شهد الأسبوع الماضي مجموعة من الحراك الدبلوماسي المصري في العديد من القضايا الإقليمية ذات الأبعاد الدولية، فمصر فعّلت ملف المصالحة الفلسطينية في ظل الحديث عن صفقة تحضر عالميًّا لتصفية القضية الفلسطينية، كما شاركت في اجتماع لندن حول ليبيا في ظل التنافس الفرنسي الإيطالي على هذا الملف، بالإضافة لاستمرار خلاف الدول المقاطعة مع قطر والذي حاولت الإدارة الأمريكية مؤخرًا احتوائه لكن دون جدوى. المصالحة الفلسطينية في الوقت الراهن تبحث مصر مع وفدين لحماس وفتح الفلسطينيين سبل إتمام المصالحة، حيث يتواجد وفد مركزي من حركة حماس يقوده رئيس الحركة، إسماعيل هنية، في القاهرة منذ يوم السبت الماضي، من أجل التباحث مع الجانب المصري حول مجمل الوضع الفلسطيني وعلى مختلف الأصعدة "السياسية، المصالحة، الأمنية، الإنسانية، وما يتعلق بفتح معبر رفح". سبقت هذا اللقاء لقاءات أخرى بين الجانبين، وكانت في شهر رمضان الماضي، وقبل ذلك في شهر يناير بداية هذه السنة، وتوجت هذه اللقاءات باللقاء الذي جرى يوم الاثنين الماضي، مع الوزير المصري، اللواء خالد فوزي، حيث استغرق ملف المصالحة الفلسطينية 60% من وقت اللقاءات بحسب مسؤول من حماس. وبذلك تعود من جديد عجلة المصالحة الفلسطينية للدوران على وقع محادثات القاهرة، والاستعدادات التي أبداها وفد حماس لحل اللجنة الإدارية لقطاع غزة. الوفد وفي بيان وزعه المكتب الإعلامي للحركة، أكد استعداده لحل اللجنة الإدارية فورًا، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها وإجراء الانتخابات، على أن يعقب ذلك عقد مؤتمر موسع للفصائل الفلسطينيةبالقاهرة؛ بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني بالضفة والقطاع والقدس، ثم يتم تحديد مواعيد واضحة لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني فلسطيني وفق اتفاق القاهرة مايو 2011. من جانبها اعتبرت قيادة حركة فتح تصريحات حماس الأخيرة ذات أهمية، وأعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إرسال وفد إلى القاهرة لاستجلاء الأفكار المطروحة لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، الأمر الذي دفع وفد حماس لتمديد زيارته في القاهرة، حيث كان من المفترض أن ينهي الزيارة أمس الخميس، لكن بناء على طلب الجانب المصري مددت حماس زيارتها، خاصة بعد الحديث عن وصول وفد لحركة فتح إلى القاهرة اليوم الجمعة، وسيلتقي بالجانب المصري يوم السبت المقبل. ولا يتفاءل بعض المحللين الفلسطينيين بالحوار بين حماس وفتح في القاهرة، وسبب ذلك هو أن المنهج هو ذاته، حوار ثم لقاء في القاهرة ثم عودة فاختلاف، وهذا الأمر يتكرر على مدار العشر سنوات السابقة، بنفس الأشخاص المتحاورين وبنفس الأطروحات وبنفس العروض والمناورات، وهذا الأمر خطير؛ لأن فلسطين أمام استحقاقات خطيرة للغاية، فهناك لقاء سيتم بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وأبو مازن، وقد يعرض ترامب على عباس فيه أقصى ما لديه وهو استمرار الحكم الذاتي على الضفة الغربية مع بعض التحسينات، كما سيدور الحديث عن إلغاء حل الدولتين. الجدير بالذكر أنه جرت حوارات عديدة بين فتح وحماس لم تثمر بالمصالحة، حيث تم توقيع اتفاق القاهرة عام 2011 لكنه لم يطبق، واتفاق الشاطئ 2014 ولم يطبق، وتفاهم بيروت يناير 2017 وذهب أدراج الرياح، بالإضافة إلى المبادرة القطرية التي لم تطبق هي الأخرى. لم يقتصر دور القاهرة على ملف المصالحة، حيث تم التطرق لملف تبادل الأسرى بين حماس والكيان الصهيوني، ورحب وفد حماس بالدور المصري في هذا الملف، خاصة أنه جرت صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011 برعاية مصرية، وتطالب حماس الكيان الصهيوني بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في هذه الصفقة، حيث تنصل الكيان من التزاماته في صفقة 2011م، وأعاد اعتقال 54 أسيرًا، كانوا قد حرروا، وتطالب حماس بتحرير هؤلاء الأسرى، ثم تبدأ بالمفاوضات غير المباشرة مع تل أبيب حول من عند حماس من أسرى صهاينة. اجتماع لندن شارك سامح شكري، وزير الخارجية، أمس الخميس، في الاجتماع السداسي الذي عقد في لندن بشأن الأزمة الليبية، بحضور مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا غسان سلامة. وقال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة استعرض أبرز تطورات الملف الليبي على الصعيدين الأمني والسياسي، وعرض رؤيته بشأن الاجتماع القادم المزمع عقده على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 سبتمبر الجاري في نيويورك، وأضاف أن الحضور اتفقوا على أهمية دعم جهود المبعوث الأممي الرامية إلى حلحلة الأوضاع في ليبيا. ويرى مراقبون أن خطورة هذا الاجتماع أنه قد يحد من الدور المصري في ليبيا، وأن أجندة الاجتماع قد تكون متوافقة مع تصريحات سابقة لوزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، قال فيها "إن الأزمة الليبية تتنازعها الأجندات الإقليمية، وإن اجتماع لندن خصص لكبح جماح اللاعبين الإقليميين المثيرين للاضطرب في ليبيا". وعلى هامش الاجتماع عقد وزير الخارجية مباحثات ثنائية مع وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، كما عقد مباحثات مع نظيره الإيطالي، أنجلينو الفانو. وتسعى مصر للعب دور في ليبيا نتيجة أن هذا البلد حدودي لمصر وأي تحركات عسكرية وأمنية قد تنعكس بالسلب على أمنه القومي، وهذه الأهمية انعكست في زيارة شكري للجزائر، حيث التقى الوزير المصري، عبد القادر مساهل وزير الخارجية الجزائري، يوم الثلاثاء الماضي، وذلك في إطار المشاركة في أعمال الدورة العادية رقم 148 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، حيث تبادل الوزيران خلال اللقاء التقييم حول مستجدات الأزمة الليبية. اجتماع وزراء الخارجية انفعل سامح شكري، وزير الخارجية، على مندوب دولة قطر في الجامعة العربية، بشأن ما ردده خلال اجتماع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية الذي انطلق يوم الثلاثاء الماضي. ووصف شكري ما قاله مندوب قطر ب«مهاترات وحديث غير ملائم وعبارات متدنية»، متهمًا الدوحة بدعم الإرهاب، وشدد شكري على أن مصر لها الحق في الحفاظ على مصالحها واتخاذ جميع الإجراءات التي يكفلها لها القانون الدولي، لافتًا إلى قيمة مصر التي يمتد عمرها إلى أكثر من 7 آلاف عام، وقال إن مصر تتصرف بمسؤولية، معتبرًا أن كلام مندوب قطر خارج لا يجب أن يثار وغير مقبول، تصريحات شكري الأخيرة تشي بأن الأزمة الخليجية قد تستمر لشهور دون أن تجد طريقها للحل.