقاربه لسرعة معرفة ملابسات الواقعة.