تلجأ الدول العربية وخاصة الخليجية في تعاملها مع الخلافات أو الأزمات المحيطة، إلى نفاق الدول الكبرى بشراء المزيد من السلاح، وباتت الخزائن العربية سهلة المنال للطامعين من القوى الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، خاصة مع تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط، وجاءت الأزمة الخليجية الأخيرة بين قطر، وكل من السعودية والإمارات والبحرين، لتمثل هدية لصناع السلاح وفرصة للاستيلاء على الأموال المتبقية في الخزائن الخليجية. قطر تتقدم خطوة وقع وزير الدفاع القطري خالد العطية، مع نظيره البريطاني مايكل فالون، في الدوحة، أمس الأحد، على خطاب نيّات بهدف تعزيز التعاون والتبادل العسكري والتقني بين البلدين، وتجلّت أولى نتائجه بصفقة سلاح يقتني بموجبها سلاح الجو القطري 24 طائرة حديثة من طراز "تايفون" بكامل عتادها، وأفاد بيان صادر عن مديرية التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع القطرية، بأن الوزيرين بحثا في اجتماعهما مجالات التعاون العسكري، ولا سيما في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، مضيفًا أن الطرفين استعرضا أهم القضايا الإقليمية. وأفادت وكالة الأنباء القطرية الرسمية، أن رئيس الوزراء القطري عبد الله بن ناصر آل ثاني، أجرى محادثات مع وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، والوفد المرافق له، تناولت عددًا من القضايا الإقليمية والدولية وفي مقدمتها الأزمة الخليجية. الصفقة البريطانية جاءت بعد أيام قليلة من انعقاد مؤتمر المعارضة القطرية الأول فى لندن، الذى جمع مفكرين وأكاديميين وإعلاميين، وقطريين في الخارج، تحت عنوان "قطر في منظور الأمن والاستقرار الدولي"، وهو المؤتمر الذي كشف الكثير من خبايا وأسرار النظام القطري، وحمل العديد من الرسائل السياسية للدوحة، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى التحرك سريعًا لشراء ذمة لندن، وهو الأسلوب المعتاد في التعامل القطري مع أزماتها، حيث سبق أن عقدت قطر عقودا تسليحية ضخمة مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بعد انتقادهما لملف حقوق الإنسان داخل قطر، الأمر الذي دفع هذه الدول إلى غض نظرها عن انتهاكات السلطات، بعد أن تم إسكاتها بالأموال القطرية. الخلافات تنعش الصفقات ضاعفت الأنظمة الحاكمة في العالم العربي الإنفاق على التسليح، في أعقاب ثورات الربيع العربي التي انطلقت في عدة دول عام 2011، واحتلت الدول الخليجية مرتبة أكثر الدول إنفاقًا على السلاح وشراء الطائرات المقاتلة الحديثة في العالم. وأشارت الإحصائيات إلى أن سباق التسلح العربي وصل إلى ذروته منذ بدء الأزمة الخليجية في الخامس من يونيو الماضي، وأبرمت الدول المقاطعة لقطر وعلى رأسها السعودية والبحرين، إضافة إلى قطر، صفقات أسلحة بمليارات الدولارات لتقدم بذلك تلك الدول هدية ثمينة لرواد ترويج السلاح في الشرق الأوسط، وعلى رأسهم بريطانيا وأمريكا. في بداية الأزمة الخليجية وقفت معظم الدول مع المحور السعودي على حساب قطر، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى محاولة شراء ذمم هذه الدول وحشد التأييد لموقفها، فكانت الخزينة القطرية حاضرة لتحقيق هذه الأهداف، وجاءت الدوحة على رأس قائمة مستوردي الأسلحة منذ اشتعال الأزمة، فعقب إعلان الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب موقفه الداعم لدول المقاطعة، سارعت الدوحة في 15 يونيو إلى عقد صفقة تسليح ضخمة مع الجانب الأمريكى، حيث وافق البنتاجون على صفقة شراء قطر لطائرات مقاتلة من طراز إف 15 بقيمة 12 مليار دولار، في اتفاقية وقعها وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، مع نظيره القطري خالد العطية، خلال زيارة الأخير لواشنطن. وفي أغسطس الماضي، وقعت قطر صفقة بقيمة 5 مليارات يورو مع إيطاليا لشراء 7 سفن تابعة للبحرية، وقال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بعد لقائه مع نظيره الإيطالي أنجيلينو ألفانو، في الدوحة: كل السفن ستبنى في أحواض سفن إيطالية، وستبدأ عملية البناء عام 2018، فيما كان لفرنسا نصيب من الأموال القطرية، فعقدت الدوحة مع باريس صفقة ضخمة لإمداد سلاح الجو القطري ب24 طائرة فرنسية مقاتلة من طراز "رافال" بقيمة 7 مليارات دولار، كما شملت الصفقة تدريب 36 طيارًا قطريًا و100 فني على أيدي خبراء من الجيش الفرنسي. بريطانيا.. الحصان الرابح المملكة المتحدة البريطانية كانت في طليعة الدول التي استغلت الأزمة الخليجية جيدًا لعقد أكبر قدر ممكن من صفقات السلاح مع السعودية والبحرين وقطر، خاصة أنها تسعى لتعزيز أرباحها من الصادرات العسكرية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وكشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، عن سعي شركات السلاح البريطانية إلى إذكاء نار الانقسام في منطقة الخليج من أجل عقد صفقات سلاح مع الأطراف المتخاصمة، ووفق التقرير، أدرجت بريطانيا كلًا من السعودية، والإمارات، والبحرين، وقطر، على قائمة الأسواق المربحة لصناعة الأسلحة، التي تتضمن 46 بلدًا بعد أن كان العدد 35 العام الماضي.
