حالة من الترقب والإشادة والمخاوف سادت خبراء الإعلام والحقوقيين، بعد إعلان المجلس الأعلى للإعلام الانتهاء من إعداد مشروع قانون حرية تداول المعلومات، بين أهمية القانون في ظل المطالب التي خاضها الوسط الحقوقي والمهتمون بقضايا الرأي والتعبير، والمخاوف من أن يتضمن القانون مواد مطاطة تقيد حرية الوصول للمعلومة. من جانبه أعلن مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام، طرح المشروع للحوار المجتمعي مع الصحفيين والإعلاميين والمجلس القومي لحقوق الإنسان والجهات المختصة المهتمة، وذلك تمهيدًا لإحالته إلى مجلسيى الوزراء والنواب الأسبوع القادم. يقول محمود عثمان، الحقوقي بمركز حرية الفكر والتعبير، ل"البديل" إن الانتهاء من إعداد مشروع قانون حرية تداول المعلومات خطوة إيجابية ومهمة، وكان أحد المطالب الأساسية التى نادى بها جميع المهتمين بحرية التعبير وتداول المعلومات والإعلام بعد ثورة يناير. وأوضح أن حق المواطن في الوصول للمعلومات من مصادرها، كالوزرات والهيئات الحكومية، هو ما يجب أن يكفله القانون الجديد، حيث يلزم كل وزارة بأن توضح في تقارير دورية كل تفاصيل عن قرارتها وأدائها، فمثلاً لا ينبغي بعد تشريع هذا القانون أن تظل القيود مفروضة على دار الوثائق القومية، والتي لا تتيح الاصلاع على المعلومات والوثائق بها إلا للمختصين، وهذا غير قانوني، بل يجب أن تكون المعلومات متاحة لجميع المواطنين. وأضاف أن القانون يجب أن يجرم أي موظف يمتنع عن تقديم المعلومات، ولكن تبقى المخاوف في صياغة مواد القانون، كاستخدام الألفاظ المطاطة والارتكان لعبارات استثنائية، مثل الأمن القومي، والنظام العام، والآداب العامة. وهذه أزمة القوانين، خاصة التى تتعلق بحرية المعلومات والرأي والتعبير، وبالتالي تصبح هذه العبارات بمثابة باب خلفي لتقييد حرية تداول المعلومات والوصول إليها من الأساس. وطالب عثمان البرلمان المصري بأن يقوم بالأداء المرجو منه، الذي ينحاز لحرية تداول المعلومات أثناء مناقشة مشروع القانون، في ظل ممارسات سابقة للبرلمان تثير المخاوف حول إقرار قانون يقيد حرية المعلومات، بما يتوافق مع توجه الدولة التي تسير في اتجاه حجب المواقع وتقييد حرية الفكر والتعبير. بينما أشاد الدكتور سامي الشريف، أستاذ الإعلام بكلية الإعلام بجامعة القاهرة ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون سابقًا، ل"البديل" بدور المجلس الأعلى للإعلام للانتهاء من إعداد مشروع القانون الذي يصب في مصلحة الخروج بمنتج إعلامي مستقل حر، يسعى لنقل الحقيقة، موضحًا أن الإعلام لن يستطيع القيام بذلك إلا إذا توافرت له المعلومات الصحيحة الدقيقة. وأكد الشريف أن منع الإعلامي أو الصحفي من الحق في الحصول على المعلومة من مصدرها الموثق بدقة في التوقيت المناسب كان يؤدي إلى لجوء البعض منهم للشائعات أو الأخبار المغلوطة أو المصادر غير الصحيحة، فتزداد المشكلة التي يعاني منها المواطن مع الإعلام، وهي عدم تحري الدقة ونشر القصص غير الحقيقية. وأضاف الشريف أن الصحفي بهذا القانون سيتكمن من تحقيق السبق، ولكن بدقة وبمهنية، وينتهى عصر غلق المصدر الباب في وجه الصحفي الباحث عن المعلومة، حيث يلزمه القانون بحسم لتوفيرها، لذلك يشكل القانون إحدى وسائل الدفاع عن الدولة المصرية التي تواجه نشر الأخبار المضللة، وتغلق الباب أمام من يحاول هدمها، كما حذر الرئيس، وطالب الإعلام بالقيام بدوره الوطني. وأشار الشريف إلى أن القانون سيحقق طفرة نحو تطور الإعلام المصري، ليشبه نظيره في الدولة الديمقراطية، حيث يتمتع بسلطة كبيرة على صناع القرار، تلزمه بتوفير المعلومات بدقة، وعندما يسأل الإعلامي بالخارج المسؤول، يكون ملتزمًا بالرد على التساؤلات بوضوح، وهو عكس ما يحدث في مصر، التي تشكل عراقيل تدفع الصحفي للجوء لمصادر "بئر السلم"، حتى يحقق السبق في ظل المنافسة الشرسة بين الوسائل الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة. وأعرب الشريف عن أنه يدرك أهمية تداول المعلومات، ولكن يجب أن يوضح القانون بدقة المعلومات والوثائق التي تخص الأمن القومي، وهي خطوط حمراء موجودة في كل دول العالم، وأن يكون القانون واضحًا في تحديد هذه الاستثناءات الممنوع الاقتراب منها، حتى لا تصبح ذريعة للتوسع في حجب المعلومات عن المواطن.