يمكن أن تكون عملية السلام السورية نموذجًا لروسياوالصين في السعي إلى نزع فتيل الأزمة في شبه الجزيرة الكورية، ومشاركة واشنطن في العملية كونها دولة مراقبة فقط. أحرزت عملية السلام السورية تقدمًا هامًّا، رغم بعض الاختراقات، ولكن روسيا تقود جهود العملية، وتشرك إلى حد كبير واشنطن وإيران وتركيا، والجهات الفعالة الرئيسية الأخرى، حيث اتفقوا على تخفيف حدة الصراع في العديد من المناطق، مما يعد خطوة هامة نحو حل الصراع السوري. قادت سنوات من الفشل إلى الوصول إلى ما هو قائم الآن، حيث إن العملية التي ساعدت إلى حد كبير في تحقيق النجاحات العسكرية السورية على الأرض تمت بمساعدة من القوات الجوية الروسية. تحرض الولاياتالمتحدة على الحرب في سوريا، والهدف من سيطرة روسياوالصين على المحادثات في شبه الجزيرة الكورية منع واشنطن من نشر الحرب والعنف، والمخاطرة بالمواجهة النووية الكارثية المحتملة، وهو ما تريد بكينوموسكو تجنبه. تريد موسكووبكين بدء المحادثات الدبلوماسية مع كوريا الشمالية، ولكن واشنطن رفضت الفكرة، فهي تريد العداء الطويل الأمد تجاه كوريا، وهناك احتمال ضئيل جدًّا في أن تغير إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، موقفها تجاه كوريا. يعد الخيار الوحيد على المدى القريب المضي قدمًا في المحادثات مع كوريا الشمالية دون مشاركة واشنطن، حيث تقود روسياوالصين الجهود الدبلوماسية، وتشركان الأممالمتحدة في هذه العملية؛ بهدف إقناع كوريا الجنوبيةواليابان للانضمام لمبادرتهما. الهدف من السلام هو تحقيق الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، وإذا كانت محادثات آستانة/ جنيف قادرة على تحقيق التقدم التدريجي على مدى شهور في سوريا، فلماذا لا يمكن تطبيقها في جنوب شرق آسيا؟ إذا استطاعت الأممالمتحدة إقناع كوريا الجنوبيةواليابان مع روسياوالصين لتجنب الحرب على شبه الجزيرة الكورية، وهو ما يريده الجميع، ربما سيقود ذلك إلى تحقيق تقدم لنزع فتيل الأزمة. إذا بدأت هذه الدول المحادثات دون إشراك الولاياتالمتحدة، ربما تقرر واشنطن في وقت لاحق المشاركة، خاصة إذا كانت إدارة ترامب على استعداد لفعل ذلك. يعود تأثير العقوبات والتهديدات بنتائج عكسية، مما يشجع بيونغ يانغ على المضي قدمًا لتطوير قدراتها النووية. تريد إدارة ترامب إثارة التوترات الإقليمية وليس نزع فتيلها، لتكون ذريعة لوجودها العسكري الإقليمي الاستفزازي، فهي تصور كوريا الشمالية بمثابة تهديد، ولكنه في الحقيقة غير موجود. تريد كوريا الشمالية السلام وليس الحرب، وكذلك روسياوالصينوكوريا الجنوبيةواليابان وبقية المجتمع الدولي باستثناء الولاياتالمتحدة وعدد قليل من حلفائها، ولكن في هذه المرحلة سيكون من غير المجدي الضغط على إدارة ترامب للتعامل دبلوماسيًّا مع كوريا الشمالية. ويبدو أن مبادرة السلام بين الصينوروسيا هي الخيار الوحيد الذي سيحقق نتيجة، ويعتمد نجاحها على إشراك الأممالمتحدةوكوريا الجنوبيةواليابانيين، وليس من السهل تحقيق هدفها بالنظر إلى سيطرة واشنطن على هذه البلدان والهيئة العالمية. يجب التحايل دبلوماسيًّا على الولاياتالمتحدة لتجنب الحرب على شبه الجزيرة الكورية، فهي فكرة تستحق المحاولة، حيث إن اليابانوكوريا الجنوبية ستتعرضان للضرر، حال تفكير واشنطن في شن حرب على بيونغ يانغ. وقد يكون إنشاء ائتلاف إقليمي لحل النزاعات هو السبيل الوحيد لمحاولة منع الحرب التي لا يمكن تصورها في شبه الجزيرة الكورية، ومن شأن مشاركة الدول الإقليمية ذات الصلة مع الأممالمتحدة أن تمنع الولاياتالمتحدة من الشروع في الحرب، حتى في الوقت الذي تواصل فيه بيونغ يانغ تطوير قدراتها النووية والصواريخ البالستية؛ كونها أدوات ردع ضد العدوان الأمريكي المخيف. المقال من المصدر: اضغط هنا