تمثل المخلفات الزراعية والمنزلية "العضوية" عبئا على الدولة في حالة قيام الأفراد بالتخلص منها بالحرق أو بإلقائها على الطرقات على الرغم من أنها كنوز يمكن أن تصبح مصدر دخل لأصحابها عند تحويلها إلى سماد عضوي يحتوي على العناصر الغذائية الهامة لنمو النباتات، مما يسهم في خفض الكميات المستخدمة من الأسمدة المعدنية الضارة بالبيئة وصحة المواطن. ومن منطلق البيئة المحيطة بمحمد فتحي، الشاب الثلاثيني المقيم بإحدى قرى القليوبية التي تعد من أكثر المحافظات تلوثا لكونها تتخلص من مخلفاتها العضوية بالحرق، قام بالبحث عن وسيلة للاستفادة من المخلفات وتحويلها لمنتج صديق للبيئة، فلفت نظره إحدى الدورات التدريبية التي ينظمها المعمل المركزي للتغيرات المناخية، خاصة بتربية نوع من دودة الأرض وتغذيتها على المخلفات العضوية للحصول على سماد عضوي كمبوست دودة الأرض، فتقدم للدورة وحصل على شهادة بإتمامها، كما حصل على أول عينة من دودة الأرض للبدء في مشروع صغير بأحد أركان منزله. بدأ فتحي في جمع المخلفات العضوية من بقايا الطعام، والمخلفات الزراعية من البيئة المحيطة به، مما لفت انتباه المحيطين به، وأثار تساؤلاتهم حول ما يفعله، مما ولد لديه الرغبة في نقل خبرته ومعلوماته إلى جيرانه، وبالفعل قام بعقد ورش عمل لشرح تجربته ومدى أهميتها للحصول على غذاء صحي باستخدام مخرجات الدودة في زراعة نباتات آمنة، بالإضافة إلى الوقاية من الأمراض والآفات التي تعتبر مقالب القمامة بيئة مناسبة لها. بعد نجاح محمد فتحي، في مشروعه الصغير بدأ في التوسع به وتحويله إلى مشروع اقتصادي لإنتاج سماد عضوي عالي الجودة يمكن استخدامه في زراعة الأسطح، والأراضي الحديثة، لما له من مميزات عديدة، فهو غنى بالعناصر الغذائية الضرورية والدبال حيث يتواجد معظم النيتروجين فى الصورة النتراتية المفضلة لامتصاص النبات بالمقارنة مع الكمبوست التقليدى الذى يتواجد معظم النتروجين فيه فى الصورة الأمونيومية التى قد تسبب أضرارا للنباتات، ويرتفع محتواه من عناصر P, K , Ca, S, Mg علاوة على انخفاض المحتوى من العناصر الثقيلة مقارنة بالكمبوست التقليدى، القدرة على مكافحة الأمراض الفطرية حيث يستخدم منقوع السماد رشًا على النباتات فى مقاومة العديد من الأمراض الفطرية، ويرجع ذلك بصورة أساسية لغنى كمبوست دود الأرض والكائنات النافعة خاصة فى مقاومة فطر البيثيم والفر تسليم وأمراض البياض الدقيقي والزغبي، هو ناجح في مقاومة الذبابة البيضاء والمن والخنافس والعناكب. لم يكتف محمد فتحي، بما تلقاه من خبرات محلية بصدد دودة الأرض، فاطلع على المستجدات وآخر ما توصلت إليه الدول التي قطعت شوطا متقدما في استخدام تقنية الكمر بدودة الأرض فوجد أنها تستخدم في معالجة مياه الصرف لإعادة استخدامها مرة أخرى فى الزراعة لأنها تعمل على خفض تركيز العناصر الثقيلة وخفض درجة حموضة المياه، كما تعتبر تلك التقنية اقتصادية وبيئية عند معالجة الأراضي البور للاستصلاح والزراعة، بالإضافة إلى استخدام فائض دودة الأرض الناتج فى عمل أعلاف مركزات بروتينية لمزارع السمك والدواجن، ويسعى فتحي لنقل تجربة الصين في استخراج دواء لمعالجة سرطان الرئة من بودرة دودة الارض، والتي أعلن عنها مؤخرا.