تعد منطقة "الكبريت" بسيناء من المناطق التي شهدت أحداثًا هامة خلال حرب أكتوبر، ونجح خلالها أبطال الكتيبة 603 في أسر أحد أهم القيادات الإسرائيلية الذي اشتهر بجرائمه، وكان يستخدمه الجيش الصهيوني فيما عرف بجرائم الحرب، وهو "شارون" "البديل" التقى عبد الرحمن صادق الشهير بأبو عوف، أحد أبناء قرية زهره التابعة لمركز المنيا، والذي شارك في الحرب بتلك المنطقة، وكان من ضمن الجنود الذين أوقفوا سيارة القيادات الإسرائيلية، وألقوا القبض على من كانوا فيها، والذين تم استبدال آلاف الجنود المصريين بهم، من أسرى حرب 1967، وحكى لنا أبرز ذكرياته في تلك الحرب. يقول صادق: التحقت بالجيش ضمن أقوى الكتائب بسلاح الصاعقة والقوات الخاصة، وهي الكتيبة 603 تحت قيادة الشهيد البطل إبراهيم عبد التواب، والذي كان من أقوى القادة الذين عرفتهم في حياتي، حيث كانت تدريباتنا سرية، وتم نقلها إلى مناطق بعيدة بالإسكندرية، بعيدًا عن أعين العدو، وتدربنا حينها على كيفية العبور المائي بالبحر، وهي تدريبات شديدة القسوة، وتمكنا من إتقان ذلك، لمدة تجاوزت الثلاثة أشهر لم نعرف فيها الراحة، حتى تم نقلنا إلى السويس مع بداية شهر أكتوبر عام 1973. يستكمل المحارب السابق حديثه: كان تمركزنا في منطقة هامة تسمى بالممرات، ثم تم نقلنا إلى المنطقة التي حققنا فيها إنجازات متتالية وهي "كبريت" والتي عرف عنها بأنها منطقة شديدة التحصين، ولا يستطيع أحد من العدو القضاء عليها بكافة الوسائل، إلى أن وصلنا ليوم 6 أكتوبر، وسادت في ذلك اليوم حالة من الهدوء وكأننا في أحد الأيام العادية، إلى أن فوجئنا بإبلاغنا بالعبور قبل الموعد المحدد لذلك بنحو 13 دقيقة تقريبًا، وبالفعل نجحت طائراتنا في ضرب مراكز العدو، وعبرنا إلى قلب سيناء، وهناك بدأ تمركزنا بقوة لبدء اصطياد العدو من خلال عملياتنا التي تدربنا عليها كثيرًا. وأوضح صادق أن الكتيبة 603 عُرفت بكثرة عمليات ما نسميها بالاقتحام، وهي عمليات نواجه فيها العدو بالسلاح الناري، وعمليات الالتحام التي نصطاد فيها العدو بالسلاح الأبيض، حيث كانت تلك العمليات تتم من بعد غياب الشمس وحتى قرب الفجر، وتسببت في حالة من الهلع للعدو، جعلتهم في حالة ارتباك مستمرة، وكان قائد كتيبتنا لا يكف عن يث روح الحماس فينا. "يوم 13 أكتوبر لن أنساه، ولن أنسى إنجازه" قالها والبسمة تعلو وجهه: نجحنا في أسر المجرم سيئ السمعة "شارون"، والذي ترك غرفة عمليات الجيش الإسرائيلي، ونزل للميدان، على رأس فرقة مدرعات؛ للانتقام من قواتنا وكتيبتنا، ظنًّا منهم أن وجوده بينهم سيحقق النصر، إلا أنه فور ظهرهم قمنا باستهداف سياراتهم، فخرجوا منها بشكل سريع، وحاولوا الاختباء ببعض الممرات، إلا أن غالبية القوات هربوا، وتركوا قائدهم وكأنهم لا يعرفونه، وعندما أسرناه وجدناه "شارون" ومعه 2 آخران، كانا لا يتوقفان عن البكاء والصراخ، إلا هو وكأن لسانه شل من الموقف، فقمنا على الفور بتفتيشهم وتجريدهم من الخواتم والأحزمة؛ تحسبًا لاحتوائها على أجهزة تجسس، وسقناهم إلى قائد الكتيبة وسط فرحة كبيرة من المجندين لضبطهم أحياء. "الحلو ما يكملش، وطلقة أصابتني في مخي".. هكذا كان مساء يوم 13 أكتوبر، وتابع: عندما قامت غارة جوية للأعداء في محاولة للانتقام من الكتيبة، أصابتني شظية طلقة نارية، اخترقت الرأس، واستقرت بجوار المخ، وأدت لدخولي في غيبوبة، ولكن قدرة الله ساعدتني في أن أستيقظ وحدي على صوت غارة أخرى، وتمكنت من السير حتى كتيبتي، بعد أن اعتقدوا أنني فارقت الحياة، وتم نقلي مع مصابين آخرين إلى مستشفى السويس، إلا أن العدو الذي لا يعرف الشرف استهدف العديد من سيارات المصابين والإسعاف، التي كانت تسير أمامي وخلفي، ولكننا وصلنا للمستشفى، ثم تم نقلنا لمستشفى المعادي بالقاهرة، وبدأت رحلة العلاج. وأشار صادق إلى أن المشرف على علاجه في مستشفى المعادي كان طبيبة إنجليزية، وقد لقي هو والمصابون رعاية صحية على أعلى مستوى، وكانت زوجة الرئيس السادات تزوره يوميًّا، هو والمصابين وتمازحهم، إلى أن خرج بعد أن زاره والداه ووفد من أهالي القرية، الذين اعتقدوا في بداية الأمر أنه سيفارق الحياة من صعوبة إصابته في الرأس.