حاشا لله بالطبع أن أدعوك إلي ذلك.. أو حتي التفكير فيه.. وإنما هي محاولة فهم عن قرب بالفعل كيف يكون التفكير عند الصهاينة.. و كيف ينظرون إليك عزيزي القاريء في العالم سواء كنت قبطيا أو بوذيا أو درزيا أو مسلما أو بلا ديانة أو معتقد. القصة هي إذن اقتراب من الدماغ الإسرائيلية للتبصر والفهم والتفكر لفهم ماذا يحدث لطمس هويتنا.. محاولة للرد علي الإخوة الأشاوس المتسربين بيننا نحن أمة العرب بدعاوي السلام والعيش مع الآخر.. وحقوق الآخر.. وأن لهم في القدس مثلنا .. التعرف – وليس جديدا – علي تخاذل الحكومات العربية .. وسامحني إن تغيّر مزاج سعادتك – غير مقصود بالمرّة تغيير بهجة حضرتك . والردّ علي فرية ..أليسوا أصحاب موسي نبي الله !! .. ونحن نؤمن بالأنبياء جميعا .. وقبيل الرد علي هذه الجزئية بالذات .. سأترك من أفواههم ما يقولونه .. وما يسعي " الصهاينة " لنشره فيما بينهم هو الذي يردّ .. وأترك لك الحكم عزيزي الصبور علي قراءة الكلمات التالية .. و لا أسأل المدافعين عن أصحاب موسي .. ونحن أصحاب من .. أليس لنا نبيّ يسألنا عن ما طبقناه من تعاليمه وما ضيعناه من وصاياه .. قلت لا أسأل , ولن أفعل . أحاول أن أردّ هنا علي من أثموا وتطاولوا علي أنبل فعل صنعه ويصنعه الإنسان منذ ظهوره علي الأرض .. وهو " المقاومة ".. وإليها أعود بعدُ.. بين يديّ كتاب – الترانسفير – الإبعاد الجماعي في العقيدة الصهيونية – ترجمات مختارة من العبرية ، تقديم: د. محجوب عمر – الطبعة الأولي 1990- دار البيادر للنشر والتوزيع ، نقول بتصرف .. تقرأ في مقدمة الكتاب …" يضم 19 مقالا تم نقلها وترجمتها عن الصحف الإسرائيلية في الفترة التي شهدت اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الباسلة والشهور التالية لها ." .إلي أن يصل ل " … وسيجد القاريء أن المقالات تندرج به من داعية صريح لفكرة الترانسفير إلي مناقش لها إلي معارض عنيد كالبروفيسور شاحاك الذي لم يتردد – وهو يهودي – في أن يعيد الفكرة إلي أصولها العقيدية عند اليهود، وأن يبين للقاريء كيف أن فكرة إبادة الشعوب الأخري ونقلها هي جزء من التراث الديني اليهودي ". لاحظ أيها المدافع عن أصحاب موسي … و " الترانسفير … معناها باللغة العربية النقل ، معناها السياسي أخطر بكثير من هذا المعني المحايد، واليهود – علي وجه التحديد هم أكثر الناس في العالم الذين يعرفون المعني السياسي للكلمة .. " والصهيونية الحقيقية ليست أكثر من تاريخ قرن من الزمان من الطرد والمحاولات التي لا تنتهي لإبعاد العرب عن البلاد " ( ملحق عل همشمار 25/11/1988) .. ذلك هو تاريخ الصهيونية الحقيقية . بدأت منذ مطلع القرن في فلسطين بعمليات تهجير مموهة للفلاحين العرب من الأراضي التي كان الهاينة يحصلون عليها بالتدليس ، والتزييف ، وإغراء ملاكها الأجانب ببيعها .. عندئذ يقوم اليهود القادمون من شرقي أوربا بطرد الفلاحين العرب الفلسطينيين من الأرض التي زرعوها وآباؤهم وأجدادهم مئات السنين ، بحجة إقامة مستوطنات يهودية خالصة هي الكيبوتسات التي كانوا يتباهون بإقامتها أمام الأوربيين بدعوي أنهم أول من طبّق الاشتراكية في الزراعة