استنكرت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، نيكي هالي، في شهر يونيو الماضي، انتقاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إسرائيل، لكن الاتهام الصريح لتل أبيب تكتيك مضى عليه عقود، ويستخدمه مؤيدو الكيان الصهيوني. ازدياد حركة المقاطعة الدولية وسحب الاستثمارات والعقوبات التي تدعو إلى الضغط الاقتصادي على تل أبيب بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، لم يؤد إلا إلى تكثيف استخدام هذا التكتيك المروع، وفي أحسن الأحوال، يتوقع منتقدو سياسات الحكومة الإسرائيلية أن توجه اتهامات لها بفرض معيار غير عادل، في أسوأ الأحوال، يمكن أن ترد إسرائيل بأنها تواجه معاداة السامية، لإبعاد الانتقادات. تستفيد إسرائيل من المحسوبية التي لا مثيل لها، خاصة من جماعات اللوبي المؤيدة لها منذ عقود، كما أنها تحصل على معاملة تفضيلية من الحكومات الغربية منذ سنوات، محصنة من الانتقادات. تنتقد الحكومات الغربيةوالأمريكية والعالم أجمع البرنامج النووي لكوريا الشمالية، لكن لم تنتقد أي حكومة غربية واحدة امتلاك إسرائيل أسلحة نووية، وبالنظر إلى كيفية استجابة العالم لإطلاق كوريا الشمالية صواريخ على اليابان، على النقيض، يتجاهل العالم الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف في سوريا ولبنان. وبدلا من معاقبة إسرائيل على الأعمال التي خاضتها وزعزعة استقرار المنطقة، يتم مكافأتها، حيث تعد أكبر متلق للمعونة الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ومنذ عام 1970، استخدمت واشنطن نصف حق النقض "الفيتو" في الأممالمتحدة؛ لحماية إسرائيل من الإدانة. ترتكب دولا أخرى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لكن الدعوة لمقاطعة إسرائيل تعتبر الأبرز، حيث يتبناها المجتمع المدني الفلسطيني، ويلجأ هنا لاستخدام حجج القانون الدولي، كما أنها تهدف إلى تحديد وتوضيح الانتهاكات الإسرائيلية في حق الفلسطينيين. يشير حلفاء إسرائيل إلى أن نقاد إسرائيل يتجاهلون أزمات حقوق إنسان أكثر إلحاحا، مثل التي تحدث في سوريا، ويجب أن يحل الوضع في سوريا محل الفلسطينيين في إسرائيل، لكن الحقيقة أن الصراع في سوريا بدأ في عام 2011، ومن المأمول أن يتم حله في السنوات القليلة المقبلة، في حين أن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين مستمر منذ 70 عاما، ولا تظهر له نهاية في الأفق. تأتي وتذهب صراعات العالم، لكن يبقى الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ويتفاقم مع تجريف وهدم كل بيت فلسطيني، وبناء وحدات استيطان إسرائيلية غير قانونية بدلا منه. يمارس المجتمع الدولي درجة مجنونة من الصبر مع إسرائيل، ورغم قرار عام 2004 من محكمة العدل الدولية وعقود من قرارات الأممالمتحدة، تواصل إسرائيل ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان دون عقاب، ففي ديسمبر 2016، وبعد ما يقرب من 50 عاما من انتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة، طالب قرار مجلس الأمن الدولي 2334 أخيرا إسرائيل بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووصفها بأنها "انتهاك صارخ للقانون الدولي"، ومع ذلك، اعتبرت تل أبيب القرار، كما لو أن مجلس الأمن قد أصدر ثلاثة إعلانات منفصلة عن توسيع المستوطنات، ففي غضون أسابيع زادت من قرار بناء المسوطنات، مما يدل على التجاهل التام للقانون الدولي. تشارك كندا أيضا في هذه المحسوبية وتحمي إسرائيل من الانتقادات، على سبيل المثال، في عام 2014، قاطعت كندا مؤتمرا للأمم المتحدة لمناقشة أنشطة الاستيطان الإسرائيلية غير المشروعة، ومؤخرا، سمحت الحكومة الكندية ببيع الخمور الإسرائيلية التي تنتج في الضفة الغربية وهضبة الجولان، حيث صنفت الحكومة الخمور على أنها منتجات إسرائيلية، رغم إنتاجها في الأراض المحتلة. لا يمكن لإسرائيل الحصول على كل شيء، فإذا كانت تدعي أنها دولة ديمقراطية تتبع المعايير الليبرالية الغربية، عليها مواجهة فشلها في حقوق الإنسان، أما بالنسبة لمنظمة العفو الدولية أو مجلس الأمن في الأممالمتحدة، فقد صنفوا نقاد إسرائيل وفقا للمعاير التي وضعوها لأنفسهم، أي نقد دون جدوى. المصدر