شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة البريكس التي أقيمت بمدينة شيامن الصينية، وشهدت أعمال القمة التاسعة لمجموعة بريكس التي تضم «البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا»، عرضًا لتجارب مريرة لبعض هذه الدول في بداية مسيرتها التنموية متشابهة مع ما يحدث في مصر الآن، فهل يمكن الاستفادة من تجارب بعض هذه الدول التي عانت من تأخر مستويات التنمية، في التعليم وارتفاع معدلات الفقر, وانخفاض قيمة العملة الوطنية أمام الدولار الأمريكي، وارتفاع التضخم وارتفاع مستويات الدين العام، سواء الخارجي أو الداخلي، وضعف معدلات النمو, بالإضافة إلى مشكلة النقص الحاد في الطاقة وتوصيل الكهرباء إلى مساحات كبيرة من البلاد، ومشكلات انتشار الجريمة المنظمة والتفاوت الشديد بين طبقات المجتمع؟ فقد شهدت بعض هذه الدول عدم الاستقرار السياسي واضطرابًا في أوضاعها الداخلية، فماذا فعلت لتصبح نموذجًا يحتذى به للعديد من الدول المتطلعة للتنمية؟ وما هي المجالات التنموية التي انطلقت منها وركزت عليهاظ وكيف واجهت المشاكل التي اعترضتها كي تكون نصب أعين صناع القرار؟ قال الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، إن الاستفادة من تجارب هذه الدول أمر مهم، حيث ارتكزت تجارب التنمية في بعض هذه الدول على الأولوية باتجاه التصنيع، كضرورة حتمية لتحقيق معدلات عالية في النمو, والتركيز على الاقتصاد المعرفي والقيمة المُضافة، بالربط بين التعليم والبحث العلمي ومجالات الصناعة, إضافة إلى التركيز على الخدمات المالية، بالتوازي مع سياسة تجارية مدروسة؛ من أجل البناء الاقتصادي. وأضاف عامر ل«البديل» أن الحكومة البرازيلية توسعت في الزراعة، وخاصة قصب السكر، وأيضًا استخراج الفحم، وذلك لزيادة صادراتها من المواد الخام؛ للحصول على عملة أجنبية تسهم في دفع مستحقات الدين الخارجي، وتبنت رؤية اقتصادية أكثر انفتاحًا على الاقتصاد العالمي، واستخدمت سياسة خارجية نشيطة للدخول في تحالفات وتكتلات جديدة بعيدًا عن الولاياتالمتحدة، مثل منتدى أبسا مع الهندوجنوب إفريقيا، وكذلك تحالف البريكس مع الصين وروسيا والهند، ثم جنوب إفريقيا، وهو الأمر الذى ساعد على زيادة الصادرات البرازيلية، ومن ثم زيادة الاحتياطي الأجنبي. وأكد أن البرازيل خفضت سعر الفائدة من 13.25% إلى 8.75%؛ من أجل توفير تسهيلات ائتمانية، وهو ما سهل الإقراض بالنسبة للمستثمرين الصغار، و أدى إلى تسهيل إقامة المشاريع الصغرى، وتوفير فرص عمل، ورفع مستوى الطاقة الإنتاجية والنمو، مما ساهم بشكل عام في حل مشكلة الفقر. وتشير الأرقام إلى أن نصف سكان البلاد زاد دخلهم خلال العقد الأخير بنسبة 68%. وتابع «تُقدم التجربة البرازيلية تصورًا عن حل المشكلات المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والفقر، يرتكز على مراعاة حقوق الطبقات الغنية، ليس فقط باعتبارهم جزءًا من مواطني الدولة لهم كافة الحقوق، وإنما أيضًا من باب أن حماية حقوق المستثمرين ورجال الأعمال المحليين والأجانب تؤدي إلى انتعاش الأسواق وزيادة فرص العمل، وهو ما يصب في النهاية لصالح النمو الاقتصادي بشكل عام، وتحسين حالة الطبقات الفقيرة بشكل خاص، مع التأكيد أنه لا يمكن إغفال ضرورة وجود برامج للإعانة الاجتماعية إلى جانب قرارات مباشرة من الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور؛ لضمان ألا يصب النمو الاقتصادي فقط في مصلحة الأغنياء، ومن ثَم يؤدي إلى توسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، كما حدث في معظم دول العالم منذ التسعينيات». وعن تجربة الصين التي يجب أن تستفيد منها مصر، أوضح أن تجربة الصين اتبعت سياسة تعدد مستويات الجودة في مجال التصنيع، فضلًا عن الاهتمام بالقطاع العام والخاص معًا، مشددًا علىأن الأهم في امتلاك قطاع عام هو كيفية إدارته بكفاءة، مع أهمية امتلاك استثمارات محلية مشتركة بين القطاع العام والخاص. وأشار إلى أهمية أن تبذل مصر جهودًا في دراسة أسواق دول مجموعة البريكس؛ في محاولة لتكوين تحالف استراتيجي كبير من التصنيع؛ للاستفادة من تجارب الدول الناجحة في المجال الصناعي، وجلب الاستثمارات، مشيرًا إلى أن حجم استثمارات دول المجموعة في مصر يصل إلى 2 مليار دولار، وهو حجم استثمارات ضعيفة جدًّا بالمقارنة باستثمارات دول المجموعة الخمسة في الخارج. واختتم أن استقرار الأداء الاقتصادي ونجاح سياسة التنويع الاقتصادي وزيادة الاعتماد على الدول المختلفة تساعد في زيادة النمو والتنمية الاقتصادية، بعد أن صارت سياسة الدول تقوم على قاعدة الأحلاف والسيطرة على الشعوب ونهب خيراتها ووضع العقبات أمام نهضتها واستقلالها.