واشتراكيتهم المزعومة هذه قامت علي أساس عنصري هو طرد الفلاحين العرب ، لأنهم عرب ، ولأنهم أصحاب الأرض" .. "ثم جاءت المشاريع الرأسمالية الصهيونية ، ووضعت قاعدة العمل العبري بحيث أُرغم كثير من العمال العرب علي الهجرة والرحيل ، بحثاعن الرزق .. وكان العمل العبري – أيضا – دليلا علي عنصرية الصهيونية التي ادعت أنها حركة علمانية غير دينية ، ثم جعلت من الانتماء إلي اليهودية شرطا للعمل ، ولملكية الأرض، ثم للمواطنة بعد ذلك " .. " عملية الترانسفير الكبري التي تمت بالفعل في فلسطين أو من فلسطين تمت في الأشهر الأخيرة من عام 1947 والأولي من عام 1948 عندما نشبت حرب فعلية بين الشعب الفلسطيني – من جانب وعصابات الصهاينة من جانب آخر ، يحاول فيه الأولون البقاء علي أرضهم وحاصرة التوسع الصهيوني – ويعمل فيها الأخيرون – علي طرد السكان من القري والمدن وجميع المواقع المهمة ..كانت تلك هي الحرب العربية الإسرائيلية الأولي ..علي خلاف ما يذكره المؤرخون وهو أن الحرب الأولي كانت بين الجيوش العربية وجيش إسرائيل ، فتلك كانت – في واقع الأمر- الحرب الثانية التي بدأت متأخرة جدا ، بعد شهور من حرب ضروس ناشد فيها الفلسطينيون الدول العربية أن تزودهم بالسلاح " " مجرد السلاح فلم توفره لهم " !!! .. "إن التاريخ التفصيلي لهذه الحرب العربية الإسرائيلية الأولي يبين كيف نجحت الصهيونية – للأسف في إخفاء أخبارها ، وكيف تم تغييبها عن عمد من ذاكرة البشر لكي تحل محلها أحداث حرب 1948 التي تصور إسرائيل نفسها كحمل وديع هاجمته الذئاب من كل موقع ، ولكنه استطاع أن يهزمها جميعا ، ثم تروج أكذوبة أن الرؤساء والملوك العرب هم الذين طلبوا إلي الفلسطينيين مغادرة أرضهم ، لحين الانتهاء من إسرائيل ، والحقيقة أن الجيوش العربية قد دخلت فلسطين بعد أن كان القسم الأكبر من المهاجرين الفلسطينيين قد اضطروا إلي تركها – بالفعل – إلي حيث تحولوا إلي لاجئين " . " يحصي الكاتب والباحث الفلسطيني إلياس صنبر في كتابه المنشور باللغة العربية مترجما عن الفرنسية " فلسطين 1948 التغييب " أن القيادة الصهيونية – وبالدقة قيادة الهاجاناه وهي واحدة من القوات العسكرية الإسرائلية وضعت الخطة د ، أو" داليت " بالعبرية ، احتلال جميع الحصون البريطانية وجميع القري العربية المجاورة للمستوطنات اليهودية و السيطرة علي جميع طرقها " .. " ومرت أعوام ينصب فيها الزيف الصهيوني في آذان الناس ، حتي صدق كثيرون أن الشعب الفلسطيني قد ترك أرضه – بالفعل – بإرادته .. ثم بدأت الحقائق تظهر ، فلقد تغيرت الظروف ونهض الشعب الفلسطيني منظما نفسه ، وأفرز بين أبنائه قياداته المسئولة ، وبحث الفلسطينيون في خزانة التاريخ فتكشفت الحقائق ، وطرقوا برشاشاتهم وقنابلهم وبطولاتهم ضمائر الناس فتقدم الشرفاء منهم ، يشهدون ويروون الحكايات عن المذابح التي قامت بها القوات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني ، في الأشهر السابقة علي دخول الجيوش العربية إلي فلسطين " " وتبين للناس أنه كما أن أعدادا من الفلسطينيين طردوا ورحلوا من بلادهم فإن الشعب الفلسطيني قدم في سبيل البقاء علي الأرض 14813 مقاوما