يبدو أن إسرائيل لن تتمكن من تحقيق نجاح آخر في إفريقيا تسعى إليه خلال شهر أكتوبر المقبل، فالقمة التي كانت تستعد للمشاركة فيها غرب القارة الإفريقية وفي توجو تحديدًا ألغيت، أو بالأحرى أجلت إلى أجل غير مسمى، بناء على طلب من رئيس توجو فوري جناسينجبي، والتي كان من المفترض أن تجمع 54 دولة إفريقية في العاصمة لومي، في الفترة من 23 إلى 27 أكتوبر المقبل. وكان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قد استطاع في العام الماضي أن يجمع حوله في كامبالا عاصمة أوغندا، قادة ومندوبي 9 بلدان في شرق القارة، وقبل 3 أشهر لفت الأنظار ثانيةً بحضور قمة في ليبيريا لبلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المعروفة اختصارًا ب"إيكواس". بررت توجو التأجيل بضيق الوقت اللازم للتحضير للقمة، وأشار الرئيس جناسينجبي، إلى التجهيزات الكبيرة والتخطيط المعقد الضروري لضمان نجاح الحدث الهام وأضاف أنه "تحدث مع نتنياهو قبل اتخاذه القرار"، فيما يرى مراقبون أن إلغاء القمة الإفريقية الإسرائيلية له أسباب داخلية متعلقة بتوجو نفسها، وأسباب خارجية تتعلق بضغوطات لإلغائها. فمن ناحية الأسباب الداخلية حاولت صحيفة "هآرتس" العبرية التبرير بأنّ رئيس جمهورية توجو يُواجه حاليًا تظاهرات حاشدة تنظمها المعارضة ضدّ سلطته، وبالتالي قرّر إلغاء القمة، وتابعت الصحيفة قائلةً إنّ جناسينجبي أبلغ قراره لنتنياهو، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ القرار يأتي على خلفية الأزمة السياسية في توجو، وتضعضع الاستقرار في الدولة. الوضع الداخلي في توجو قد لا يكون مربط الفرس، بحسب مراقبين، فالمظاهرات ضد الرئيس التوجولي ليست وليدة اللحظة، ويطالب المتظاهرون بإصلاحات دستورية أهمها الحد من عدد الولايات الرئاسية، وتحديدها باثنتين، وإجراء انتخابات من دورتين، وتولى الرئيس جناسينجبي الرئاسة قبل 12 عاماً بدعم من الجيش، خلفاً لوالده الجنرال جناسينجبي الذي بقي في السلطة لحوالى 40 عاماً، ما أدى إلى تظاهرات عنيفة قمعت بقسوة، وأعيد انتخاب جناسينجبي في عامي 2010 و2015 في اقتراعين شككت المعارضة في نزاهتهما بشدة. ما يؤكد أن الوضع الداخلي في توجو لم يكن السبب الرئيسي لإلغاء القمة، أن صحيفة هآرتس نفسها قالت إن إلغاء القمة صفعة دبلوماسية لنتنياهو صاحب شعار "إسرائيل تعود إلى إفريقيا وإفريقيا تأتي إلى إسرائيل"، وهذا يعني أن الصحيفة العبرية تشير إلى أن هناك تحفظات عند بعض الدول الإفريقية التي مازالت تحافظ على مسافة في علاقاتها مع هذا الكيان المحتل. نتنياهو كان واثقا بأنه سوف يلتقي مع العديد من القادة الإفريقيين الذين يريدون تحسين العلاقات السياسية والإقتصادية مع إسرائيل هناك، وهي الثقة التي تراجعت قليلًا هذا الشهر، ما يشير بوضوح إلى أنه مازالت هناك دول إفريقية ترفض التجاوب المطلق مع إسرائيل، وللمفارقة فهذه الدول الإفريقية ليست عربية، وكانت لدى جنوب إفريقيا الرغبة في عرقلة القمة. لم يكن العرب أيضا بعيدين عن إلغاء القمة الإفريقية الإسرائيلية، حيث تحدثت بعض المصادر الإعلامية عن دور فلسطيني ومغربي لإجهاضها، وحتى سوريا كانت لها لمساتها حول هذا الموضوع، وأشار نائب وزير الخارجيّة السوريّ فيصل المقداد، أنّ دمشق كلّفت جميع سفاراتها في إفريقيا بإجراء الاتصالات اللازمة لمواجهة الاختراق الإسرائيليّ للقارّة السمراء.