على الرغم من ضرب سوريا والعراق تنظيم داعش الإرهابي في مقتل من خلال مداهمة جحورهم في كلا البلدين وتحرير معاقلهم هناك، فإن هذا التنظيم الإرهابي لا يزال يعبث في بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا، التي لا تكاد تستفيق من حادث إرهابي حتى تصطدم بآخر، الأمر الذي يعكس تغير استراتيجية داعش من التمدد الجغرافي في بعض الدول إلى الانتقام السري من حلفائها القدامى. انفجار جديد ضرب أحد أكثر وسائل المواصلات حيوية في العاصمة البريطانية لندن، صباح أمس الجمعة، وأعلنت شرطة لندن أن التفجير الذي وقع في مترو أنفاق العاصمة، في محطة "بارسونز جرين"، وأسفر عن حالة من الهلع بين الركاب، هو حادث إرهابي، حيث عثر على دلو به أسلاك في عربة القطار الذي شهد التفجير، وقيل إن القنبلة كانت موضوعة داخل محفظة تبريد متروكة قرب أحد أبواب العربة، وأوضح كبير ضباط مكافحة الإرهاب مارك رولي، أن شرطة لندن تجري التحقيق في الهجوم بدعم من هيئة استخبارات "MI5″، فيما خرج تنظيم داعش ليقطع الطريق على تكهنات الشرطة البريطانية، حيث أعلن مسؤوليته عن الهجوم الإرهابي الذي استهدف مترو الأنفاق. لا تزال الحصيلة الدقيقة لعدد المصابين في الحادث غير معلنة، إلا أن مسؤولين بريطانيين أعلنوا ارتفاع حصيلة التفجير الإرهابي من 22 إلى 29 جريحًا، حيث تدافع مئات الركاب خارج محطة المترو عند سماع صوت الانفجار، وقال شهود عيان إن البعض أصيب جراء التدافع، فيما علق المئات من الركاب داخل القطارات، وقالت خدمة الإسعاف في بريطانيا إن عددًا من الأشخاص أصيبوا بحروق واختناقات جراء الانفجار. من جانبها، أعلنت هيئة النقل في لندن عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، عن توقف الخدمة بين محطتي مترو "إيرلز كورت" و"ويمبلدون"، كما نصحت الشرطة الأهالي بالابتعاد عن منطقة محطة "بارسونز جرين"، بينما انتشرت سيارات الإسعاف بمحيط المحطة غرب لندن، وفرضت الشرطة طوقًا أمنيًا في منطقة محطة القطار والمنطقة السكنية المحيطة بها، فيما أعلنت الشرطة رفع درجة التأهب الأمني من "شديد" وهي ثاني أعلى درجة إلى درجة "حرج" وهي الدرجة القصوى، وتعني توقع حدوث هجوم وشيك. على جانب آخر، أكدت مصادر أمنية تحديد هوية المشتبه به، وأوضحت المصادر أنه تم التعرف على شخص يعتقد أنه متورط في تدبير التفجير في محطة "بارسونز جرين" الواقعة غربي لندن، عن طريق دراسة تسجيلات كاميرات المراقبة، فيما أعلنت الشرطة البريطانية بعد ساعات، أنها اعتقلت شابًا يبلغ من العمر 18 عامًا في بلدة دوفر السياحية بمقاطعة كنت جنوب شرق البلاد، للاشتباه بصلته بتفجير مترو الأنفاق، وقالت الشرطة، في بيان اليوم السبت: قمنا باعتقال مهم في إطار تحقيقنا هذا الصباح، وأضاف البيان: مع أننا مرتاحون للتقدم الذي أنجزناه، إلا أن التحقيق مستمر، ومستوى الخطر لا يزال حرجًا. من جانبها، أعلنت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، تضامنها مع المصابين في التفجير، وقالت: أفكر في المصابين في محطة بارسونز غرين وفرق الطوارئ، التي تتحرك مرة جديدة بسرعة وبشجاعة للرد على هذا العمل الإرهابي، وأضافت: كامل المواساة مع الجرحى في محطة بارسون جرين، فيما دعا رئيس بلدية لندن صادق خان، إلى التزام الهدوء قائلًا إن "المدينة لن تشعر على الإطلاق بالرعب أو الهزيمة من جراء الإرهاب، مضيفًا: يحاول أشخاص حقيرون استخدام الإرهاب للمساس بنا وتدمير نمط عيشنا، لكن لن نسمح أبدًا بترهيبنا أو هزيمتنا من جانب الإرهاب. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دخل على خط الحادث الإرهابي ليزيد الضغوط على بريطانيا، ووصف ترامب، المشتبه بهم وراء حادث لندن بأنهم "إرهابيون خاسرون كانوا تحت مرأى ومسمع من شرطة سكوتلاند يارد"، وأضاف في تغريدة أن هؤلاء مرضى ومسعورون، ووبخ السلطات البريطانية قائلًا إنها "يجب أن تكون استباقية وبذيئة"، وزعم الرئيس الأمريكي أن بلاده "حققت الكثير من التقدم خلال الشهور التسعة الماضية في محاربة داعش مقارنة بسلفه". تغريدات ترامب أثارت غضب العديد من المسؤولين في لندن، وردت شرطة العاصمة على تغريدة الرئيس الأمريكي قائله إن "أي تكهن لا يساعد"، فيما وبخت رئيسة الوزراء البريطانية الرئيس الأمريكي، وقالت ماي: لا أعتقد مطلقًا أنه من المفيد لأي أحد التكهن حول ما يخضع للتحقيق حاليًا". بعد ساعات من المناوشات الأمريكية البريطانية، أجرى الرئيس الأمريكي اتصالًا هاتفيًا مع رئيسة الوزراء البريطانية، معربًا لها عن تعاطفه على خلفية التفجير الإرهابي، وتعهد بمواصلة التعاون الوثيق مع بريطانيا لوقف الهجمات التي تستهدف المدنيين الأبرياء في أنحاء العالم، وفقا لبيان صادر عن البيت الأبيض، فيما قال مستشار الأمن القومي الأمريكي هربرت ريموند ماكماستر، إن تغريدة ترامب كانت تهدف للتعبير عن أن جهود إنفاذ القانون في السنوات القليلة الماضية تتركز على الإرهاب.