يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي وجد ضالته التوسعية في الضفة باعتبار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القدس عاصمة للكيان الصهيوني، الأمر الذي منحه ضوءًا أخضر للمضي في مشاريعه مهما قوضت أي فرص للسلام. أمس، صوتت اللجنة المركزية لحزب الليكود بالإجماع على مشروع قرار يلزم الحزب بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة وغور الأردن، وهنا لا يبدو حزب الليكود بزعامة رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، مهتما بوجود الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، كممثل للسلطة الفلسطينية، والمفترض أن يمارس صلاحياته على الضفة الغربية في الحد الأدنى، وحتى في قطاع غزة على اعتبار بوادر الحلحلة القائمة من خلال المصالحة الفلسطينية والتي تسلمت بموجبها حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني والتي أدت اليمين الدستورية عام 2014 أمام أبو مازن، معابر رفح ومنشآت وزارية في القطاع المحاصر. القرار الإسرائيلي جاء بإجماع الليكود، حيث وصل بالأمس، حوالي ألف عضو في اللجنة المركزية لحضور الاجتماع الخاص بالتصويت على مشروع القرار، وصوتوا عليه بالإجماع، ولم يتم الاعتراض على التصويت الذي تم عن طريق رفع الأيدي. ووفقا لقوانين الحزب، فإن قرار مركز الحزب يلزم جميع ممثلي الكتلة في الكنيست والحكومة لدفع الاقتراح كمشروع قانون، ونقلت صحيفة معاريف العبرية عن أحد أعضاء الحزب، نتان انجلسمان، "أن القرار سيكون ملزمًا لممثلي الليكود في الحكومة وفي الكنيست". وفيما يتعلق بالسيادة الإسرائيلية على المناطق التي خصها الليكود بقراره، قال رئيس الكنيست يولي إدلشتاين خلال الاجتماع: "لقد حان الوقت لفرض السيادة، والآن كل شيء يعتمد علينا، والخطوة الأولى لإعلان ترامب سيتم ضم مستوطنة معاليه ادوميم إلى القدس". الوزير حاييم كاتس، رئيس اللجنة المركزية لحزب الليكود، قال إن :"اعتراف مركز الليكود بالضفة الغربيةوالقدس كجزء لا يتجزأ من إسرائيل، وأن تفرض القوانين الإسرائيلية عليها لن نحتاج لأي أمر ما حتى نبني مدرسة وإنارة فوانيس". أبو مازن، الذي حصر تاريخه السياسي بالمفاوضات، يدفع اليوم ثمن تعنت موقفه مع خيارات المقاومة المسلحة ضد العدو الإسرائيلي، فالكيان الصهيوني لا تحترم إلا القوي ويدير ظهره للضعيف حتى لو قدم له العديد من الخدمات المجانية، فالرئيس الفلسطيني كان دائم التنسيق الأمني مع إسرائيل، لكن مواقفه لم تشفع له عند الاحتلال، حيث قالت حركة فتح في بيان لها، أمس الأحد، إن خطوة الليكود ضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، بمثابة نسف لكل الاتفاقات الموقعة، واستفزاز لا يمكن السكوت عنه، كما أنه يشكل انتهاكاً صارخاً لقرارات الأممالمتحدة، ومجلس الأمن الدولي، التي كان آخرها القرار رقم 2334، الذي أكد أن الضفة الغربية بما فيها القدس أراضي محتلة. من جهتها، قالت حركة حماس، إن مشروع القانون المطروح من الليكود "إمعان في سياسة الاعتداء على الحق الفلسطيني استغلالا للمواقف الأمريكية". ويبدو أن إسرائيل في طريقها لتجريد محمود عباس من صلاحياته الرئاسية وحتى التفاوضية، فلا قدس بعد الآن على أي طاولة للمفاوضات، وهو قرار تسعى قوى يمينية كبرى في إسرائيل إلى تشريعه ومنع أي حكومة إسرائيلية من التفاوض على المدينة مع الفلسطينيين، والقدس في نظر إسرائيل هنا "الكبرى" التي تضم أكثر من 100 ميل مربع في محيطها، ويصوت الكنيست الإسرائيلي، اليوم الاثنين، بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع القانون الذي قدمه رئيس حزب البيت اليهودي المتطرف، نفتالي بينت، ووزير شؤون القدس والتراث بحكومة الاحتلال، زئيف إلكين، لمنع الحكومات الإسرائيلية من التفاوض على مستقبل مدينة القدس. وينص مشروع القانون على حظر التفاوض على مدينة القدس أو التنازل عن أي أجزاء منها أو تقسيمها في أي تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين إلا بتأييد غالبية نيابية تصل إلى 80 عضوا من أصل 120 عضوا بالكنيست (أي الثلثين). وأفادت صحيفة هآرتس العبرية، بأن مشروع القانون يسمح بفصل أحياء من القدسالشرقية الواقعة وراء السور الفاصل، وضمها إلى سلطة بلدية إسرائيلية جديدة. ويرى مراقبون أن مشروع القانون الإسرائيلي، حال اعتمده الكنيست، سيهدف إلى التحضير لخطوة مستقبلية تقلص الحدود البلدية للقدس، وإقامة مجلس محلي إسرائيلي غير عادي لا يعيش في نطاقه مواطنون إسرائيليون، بل فلسطينيون يتمتعون بمكانة إقامة فقط، بالإضافة إلى ذلك، فإن مشروع القانون الذي سيتم عرضه اليوم، سيجعل من الصعب نقل أراض من القدس إلى السلطة الفلسطينية في اتفاق مستقبلي. التحركات الصهيونية شملت أيضًا، مليون وحدة استيطانية جديدة ستثبت بموجبها الرؤية الإسرائيلية لتهويد القدس والمناطق المحيطة خلال العقدين المقبلين، وستغير موازين القوى الديموغرافية لصالح اليهود، ما يعني سحب مزيد من الأراضي من أي دولة فلسطينية قد تولد، ليس هذا فحسب، بل تناقش إسرائيل هذه الأيام تشريعا يسمح بفرض القانون الإسرائيلي على المؤسسات التعليمية في المستوطنات بالضفة، ما سيفتح الطريق أمام إعلان السيادة الإسرائيلية على كل المستوطنات. انتقاد موقف أبو مازن المتساهل مع الاحتلال لا يعفي الدول العربية التي كانت تدعم نهجه التفاوضي من مسؤولياتها، فهم الذين اجتمعوا قبل 15 سنة على ألا تطبيع مع الكيان الصهيوني قبل تسوية القضية الفلسطينية، الأمر الذي لم يحدث، ومازالوا مستمرين حتى اليوم في طرح المبادرة العربية التي لم يبق منها إلا اسمها بعد نسف إسرائيل لحل الدولتين واعتبار كامل القدس عاصمة لكيانهم الغاصب.