وهبُوا حياتهم في 1948 لكي تظل أرضهم فلسطينية .. هؤلاء هم الشهداء الذين أمكن تحديد أسمائهم ، وأسماء مدنهم وقراهم الأصلية ، وتاريخ استشهادهم – كما ورد في كتاب (عارف العارف – النكبة ، بيروت وصيدا 1956/1960 ، في ستة أجزاء ، الجزء الرابع ، ص 11 إلي ص221) والذين مضوا دون أن تذكر أسماؤهم لا ريب أنهم أضعاف هذا العدد ، بعد أن توزعت عائلات وقري ، وبعد أن غيّبت سنوات اللجوء الأولي السجلات والوثائق ، وأخفت السلطات العربية الحقائق عن الناس" !!!!!!!!!!!!!!!! – وعلامات التعجب هذه المرة من عندي .. لأن سب السلطات العربية يعاقب عليه قانون سكسونيا هانم .. وأخواتها . – لاحظ هنا عزيزي القاريء الذكي حيلتين لجأ إليهما الصهاينة – الأولي لتبرير مجيء المحتل الصهيوني لأرض فلسطين تحديدا – وللأسف رددها الجهلاء بلا وعي ، والثانية لمحو حروف كلمة فلسطين لغويا من رؤس وأفواه العرب وغيرهم.. إقرأ معي .. " علي طول القرن الماضي وماتلاه من سنوات نعيشها .. وجدت الصهيونية مقولات " أيديولوجية " تبرر عمليات الطرد والإبادة – أولي تلك المقولات – والتي سادت مطلع القرن – " فلسطين هي أرض بلا شعب واليهود شعب بلا أرض" لذا فهم يستحقونها .. (( لا يا شيخ)) ! " القائلون بهذه الفرية لم يكونوا يجهلون أن في فلسطين شعبا ، وأنها بكل المقاييس – في ذلك الوقت – كانت بلدا مسكونا ذا حضارة ، ومعروفا – أيضا – لمن هم خارجه ، فليست فلسطين بقعة مجهولة في التاريخ ولا الجغرافيا ، وليس من المعقول تصور أنه كان في مطلع القرن من يظن أنه ليس في فلسطين شعب .. ربما انخدع بعض اليهود بهذه العبارة ، ولكنهم عندما جيء بهم إلي فلسطين ووجدوها مسكونة وعامرة – لم يتراجعوا ، وإنما أخفوا ضمائرهم – إن كانت موجودة – وراء هذه الكلمات الست " أرض بلا شعب وشعب بلا أرض " ، حتي رأي جابوتينسكي فلسطين – ولم يكن بأي حال من الرعيل الأول للمستوطنين – وأوصي بإبادة سكانها الذين لابد سيموتون بلدغات العقارب والثعابين " .. – مساء الخير أيها المنادي بالسلام والكلام والوئام والحمام .. " تم ترويج فكرة عبرية الأرض وفكرة عبرية العمل ، وكلتاهما مع الفكرة الأولي – تفترض إبادة الشعب الفلسطيني .. حرص الصهاينة منذ البداية علي إنكار وجود الشعب الفلسطيني ، واستعملوا بدهاء شديد كلمة العرب ليصفوا بها سكان فلسطين ، ولم يعترض الفلسطينيون – بالطبع – فهم عرب – ويفخرون بعروبتهم ، ولكن الهدف الصهيوني كان هو إنكار وجود شعب فلسطين ، تمهيدا ليوم ينكرون فيه وجود فلسطين ذاتها كاسم ، وهو مافعلوه عند إعلان دولتهم باسم دولة إسرائيل ومايزالون يفعلونه بالحديث عن أرض إسرائيل الكبري ". وللقائلين والقائلات بحقوق أصحاب موسي أهدي الأقصوصة التالية .. " في اجتماع ضم ضابطا بريطانيا وموظفا يهوديا في حكومة الانتداب البريطانية، تساءل الأول عما إذا كانت الدولة اليهودية لن تواجه الكثير من الاضطرابات الداخلية ، نظرا لكون العرب فيها بعدد المواطنين تقريبا .. فأجاب الموظف اليهودي قائلا : " أوه .. كلا .. إن الأمر سيحل ، إن بعض مجازر محكمة التنفيذ ستخلصنا منهم عما قريب " . – ونتابع رصد الصهاينة الحلقة القادمة ..